الباحثون عن "البراند" في مصر: بدائل لشراء ملابس العيد
تقرير -مارينا ميلاد:
مع اقتراب العيد، يقلّب حسام طلعت، في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لشراء ملابس جديدة لتلك المناسبة ولموسم الصيف أيضًا. يحاول الشاب - صاحب الـ25 عامًا - أن يختار الأفضل والأرخص بدلا من شراء الملابس من العلامات التجارية الكبرى (البراند)، حيث اعتاد في السابق.
الأسعار المبالغ فيها بالمتاجر المعروفة، كما يصفها، هي ما أجبرته على إيجاد بدائل. فيقول "إن مبلغ الألف جنيه الذي كان يشتري به قميصا وحذاء، لم يعد يكفي لشراء "تي شيرت" من العلامات التجارية التي كان يفضلها".
وارتفعت أسعار الملابس الجاهزة والأحذية بنسبة 21% بعد زيادة أسعار الأقمشة بنسبة 34%، خلال عام واحد، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نتيجة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي.
كما واصل معدل التضخم السنوي في مصر ارتفاعه المستمر، ليسجل 31.5% في إبريل الماضي مقابل 14.9% لنفس الشهـر من العام السابق.
لذا لم يجار راتب "حسام" البالغ 9 آلاف جنيه، تلك الزيادة التي شملت كل السلع والخدمات. الوضع الذي حذف الملابس من قائمة أولوياته رغم أن عمله بإحدى شركات التسويق يفرض عليه الاهتمام بها. فيقول: "عملي يهتم بالمظهر لأننا نمثل الشركة أمام عملاء، وكان راتبي يسمح لي بذلك، فأخصص 20% منه لشراء الملابس مع بداية كل موسم".
لكن كل شيء تغير قبل عام. فشعر "حسام" أنه لم يقدر على شراء ما يريده من العلامات التجارية منذ الصيف الماضي. قلت متطلباته منها تدريجيًا حتى اختفت من رأسه فكرة دخول تلك المتاجر. فيتحدث عن تحضيره للزواج والتزماته الأخرى التي لا ينفع معها – في ظل الظروف الاقتصادية الحالية - التمسك بنفس المستوى من الملابس.
وفي إحدى العلامات التجارية الشهيرة بمصر، بات مشهد فحص الزبائن للسعر ثم المغادرة هو الأكثر، بحسب واحدة من العاملات التي فضلت عدم ذكر اسمها، فتقول: "نسب المبيعات تأثرت كثيرًا مع غلاء الأسعار، فلجأنا إلى عمل خصومات، لكنها لم تُحدث فارقًا كبيرًا".
الأسعار التي تراوح متوسطها في هذا المتجر بين 1500 – 2500 جنيه للقطعة الواحدة، دفعت كثيرون للاتجاه إلى عشرات المتاجر والصفحات "الأون لاين" التي تسوق لنفسها على هذا النحو: "بيع كل البراندات بأسعار تبدأ من 200 جنيه".
محمد غنيم (29 سنة)، الذي تخرج من كلية الهندسة، واحدًا من أصحاب تلك الصفحات. إذ يعرض فيديوهات لمنتجات ماركات عدة أمثال: "زارا، أديداس، تومي، وغيرها" بأسعار لا تتجاوز 700 جنيه. والسبب، كما يذكره، "تعاقد المستوردين مع البراندات واستيراد المجموعات القديمة بأسعار أقل وتخزينها"، نافيا بذلك أن تكون الملابس مقلدة أو بها أخطاء.
بذلك، جدت طبقة جديدة على زبائن "غنيم"، طبقة اعتادت أن تشتري الملابس من العلامات التجارية سابقة الذكر، فيقول: "أغلب الناس المهتمة بمسألة البراند لم يعد في إمكانها الشراء بآلاف الجنيهات، خاصة إن كانت أسرة مكونة من أربع أفراد".
ويبلغ متوسط استهلاك مصر من الملابس 16.5 مليار دولار سنوياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن غرفة صناعة الملابس الجاهزة في مايو 2022، تستورد مصر 20% منها بقيمة 3.3 مليار دولار، فيما يتم إنتاج 80% محلياً.
وبشكل متسارع، تزيد الأسعار على "غنيم" من جانب المستوردين. فخلال إبريل الماضي فقط، ارتفعت أسعار الملابس الجاهزة والأحذية بنسبة 4% مقارنة بشهر مارس، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
فيضطر "غنيم" معها إلى رفع السعر قليلا، لكنه، كما يقول، "يتحمل جزءا منها حتى يحافظ على استمرارية البيع، التي تقل كل فترة حتى مع اقتراب العيد".
وكان خالد فايد (نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية)، قال خلال تصريحات له، "إن عمليات تهريب الملابس المستوردة التي تحمل أسماء ماركات عالمية زادت واتخذت أشكالاً مختلفة للدخول إلى مصر بطرق غير شرعية كشحنات التبرعات الواردة للجمعيات الخيرية"، مطالباً بضرورة إحكام الرقابة على هذه العملية.
ويصادف حسام طلعت تلك الصفحات المعلنة لبيعها منتجات الماركات العالمية خلال بحثه لشراء الملابس. لكن لم يغرِه شراء منتج "براند" بسعر قليل سواء إن كان جيدا أم لا.
ربما لم يثق في الأمر كله، كما أنه يرى نفسه "ليس من بين المتلهفين على شراء براند بأي وسيلة"، فيقول: "إن كان معي أموال سأذهب إلى العلامة التجارية نفسها، إن لم يكن معي، فلن أشتري".
لذا، اتجه لشراء المنتجات المحلية فقط خلال هذه الفترة، فهي الأنسب لإمكانياته المادية، لكنه يجتهد في التفتيش عن الجودة.
اقرأ أيضًا:
قبل العيد.. الحرب توقف رحلة الجمال من السودان إلى سوق برقاش
فيديو قد يعجبك: