خلال 25 يومًا.. رحالة سعودي يسلك طريق الحج القديم على الجمل (حوار)
كتبت- شروق غنيم:
قبل أربعة أعوام، اختمرت الفكرة داخل عقل الرحالة السعودي عثمان الشاهين؛ خاض مغامرات مختلفة في الترحال، لكن أمنية بداخله كانت الذهاب إلى مكة المكرمة عبر طُرق الحج القديمة. في حواره مع موقع مصراوي، يروي الرحالة الخمسيني استعداداته للرحلة، ما هي الصعاب التي واجهته خلالها، كيف غيرت منه جسديًا وروحيًا.
وقبل 25 يومًا، انطلق الرحالة السعودي عثمان الشاهين، ممتطيًا الجمل في رحلة عبر طرق الحج القديمة، قاطعًا حوالي أكثر من 657 كم من مقر سكنه خميس مشيط في منطقة عسير جنوب غرب المملكة العربية السعودية إلى مكة المكرمة وصولًا إلى مكة المكرمة، لأداء مناسك الحج والطواف.
منذ كانت الفكرة بداخل الشاهين، وقرر التحضير لها بكل الطرق، خاض رحلة للطريق نفسه عبر السيارة أكثر من مرة حتى يستعد لها بكافة الأشكال، فيما أخذ في قراءة كتابًا يحكي عن مسارات الطريق ومعالمه الأثرية "هذا طريق الحجاج من قبل الإسلام، وهو الطريق الذي ذهب أبرهة الحبشة منه إلى مكة، لا يزال يوجد في الأرض علامات لرحلته". يقول الرحالة السعودي لمصراوي.
من أجل تزويد نفسه بمعلومات أكثر، قرأ كتاب عن منظومة الحج بشكله القديم للمؤلف الرداعي "يحكي عن المنطقة في القرن العباسي أي في عام 324 هجريًا، وتحركت على أساس هذه المنظومة، لأنها متطابقة 90% مع الوضع الحالي، لاتزال الأماكن نفسها، الشعاب والأودية والآبار".
خلال الطريق كان الشاهين شاهدًا على الطريق وأثاره، الأسماء المحفورة والآبار المتواجدة "فكرة الذهاب لنفس الطريق، ثقافية وسياحية واجتماعية وجغرافية، التقى بسُكان تلك القرى والوديان، فضلًا عن حكايتهم عن الأماكن وتأثير الزمن عليها، وخلال الرحلة مر بأماكن أثرية عدة منها طريق الفيل وقرى ثمودية.
بالزي السعودي التقليدي انطلق الشاهين في رحلته، فيما أخذ معه عدة إمدادات تُعينه على الرحلة مثل المأكولات والمشرب وشواحن لهاتفه تعمل بالطاقة الشمسية "لأنني قررت توثيق الرحلة مباشرة مع المتابعين عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة، ليُعايشوا معي الرحلة".
رغم الترتيبات لكل تفاصيل الرحلة، إلا أن بعض التحديات واجهت الشاهين خلالها مثل الإعياء الذي ضرب الجمل الذي يمتطيه وهوى به "اضطريت لامتطاء 3 جمال مختلفين لأن الرحلة طويلة وشاقة، ولم يعد الجمل الحالي مُعتادًا عليها".
فيما لا ينسى حين كان يستقر في الليل في العراء، مُبيتًا حتى الصباح لاستكمال الرحلة ثم فاجأه عواء ذئب، ورويدًا رويدًا بدأ في الظهور له "كنت وقتها في بث مباشر مع متابعيني من سناب شات، لكن فلاش الهاتف أبعده عني"، فضلًا عن تعايشه مع الحيوانات المتواجدة في الطريق "أفاعي وثعابين وسحالي، لكن رغم كل ذلك فكان ذلك التعب ومخلوطًا بشغف استكمال الرحلة".
لمس الشاهين كرم القبائل والأسر التي تقطن في طريق رحلته "كانوا يعزموني ولا يخلوني أطلع إلا بعد تجهيز وليمة استقبال لي"، تلك الأمور كانت تهوّن عليه رحلته، فضلًا عن وجود دفتر اليوميات بجواره دائمًا لتسجيل مشاهداته من الرحلة وتوثيق الأماكن التاريخية والأثرية ومشاعره خلال التجربة بأكملها.
بعد 25 يومًا من التحديات، وصل الشاهين إلى مكة المُكرمة في موعد مناسك الحج، وكانت رحلته سببًا في أن المشاركة بالحج هذا العام بشكل استثنائي "التجربة وصلت لخادم الحرمين الشرفين وولي العهد أعجبوا بالفكرة، ومنحوني استضافة في مكة على نفقتهم الخاصة".
وفيما ينعم الشاهين بممارسة شعائر الله، المواصلة اليوم الخميس أداء مناسك الحج مع حجاج بيت الله الحرام من خلال رمي الجمرات بمشعر منى، في ثالث أيام عيد الأضحى 12 ذي الحجة، يمتن للرحلة التي غيرت كثيرًا بداخله "خسرت حوالي 6 كيلو مما منحني عافية أفضل"، فيما كان الأثر الروحي أكبر.
يحكي أنه لم يشعر بخوف طوال الرحلة في الليل، لأنه داوم على أذكار المساء "حين يجلس المرء مع نفسه في خلوة يشعر بطعم الأذكار والدعاء، الله تولى حفظي ومنحني الطمأنينة والسكون خلال الرحلة، وحين أنهيتها شعرت بصفاء في النفس ورقة أكبر في المشاعر".
لم تكن تلك المغامرة الأولى للرحالة السعودي، إذ خاض من قبل رحلات أخرى بالزي الوطني مثل صعود قمتي إيفرست وهيمالايا، لكن الرحلة الأخيرة كان لها طعم خاص "خصوصًا كانت أمنية بداخلي وأريد أحققها"، فيما تحمل مُفكرته أمنيات لرحلات أخرى ينوي إتمامها في المستقبل.
فيديو قد يعجبك: