جماهير الأهلي وقت الأزمات.. من "عالحلوة والمرة معاه" إلى حرب الهاشتاجات (ماذا حدث؟)
تقرير- مها صلاح الدين:
وقف أحد الجماهير منفعلًا بعد أن تعادل الأهلي في مباراته مع المقاولون العرب في مسابقة الدوري، موجهًا حديثه من داخل المدرجات لرئيس النادي الأهلي محمود الخطيب "اللعيبة مالها يا كابتن.. عاوزين صفقات يا كابتن".
كان المشهد السابق، جزء من فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد سلسلة من الخسائر المتتالية منذ نهائي دوري أبطال أفريقيا الأخير، وحتى كأس مصر، ومباريات الدور الثاني من نسخة الدوري الحالية حتى الآن.
كبوة الأهلي هي واحدة، ضمن كبوات قليلة في تاريخ النادي الأحمر منذ تأسيسه، أغضبت الجماهير، يتداولها من عايشها منهم، وتتناقلها الأجيال المتعاقبة كعبرة يعقبها سلسلة جديدة من الانتصارات.
بين "عالحلوة والمرة معاه".. والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، والهاشتاجات الداعمة والغاضبة، نرصد في التقرير التالي ماذا يفعل جماهير النادي الأهلي وقت الأزمات بين الماضي والحاضر؟
"حينما يخسر الأهلي تتوقف الحياة"، هكذا يلخص حمدين حجاج الحالة التي تنتابه حينما يتعثر الأهلي في المطلق، سواء أن تعادل أو طالته الهزيمة، يرى أن جماهير الأهلي لها خصوصية كبيرة، فمن وجهة نظره، بعضهم يعتبر فوز الأهلي ضمن إنجازاته الشخصية وأسباب فرحته "تعادل أو هزيمة الأهلي يعيقني عن إتمام عملي.. حتى وإن كنت أسير فيه بشكل جيد قبل المباراة".
يُقسم حمدين جماهير الأهلي الحالية إلى فئتين، فئة مواليد أوائل التسعينيات - الذي هو منها ومن سبقهم - والذين عاصروا كبوات كبيرة للأهلي، في بداية الألفية الجديدة، تحديدًا خسارة الدوري الممتاز عام 2003، وكأس مصر 2004 أمام المقاولون العرب.
وقتها غصبت الجماهير ووقع فيما بينهم وفيات وإصابات بجلطات من شدة الحزن، وهاجموا اللاعبين والمدير الفني، حتى أن طارق سليم - مدير الكرة في ذلك الوقت - تقدم باستقالته.
يقول حمدين: "أعتقد أن مثل هذه الكبوات في النادي لو حدثت اليوم.. لشهدنا حالات انتحار في صفوف الجماهير".
ويستأنف حمدين أنه بعد أيام، واستشعار قرارات الإصلاح التي اتخذتها الإدارة، سواء بإقالة مدير فني أو بعقد صفقات شراء لاعبين جدد، عادت الجماهير لدورها الأصيل وهو دعم كيان النادي، حتى تم بناء الجيل الذهبي، وتوالت الانتصارات، فأصبح هذا الجيل يتغنى بكلمات تحمل عبرة "الشدة آخرها فرحة.. وبنتعلم الحياة".
أما الفئة الثانية من الجماهير - وفقًا لحمدين - هي جماهير الألفية الجديدة، والتي لم تشهد الأهلي إلا منتصرًا، لم تعهد الأهلي يُفرط في نسختين من بطولة الدوري العام، لعامين متتاليتين إلا الآن.
يقول حمدين "هذه الفئة من الجماهير دائمًا بداخلها ثورة لا تهدأ لهذا السبب، ولا تتقبل فكرة الهزيمة".
هاتين الفئتين بحسب "حمدين" دائمي التناحر، ولكن يرى حمدين الفئة الأخيرة صخبها أكثر وتأثيرها أكبر، وذلك لأنها الأكثر احترافًا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعكس بشكل ما مواقف الجماهير، بعد أن أصبح تواجدهم محدودًا داخل المدرجات.
حرب الهاشتاج
في الثاني من أغسطس، وبعد تعادل الأهلي مع المقاولين العرب، وانتشار مقطع الفيديو للمشجع الغاضب أمام رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب، أطلق جماهير النادي الأهلي على تويتر هاشتاج #الخطيب_خط_أحمر لدعم النادي الأهلي ورئيسه.
وبعدها مباشرة في الليلة نفسها، انطلق هاشتاج آخر هو #الأهلي_فوق_ الخطيب، بلغ ذروته في ساعتين فقط، ثم انخفض عدد التغريدات، على الرغم من أنه كان ضمن قائمة الوسوم الأكثر تداولًا في مصر على موقع تويتر، ردًا على الهاشتاج الأول.
حاولنا عقد مقارنة بين الهاشتاجين عبر تحليلهما، والخروج ببعض النتائج، فقمنا بتحليل 2000 تغريدة لهاشتاج #الخطيب_خط أحمر، نشرت خلال 4 ساعات، مقابل 1336 تغريدة نشرت على هاشتاج #الأهلي_فوق_الخطيب خلال 16 ساعة، كانت وقتها عمر الهاشتاج.
حقق الهاشتاج الداعم للخطيب 924 ألفا و 370 تفاعلا خلال الأربع ساعات، وما يقرب من 3 ملايين انطباع (ريآكت)، بينما حقق الهاشتاج المناهض 67 ألفا و 441 تفاعلا خلال الـ 16 ساعة، ونحو مليون انطباع (ريآكت)، وفقًا لتطبيق تحليل التغريدات سوشيال بيرينج.
كانت أغلب التغريدات على الهاشتاجين من تطبيقات التغريد المباشرة، ولكن 83% من التغريدات - المعلن نطاقها الجغرافي - للهاشتاج المؤيد من داخل مصر، مقابل 26% من تغريدات الهاشتاج المناهض، هو ما جعل هناك علامات استفهام تستدعي تحليل مضمون التغريدات نفسها.
فوفقًا لتحليل الهاشتاجات المصاحبة للتغريدات على الهاشتاج الأول #الخطيب_خط_أحمر، وجدنا أن 35% منهم تتفق مع مضمون الهاشتاج، و65% منهم ليس لهم علاقة بمضمون الهاشتاج من قريب أو من بعيد.
بينما 26% من الهاشتاج المصاحبة لهاشتاج #الأهلي_فوق_الخطيب متفقة معه في المضمون، 13% منهم معارضة له، 61% من الهاشتاجات المصاحبة ليس لها علاقة من قريب أو من بعيد.
وبتحليل مضمون نص 100 تغريدة من كل هاشتاج، وتصنيفهم بين مؤيد لمضمون الهاشتاج، ومعارض لمضمون الهاشتاج، أو تغريدات ليس لها علاقة بمضمون الهاشتاج من قريب أو من بعيد، وكانت النتائج كالتالي:
97 تغريدة مؤيدة لمضمون هاشتاج #الخطيب_خط_أحمر متبنية دعم النادي ورئيسه، وتحفيزهم لتخطي تلك الأزمة، وثلاثة تغريدات ليس لهم علاقة بالموضوع من قريب أو من بعيد، وتحتوي على جميع الهاشتاجات المتداولة خلال تلك الفترة.
مقابل 35 تغريدة معارضة لمضمون هاشتاج #الأهلي_فوق_الخطيب و29 تغريدة ليست لها علاقة بالموضوع، 36 تغريدة مؤيدة للهاشتاج، من بينهم تغريدات مكتوبة من قبل مشجعين أندية منافسة، مثل بيانات التغريدة التالية، الصادرة عن حساب اسمه "عاشق الملكي" ويضع صورة حساب نادي الزمالك.
يقول حمدين أن هناك تضارب بين آراء جماهير الأهلي بين مؤيد ومعارض على السوشيال ميديا، ولكن هناك أيضًا لجان إلكترونية هدفها إحداث انقسامًا بين الجماهير، وفي النهاية فدور الجماهير هو دعم وتشجيع النادي، مستشهدًا لمقولة أسطورة النادي الأهلي ورئيسه الأسبق صالح سليم "المدرجات لا تدير المؤسسات"، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي.
في المقابل، قررنا التوجه للمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي من جماهير الأهلي، فيعلق محمود الجزار مؤسس غرفة الخيمة الأهلاوية على تطبيق كلوب هاوس، والتي تنعقد بشكل يومي منذ عامين، والمشارك بها أكثر من 24 ألف عضو، قائلًا: "أن النتائج السابقة تؤكد أن هناك لجان إلكترونية تدير هاشتاجات ممولة، عبر حسابات حقيقية أو وهمية، بهدف توجيه الأمور في اتجاه محدد وهو انقسام جماهير الأهلي على دعم النادي ورئيسه".
بينما صانع المحتوى الأهلاوي، أحمد فهيم، صاحب الـ 673 ألف متابع على موقع فيسبوك، يفسر وجود الهاشتاجين، بأن جمهور الأهلي يقع الآن في حيرة بين أن يدعم الفريق أم ينتقده، لكن نتائجه تؤكد أنه هناك استهداف للأهلي بطريقة ما، في وجهة نظره.
يعتبر أحمد فهيم نفسه من الجيل الذي لم يشهد الأهلي يقع في كبوات كبيرة كهذه من قبل، ويرى نفسه في نفس الحيرة المسيطرة على بقية الجماهير.
فهناك بالفعل أخطاء فنية، وضعف في مستوى اللاعبين، وفي المقابل هناك أخطاء تحكيمية ممنهجة ضد الفريق أيضًا، لهذا لا يستطيع أن يطلب من الجماهير الدعم المطلق للفريق، ولكن ما يستطيع فعله هو تقديم محتوى موضوعي يوضح فيه جميع وجهات النظر، ويترك الحكم لمتابعيه. وفي المقابل على النادي اتخاذ قرارات للإصلاح في جميع الاتجاهات لتخطي الأزمة، وقتها سيصطف الجماهير لدعم النادي من جديد، وفقًا لفهيم.
وعقد مجلس إدارة النادي الأهلي اجتماعًا طارئًا، أمس الخميس، الرابع من أغسطس، اتخذ فيه عدة قرارات، أبرزها المطالبة بإقالة لجنة الحكام، واستكمال مسابقة الدوري بفريق الناشئين واللاعبين العائدين من الإصابات، وعدم المشاركة في كأس مصر وكأس السوبر لحين تنفيذ مطالب النادي.
لاقت تلك القرارات استحسان جماهير النادي الأهلي، ومن ثم تصدر هاشتاج #أدعم_قرارات_الأهلي قائمة الأكثر رواجًا على موقع تويتر.
ونشرت بعدها الصفحة الرسمية للنادي صورة للجماهير، وتحمل كلمات الأغاني على لسانهم "في الشدة أنا برضه ضهره.. أنا ليه درع الأمان".
فيديو قد يعجبك: