آية ومعنى (6): الأزهر للفتوى يفسر قوله تعالى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}
كتب- محمد قادوس:
يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا ميسرا لبعض آيات من القرآن الكريم على مدار الشهر الكريم، ومن رابع الآيات قول الله تعالى.. { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]
وقال مختصو المركز في تفسير الآية الكريمة، إن آية تحث المسلمين على المداومة على ذكر الله عز وجل باللسان والقلب والجوارح، في كل الأحوال، قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ولا يتحقق ذلك إلا بالطاعة والامتثال والعمل الصالح، كالحمد والتسبيح والتكبير والتهليل والشكر، وقراءة القرآن الكريم وتدبر آياته، والتفكر في الأدلة الكونية السماوية والأرضية على وجود الله وقدرته ووحدانيته، والتزام ما أمرهم به، واجتناب ما نهاهم عنه، والإيمان بالرسل والاقتداء بهم.
وقد أثنى الله عز وجل على المؤمنين الذاكرين له في كل أحوالهم، فقال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} [آل عمران: 191] .
والذكر ثلاثة أنواع : ذكر باللسان فقط وهو ذكر الغافلين، وذكر اللسان والقلب وهو ذكر السائرين، وذكر القلب فقط، وهو ذكر الواصلين.
فمن داوم على ذكر الله عز وجل في كل الأحوال، جازاه بالثواب العظيم والفضل الكبير، والإحسان، والمحبة، والفلاح، ومغفرة الذنوب، وإفاضة الخير، ودوام السعادة والعزة، ومنَحه شرف ذكر اسمه والثناء عليه في الملأ الأعلى، أمام ملائكته، إحسانا وتقديرا له.
والذكر من أفضل الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من أقرب الطرق الموصلة إلى الله عز وجل، وقد ورد في فضله والحث عليه آيات وأحاديث كثيرة، منها: قوله عز وجل:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) } [الأنفال: 45]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب: 41، 42]، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) } [الأحزاب: 35].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ". متفق عليه.
وعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ".البخاري ومسلم.
وأمْرُ الله عباده بالمداومة على ذكره{فَاذْكُرُونِي}، ليس افتقارًا واحتياجًا إليهم، وإنما حبًا لهم، وخوفًا عليهم، فهو غني عنهم وعن عبادتهم وذكرهم، وهم فقراء إليه، مثْقلون بالذنوب والآثام والمعاصي، محتاجون إلى عفوه ومغفرته حين تضعف نفوسهم وقلوبهم بارتكاب ما يغضبه، فلا يجدوا ملاذا إلا إليه سبحانه، فيتضرعوا إليه بالذكر والتسبيح والدعاء وطلب العفو، حيث يقول عز وجل: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) } [آل عمران: 135 - 137]
والمداومة على ذكره تُذهب الحُزْن، وضيق الصدر، والأمراض النفسية، والاكتئاب، ومتاعب الحياة، بما يُحدث في النفس من سكينة وطمأنينة، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) } [الحجر: 97 - 99]
أمَّا من شغلته الدنيا بشهواتها وملذاتها، ونسي ذكر الله عز وجل، كان الشيطان قرينا له، يزين له المعاصي، ويصده عن سبيل الله، {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} [الزخرف: 36]، وتوعدهم الله عز وجل بالعذاب المؤلم يوم الحساب فقال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)} [الحشر: 19، 20].
فيديو قد يعجبك: