قبل بدء مسلسل معاوية.. داعية يوضح حكم تمثيل الصحابة وأحداث الفتنة
كتب- محمد قادوس:
تستعد الدراما العربية لطرح مسلسل معاوية الذي من المقرر عرضه ضمن الموسم الرمضاني 2023، وتدور أحداث مسلسل "معاوية" الذي يعتمد على اللغة العربية بشكل كامل، حول الأحداث التي جرت مع الصحابي معاوية بن أبي سفيان بعد وفاة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث يتولى علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- الخلافة، بعد ذلك، وبعد فترة من الزمن تستمر الأحداث وصولاً إلى عصر الخلافة الأموية التي ستكون بزعامة معاوية وتتوالى الأحداث في إطار تشويقي.
وحول حكم تمثيل الصحابة في الدراما التلفزيونية، وأزمة الفتنة الإسلامية الكبرى، دار حوار مع الداعية الدكتور محمد علي الذي أوضح الرأي الشرعي في تلك المسألة، عارضا جانبا تاريخيا من واقعة الفتنة بعد وفاة الخليفة الثابت عثمان بن عفان رضي الله عنه.
بدأ الدكتور محمد علي الداعية الإسلامي، حديثه لمصراوي، موضحا حكم تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم، مؤكدا أن الذي أفتى به كثير من علماء العصر هو المنع من أن يمثل كبار الصحابة، كالخلفاء الراشدين، وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، واحتجوا بالأدلة التى أتت في تعظيمهم، ومن تعظيمهم تنزيههم عن أن يقوم بمحاكاة أفعالهم ومواقفهم ممثل معروف بتمثيل الفسق والفجور وأدوار تدعو للرذيلة، فيسيء إليهم رضي الله عنهم بتجسيده شخصياتهم فيحط من أقدارهم.
وأضاف الداعية أن أهل العلم اشترطوا في تمثيل غيرهم من الصحابة أن يتصف من يقوم بدورهم بالخلق والاستقامة، والسمعة الطيبة. ولقد توعد النبي- صلى الله عليه وسلم- من ينتقصهم أو يسخر منهم أو يسبهم أو يكذب عليهم، فقال : (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
وأضاف الداعية الإسلامي أنه من القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية أن الشيء إذا كان فيه مصلحة ومفسدة، وكانت مفسدته أعظم من مصلحته فإنه يحرم، وتمثيل الصحابة على تقدير وجود مصلحة فيه فمفسدته أكثر من مصلحته.
وأشار علي إلى رأي دار الإفتاء المصرية وقال بانها أفتت بأنه إذا أُظهِرُوا بشكل يناسب مقامهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم خيرة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين فلا مانع من تمثيلهم إذا كان الهدف من ذلك نبيلًا؛ كتقديم صورةٍ حسنةٍ للمشاهد، واستحضار المعاني التي عاشوها، وتعميق مفهوم القدوة الحسنة من خلالهم، مع الالتزام بالضوابط الآتية:
1ـ الالتزام باعتقاد أهل السنة فيهم؛ من حبهم جميعًا بلا إفراط أو تفريط.
2ـ نقل سيرتهم الصحيحة كما هي، وعدم التلاعب فيها.
3ـ التأكيد على حرمة جميع الصحابة؛ لشرف صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتوقير والاحترام لشخصياتهم، وعدم إظهارهم في صورة ممتهنة، أو الطعن فيهم والاستخفاف بهم والتقليل من شأنهم.
4ـ الاعتماد على الروايات الدقيقة وتجنب الروايات الموضوعة والمكذوبة.
5ـ تجنب إثارة الفتنة والفرقة بين الأمة الإسلامي، ويُستَثْنَى من هذا الحكم: العشرة المبشرون بالجنة، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وآل البيت الكرام؛ فلا يجوز تمثيلهم.
ولفت علي إلى أن سيدنا معاوية بن أبي سفيان كان من كبار الصحابة وكان أعظم الولاة حظاً من كل شيء في أيام عثمان.
ورصد الدكتور محمد علي، الداعية الإسلامي، في حديثه لمصراوي، جانباً من أحداث الفتنة وبداية تولي معاوية الحكم، قائلًا: كان عُمر قد ولى معاوية حكم دمشق، وولى أخاه يزيد بن أبي سفيان حُكْم الأردن، وعندما مات يزيد ضم عمر الأردن إلى سلطة معاوية، فاتسعت بذلك سلطاته. وبعد موت عمر، كان معاوية من المقربين لعثمان، حيث أن معاوية هو ابن عم عثمان، فلم يقم بتغييره. بل على العكس، حيث ضم إلى سلطته الكبيرة: فلسطين، بعد موت حاكمها عبد الرحمن بن علقمة، وقام بعزل عمير بن سعد الأنصاري حاكم حمص، وضمها إلى معاوية أيضاً. وبذلك اجتمعت عند معاوية الأجناد الأربعة وبسط قوته على بلاد الشام كلها، ليصبح ذا سلطة عالية لا ينافسه فيها أحد.
وقد طال حكم معاوية للشام، فأحبه أهل الشام، وأصبح لطول ولايته وحسن تدبيره لأمور رعيته، أشبه بالملك منه بالوالي. وكان عثمان إذا ما أراد أن يُسَيِّر أحد من المخالفين له والمعارضين لسياسته، فإنه كان يرسلهم إلى الشام عند معاوية، فقد كان حزم معاوية هو الملجأ الذي كان عثمان يلجأ إليه إذا أراد تأديب المُعارضين له. ويبدو أن معاوية كان حازماً حتى على عثمان نفسِه. فهو كان يلتقي المنفيين الذين يرسلون إليهم لإصلاحهم، فاذا لم يقدر عليهم طلب من عثمان أن يخرجهم من عنده، ولم يكن عثمان يرد له طلباً.
وبعد مقتل عثمان في الفتنة الكبرى بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينة المنورة في اليوم التالي لمقتل عثمان، فبايعه أغلب من كان في المدينة من الصحابة والتابعين. يُروى أنه كان كارهاً للخلافة في البداية، واقترح أن يكون وزيرا أو مستشاراً إلا أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه. وانتقل عليٌ إلى الكوفة ونقل عاصمة الخلافة إلى هناك.
رأى عليٌ تأجيل تنفيذ القصاص من قتلة عثمان حتى تستقر الأمور في المدينة، وكان كثير من الصحابة مع عليٍ في رأيه، ولكن كان هناك مجموعتان يرون رأيًا مخالفًا؛ فكانوا يرون وجوب القصاص الفوري من قتلة عثمان.
الفريق الأول: يضم السيدة عائشة، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام.
الفريق الثاني: يضم معاوية بن أبي سفيان والي الشام من قِبَل عثمان، والذي يعتبر نفسه وَلِيَّ دمه؛ لأنه من بني أمية مثله.
ثم حدثت الفتنة بين علي ومعاوية فكان معاوية يريد الإسراع بأخذ ثأر عثمان وعلي يريد التأني حتى تستقر الأمور، وحدثت الفتنة بعد موقعة الجمل ففي محرم سنة 37هـ أراد علي أن يعزل معاوية من ولاية الشام، فخرج إليه بجيشه، وبعث إلى معاوية يبين حجته، إلا أن هذا لم يُجدِ نفعاً، فدار القتال عند صفين، وقُتِل عمار بن ياسر على يد جيش معاوية، وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وذاك دأب الأشقياء الفجار» وكاد معاوية أن يهزم فرفع جيشه المصاحف وطلب التحكيم.
شعر عليٌ أنها خديعة، إلا أن أصحابه أهل الكوفة أصروا على قبول التحكيم فقبل به.
جتمع الحكمان في دومة الجندل، كان عمرو بن العاص المفاوض من قبل جيش معاوية بن أبي سفيان، وكان أبو موسى الأشعري المفاوض من قبل جيش علي بن أبي طالب. فكتبت صحيفة التحكيم وتوقف القتال وأذن على بالرحيل إلى الكوفة، وتحرك معاوية بجيشه نحو الشام، أما ما ورد بشأن خداع عمرو لأبي موسى فهذا لا أساس له من الصحة.
بعد ذلك انشق مجموعة من جيش علي بن أبي طالب يبلغ عددهم (12000) يرفضون التحكيم من أساسه، مع أنهم هم الذين فرضوه عليه، وكَفّروا علياً. ناظرهم عليٌ وفقهاءُ الصحابة لكنهم لم يسمعوا لأحد.
وفي سنة 38 هـ اجتمع الخوارج في مكان يسمى النهروان، قاتلهم علي بعد ما فشلت معهم الحجة فقتل منهم الكثير وفر منه طائفة وانقسموا بعد ذلك إلى 20 فرقة.
في سنة 40 هـ رصد الخوارج ثلاثة منهم ليقتلوا معاوية وعلياً وعمرو بن العاص بيد أنهم لم ينجحوا إلا في مقتل الخليفة علي في 17 رمضان سنة 40 هـ، تربص اثنان من الخوارج بعلي عند خروجه كعادته ليوقظ الناس قبيل صلاة الفجر للصلاة، فقتلوه وهو يصلي بالمحراب فصاح قائلاً: «فزت ورب الكعبة.
أما مذهب أهل السنة والجماعة هو الكف عن الخوض في هذه الفتن التي دارت بين الصحابة، واعتقاد أنها كانت عن اجتهاد منهم، المصيب فيه له أجران والمخطئ له أجر، وأن تلتزم بقولة عمر بن عبد العزيز المشهورة: تلك فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا.
سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه الفتنة فذكر قول الله تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون).
فالصحابة رضي الله عنهم مجتهدون معذورون مأجورون ، والذين أثاروا الفتنة وأوقدوها ملعونون ، وموقفنا نحن من ذلك أن نترضى عن الصحابة ونترحم ونستغفر لهم امتثالاً لقول الله تعــالى ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم).
فعلي اجتهد ومعاوية اجتهد ولم تكن الفتنة بينهما على طمع الدنيا بل كانت في سبيل نصرة الحق وإرساء العدل،فحصل ما حصل ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وعن فضل معاوية فقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به. رواه الترمذي وحسنه.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر في معاوية: أحضروه أمركم، فإنه قوي أمين.
ولا شك أن معاوية رضي الله عنه صحابي جليل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتاب الوحي والمجاهدين في سبيل الله، فرضي الله عن علي ومعاوية والصحابة أجمعين.
فيديو قد يعجبك: