"سيارة الأزمات".. مبادرة "المريس" بالأقصر لخدمة مرضى الأورام والفشل الكلوي
كتب-محمود عبدالرحمن:
مساء الأربعاء الماضي، تلقى أحمد عوض اتصالًا هاتفيًا من أحد المقيمين بقريته "المريس" التابعة لمركز الطود بمحافظة الأقصر، يستفسر منه عن مواعيد تعاطي حفيدته "سلمى" المصابة بالسرطان جرعات الكيماوي، لإدراج اسمها في كشوف الحالات المزمنة التي ستنقلها سيارة الأزمات من منازلهم إلى المستشفيات والعودة بهم مرة أخرى.
سيارة الأزمات مهمتها خدمة مرضى الأورام والفشل الكلوي، اشتراها أهالي القرية بالتبرعات في بداية العام الماضي بهدف دعم ومساعدة المرضى غير القادرين من أبنائها، وكانت البداية مبادرة أطلقها بعض شباب القرية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مع بداية المواجهة الأولي من كورونا، بهدف توفير الأدوات المستخدمة لتعقيم المنازل والشوارع والمؤسسات داخل القرية، كنوع من الإجراءات الاحترازية منعًا لتفشي الوباء، "لما قولنا الناس تتبرع للتعقيم ناس كتير تبرعت ولمينا فلوس كتير "يقول بغدادي محمود، أحد الشباب القائمين على المبادرة، ما دفعنا للبحث عن أفكار خدمية أخرى، وتمويلها من المبالغ الفائضة من التبرعات التي جمعت من أجل التعقيم.
"جت لينا فكرة أننا نشتري عربية للمرضى"، ويستكمل بغدادي صاحب الـ30 عامًا، وعلى الرغم من التكلفة المرتفعة وصعوبة تدبير باقي ثمنها، فالأمل موجود، وهو ما تحقق بعد 4 أشهر، حيث تجاوزت التبرعات 100 ألف جنيه، هو ما شجعنا لاستمرار في جمع التبرعات، "شوفنا عربية مستعملة بس بحالتها واشترناها"، موضحًا أن مالك السيارة عند علمه بالمبادرة قام بسداد تأمينات السيارة وما عليها من مخالفات دعما للمبادرة.
"الحالة ضيقة جدًا والمبادرة دي لطف من ربنا بينا"، يقول أحمد، جد الطفلة "سلمى" التي لا يتعدى عمرها 5 سنوات، فالجد الذي يتجاوز عمره الـ55 عاما، يذهب برفقة ابنته وطفلتها مرتين أسبوعيًا إلى مستشفى الأورام بمدينة طيبة بالأقصر، منذ اكتشاف إصابتها بمرض السرطان، وينفق في المرة الواحدة 600 جنيه أسبوعيًا، للسيارة التي تنقلهم من محل إقامتهم بقرية المريس إلى مستشفى الأورام بمدينة طيبة التي تبعد ساعة عن القرية التابعة لمركز الطود بالأقصر "كل مرة عربية خاصة عشان بتكون تعبانة جدا خاصة بعد الجرعة".
"أنا على باب الله كفاية علينا معاناة المرض"، يستكمل الجد أحمد الذي ليس له مصدر دخل ثابت نظرًا لعمله اليومي المتقطع، ويتحمل مصاريف علاج حفيدته سلمى ووالدتها عقب انفصالها عن زوجها بجانب مصاريف أسرته المكونة من خمسة أفراد "زوجته و4 أولاد"، جميعهم في مراحل التعليم المختلفة "أبو سلمى لم يسأل عنها أو يصرف عليها منذ تطليق والدتها قبل ثلاث سنوات".
ويقوم حاليا القائمون على المبادرة بحصر مرضى الفشل الكلوي والسرطان وغيرهم من المرضى كبار السن، الذين لا يستطيعون الحركة، كما يروي البغدادي، ويتضمن الحصر بيانات المرضى ومواعيد تلقيهم الجرعات في المستشفيات، حيث توجد 4 مستشفيات بالمحافظة "أرمنت، الأقصر العام، والدولي، والأورام "كل اللي يعرف حالة بيقول وكمان هنروح المستشفيات الأربعة نعرف بقية الناس".
"أهالي المرضى ظروفهم وحشة جدًا والمواصلات تكلفة عليهم"، يقول محمود، الذي يرى الخير موجودا في أهالي القرية والكل يساعد على قدر استطاعته، فهناك أشخاص أعلنوا تبرعهم بشكل دوري بتحمل راتب سائق السيارة والوقود الذي تستهلكه بصفة مستمرة.
فيديو قد يعجبك: