إعلان

«خيوط فاطمة» تجمع السائحين والأجانب في منزلها بسانت كاترين بعد وفاة الزوج

07:33 م الأربعاء 05 يناير 2022

فاطمة فرج

كتابة وتصوير- عبدالله عويس:

بين الألوان المزركشة، وحبات الخرز، وأمتار الأقمشة، تقضي فاطمة فرج وقتا طويلا لصناعة مشغولات يدوية، يتاهفت عليها الأجانب والمصريون على حد سواء. لكن بهجة الألوان وزينة المشغولات اليدوية، لا يمتد أثرها لحياة السيدة البدوية، وهي على بعد أشهر من عامها الستين، إلا من جنيهات تكسبها. فقدت الزوج، بعد أن ترك لها 6 أولاد، لم يكن أكبرهم قد تزوج بعد، فصار عبئ التربية والإنفاق على عاتقها، حتى تم لها 10 أحفاد.

كانت فاطمة تعيش حياة هادئة، تترامى المساحات الرملية الصفراء من حولها، وتظهر التلال والجبال على أمتار من منزلها، بمدينة سانت كاترين، في جنوب سيناء، حتى توفي زوجها منذ 14 عاما، واستحال الهدوء عاصفة برأس السيدة التي كان عليها الإنفاق على منزلها. ولما لم تكن تعرف لنفسها مهنة أو حرفة، اتجهت إلى التعلم وهي في سن كبيرة، على يد سيدة أخرى: «تدعى سليمة جبل، علمتني كيف أقوم بتطريز الهدايا، وأصنع حقائب، وتحفا صغيرة من القماش، وكان هذا ما اعتمدت عليه في تربية أبنائي».

1

استطاعت فاطمة من خلال عملها أن توفر بيئة أكثر استقرارا من الناحية الاقتصادية لأسرتها، واتجهت لتعليم بناتها الأربع الحرفة نفسها، حتى أتقنها الأربعة، فيما كان الولدان يعملان كموظفين في إحدى الجهات. أضحى لفاطمة دوران في المنزل، التربية من جانب، والعمل من الجانب الآخر. ماكينتا خياطة تتوسطان البيت، جنبا إلى جنب مع بقية الأثاث. وتنتشر قطع القماش والخرز وأدوات العمل في كل مكان.

شيئا فشيئا كانت أعمال فاطمة تجذب السائحين، يشاهدن القطع التي تصنعها ويشترونها بأثمان مختلفة، تلائم كل قطعة، ويبحثن عن القطع التي يدخل فيها الغزل اليدوي بشكل أكبر، عكس أبناء القاهرة الذين يبحثون عن القطع اللامعة المزينة بالخرز: «لكل شخص طلب، وطلب الكل عندي، ما يهواه الأجنبي غير المصري، وأهل القرى غير أهل المدن، والخبرة أهلتني لمعرفة الفارق بين هذا وذاك» تحكي السيدة وهي تشرح آلية تطريز المشغولات اليدوية بما يدل على أنها من مدينة سانت كاترين وليست قطعة من مكان آخر: «خطوط بالطول وأخرى بالعرض، وبعض الخرز القليل المتناثر على هيئة نجوم، بضعة تفاصيل مختلفة تجعل للقطعة ما يميزها عن غيرها من بقية المدن».

2

استطاعت فاطمة تزويج أبنائها جميعا، وصار لديها 10 أحفاد، تتمنى أن يتعلموا بالشكل الملائم، ثم ستمنحهم هي خبرتها في ذلك العمل، ليستمر منزلها محلا لبيع المشغولات اليدوية بعد ذلك. ولأنها لا تملك لافتة تخبر أحدا بأن المنزل يبيع تلك المشغولات، فتعتمد على من سبق لهم الشراء من قبل. يخبرون الآخرين بمكانها، ويمنحونهم رقم الهاتف للتواصل حال السفر والوصول إليها: «وعاداتنا وتقاليدنا لا تسمح لنا بالبيع خارج البيت، فمن يريد الشراء يأت إلى المنزل، ونبيع لأشخاص عاديين ونبيع أيضا لمحال تجارية».
3
تشتري فاطمة المواد الخام من القاهرة، يأت بها وسيط من عدة أماكن مختلفة بقلب العاصمة، ويبيعها لها، وهي أرخص ثمنا من نظيرتها التي تباع في سانت كاترين، لندرة تلك المواد والمحال التي تعمل بها. وخلال فترة الإغلاق الجزئي أيام كورونا ووقف حركة الطيران تأثرت حياة السيدة وأولادها وأحفادها بشكل كبير، غير أنها لم تتوقف عن العمل وتخزين ما تنتجه: «وحين عادت السياحة تخلصت من المخزون كله ببيعه، وصرت أنتج أشياء جديدة، كانت أياما صعبة لا أتمنى أن تتكرر أبدا».

4

قد تستغرق قطعة واحدة 3 أيام من العمل المتواصل، أو يومين، ورغم المشقة إلا أن الإنتاج في منزل فاطمة كثير، نظرا لعمل أبنائها معها، ويبيعون تلك القطع للأجانب بأسعار تختلف عن المصريين: «المصري يفاوض بشكل كبير، كما أنه لن يرى في الأمر تحفة فنية عكس السائح، ولذلك نبيعها أرخص قليلا للمصريين».

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان