تكتب القصص بالألمانية.. حنين السورية تفوز بأول جائزة في الغربة
كتبت-رنا الجميعي:
تجربة الاندماج في مجتمع جديد غير هينة، على الرغم من ذلك فإن حنين شويخ نجحت في الاندماج داخل مجتمع لا يتحدث بالأساس بنفس اللغة التي تتحدث بها، غادرت الطفلة الصغيرة في عمر الثامنة وطنها سوريا إلى ألمانيا، وداخل المجتمع الجديد تمكنت الصغيرة من إتقان اللغة الألمانية، والفوز في مسابقة للكتابة.
بدأت موهبة حنين في الظهور في عمر الثالثة، كانت والدتها كاتبة أدب الطفل، لمياء سليمان تقرأ لها القصص، غير أن الطفلة الصغيرة كانت تصر على امتلاكها نهاية أفضل للقصص، كما تذكر لمياء لموقع مصراوي، مع بلوغ حنين سن الخمس سنوات "بدأ يتعزز حضور أصدقائها الخياليين في حياتنا كأسرة، وتحكي لنا يوميًا عن مغامراتها معهم، وفي الفترة ذاتها تقريبًا كتبت أول قصيدة للأطفال".
لم تظهر موهبة الصغيرة كذلك من فراغ، بل عززتها لمياء منذ الأيام الأولى من الحمل "كنت أتحدث معها باللغة العربية الفصحى، وبعد ولادتها صرت أقرأ لها القصص بشكل يومي، وأحاول استعمال الفصحى في كلامي"، لذا تمكنت حنين بسهولة التحدث بالفصحى بطلاقة في مرحلة الحضانة.
كان للمياء دور كبير في تعزيز موهبة حنين، بعد اكتشافها لموهبتها في الكتابة، صارت تنظم ورشات قصة قصيرة لها "وننفذها كأسرة بأساليب مختلفة كأن يطرح أحد منا فكرة معينة بسيطة أو يذكر موقف معين، ونضع مقترحات لتطويره وإضافة شخصيات أخرى".
عانت حنين كثيرًا في تجربتها للجوء لألمانيا، وتحكي عن ذلك الأم "غادرنا مدينتنا دير الزور في 2012، ونزحنا إلى مدينة مجاورة، وقتها كانت حنين في عمر الـ4"، بعدها غادروا إلى تركيا، حيث أقاموا في مدينة غازي عنتاب لمدة عامين، وفي 2016 وصلوا إلى ألمانيا "وقتها كانت حنين في الصف الثالث".
مع استقرار الأسرة السورية في ألمانيا أدركت حنين أن المجتمع الألماني يختلف كثيرًا عن مجتمعها السوري، ما خفف من وطأة الصدمة الثقافية التي يمكن أن تشعر بها "وبدأت حنين تقارن بين المجتمعين بإيجابية، تقوم على احترام الخصوصية الثقافية لبيتنا ومجتمعنا".
لم يكن الاندماج داخل المجتمع الألماني سهلًا بالنسبة لحنين "الدقائق الأولى من أول يوم دراسي كانت صعبة، لم أفهم أي كلمة تقال أمامي"، تقول حنين لمصراوي، غير أن تقبل المعلمة والطلاب لها جعلها تتآلف معهم بسرعة عن طريق اللعب "وحين خرجت من المدرسة سألتني أمي عن يومي، فأخبرتها أن هذا أجمل يوم في حياتي".
تدرك حنين جيدًا كيف أنها تعاملت بشجاعة كطفلة قادمة من بلد يعاني من الحرب "كنت مدركة لصعوبة الظرف الذي أمر به"، وخلال أربعة أشهر نجحت في التحدث بالألمانية، والتعبير عن كل ما تريد قوله "ومع نهاية العام الدراسي كنت أتحدث الألمانية بنفس المهارة التي أتحدث بها العربية".
حب حنين للكتابة لم يتعارض مطلقًا مع الدراسة، امتلكت الكثير من الوقت خاصة أن المدرسة لا تكلفها طلابها بواجبات خلال العطلة الأسبوعية "وبالتالي لدي وقت طويل لممارسة هوايتي في الكتابة"، كما أن حنين لا تستخدم الهاتف المحمول سوى ساعة واحدة أسبوعيًا، فلا تهدر وقتها بالتصفح على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقتصر مشاهدتها للتلفاز على المسلسلات التاريخية والأفلام الوثائقية التي تحبها.
الجائزة التي فازت بها الفتاة السورية في ألمانيا كانت أول قصة تكتبها بالألمانية لليافعين، شعرت حينها أنه انجاز مهم "وكانت القصة عن ثلاثة قتلة مأجورين وضاع اثنان منهم في الغابة السوداء"، لا تتخيل حنين حياتها بدون الكتابة، فقد شكلت جزء كبير من شخصيتها، وهي الآن في عمر يناهز الـ14، تتخيل قصصًا أخرى، وتضيف لمهاراتها الكثير بتعلم لغات أخرى مثل الفرنسية والإنجليزية.
فيديو قد يعجبك: