دراما رمضان.. تعدد "لجان المراجعة" والهدف واحد
دراما رمضان 2025
-مارينا ميلاد:
يوشك شهر رمضان الجاري على الانتهاء، ويترك وراءه لجانا تتشكل بغرض "مراجعة الدراما وإعادة تقييمها وضبطها" بشكل أو آخر.
وجاء ذلك بعدما أبدى الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرًا رغبته في إعادة النظر إلى مشهد الدراما برمته وتقديم أعمال إيجابية ترتقي بالذوق العام.
لكن يرافق تلك اللجان، الكثير من الجدل حول دورها وتداخل مسؤوليتها ومخاوف من إحتمالية "وصايتها على الفن".
وفي مؤتمره الصحفي الأسبوعي، تحدث مصطفى مدبولي (رئيس الوزراء) عن لجنة جديدة، على إثر حديث الرئيس السيسي بشأن المسلسلات والأعمال الدرامية، فقال: "هناك أعمال عُرضت خلال شهر رمضان لا تعبر بأي حال من الأحوال عن المعدن الحقيقي للمجتمع ولا الواقع المصري، وبالتالي هناك توجيه من الرئيس سنعمل على تنفيذه فورًا، يتمثل في تشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع صياغة ورؤية مستقبلية واضحة للدراما".
وستضم هذه اللجنة، كما ذكر، كل الجهات المعنية بملف الإعلام والدراما في مصر، مثل وزارة الثقافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، وكذلك الشركات المعنية بعملية الإنتاج ومنها الشركة المتحدة، بالإضافة إلى عدد من المتخصصين.
وأكد أن "هذا لا يقيد بأي شكل حرية الإبداع والفكر.. فالمقصود منها هو وجود دراما تُعبر عن الواقع وتُعالج قضايا المجتمع، وتُعزز القيم وتُكرس الانتماء للدولة".
ولم تعلن أي جهة من الجهات المذكورة ولها علاقة بالتشكيل أي تفاصيل إضافية عن هذه اللجنة وعملها.
غير أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المشرفة على إنتاج غالبية الأعمال الدرامية في مصر، أعلنت هي الأخرى عن لجنة، فذكرت "أنها بدأت في تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى، تتولى وضع خطط للإنتاج الدرامي، إلى جانب متابعة ورصد الأعمال المنتَجة من الشركة لتقييم نقاط القوة والضعف". ومن المقرر الإعلان عن تشكيلها خلال الأيام المقبلة.
وبالأساس، فهناك لجنة دراما تتبع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. تلك اللجنة التي ظهرت عام 2018 لمشاهدة جميع الأعمال الفنية التي ستُعرض خلال شهر رمضان حينها، ورفع تقرير بها للمجلس. على الرغم من وجود جهاز الرقابة على المصنفات الفنية (جهاز حكومي معني بمنح الموافقات على ما يُعرض من مسلسلات وأفلام).
وتمثلت مهمتها، حسب المُعلن، في "وضع توصيات العمل الدرامي وتشمل مرعاة الكتاب والمنتجين للذوق العام، بعيدًا عن فوضى الشارع، وأن يهتموا بقضايا المجتمع التى تؤثر في الناس، ومراعاة الظروف الاستثنائية والتحديات التي تواجهها الدولة، وعدم عرض أي عمل درامي إلا بتصريح الرقابة على المصنفات الفنية". دون توضيح بعض المفاهيم مثل "الذوق العام أو فوضى الشارع".
وبعد فترة وجيزة من تأسيسها، شهدت استقالة جماعية مفاجئة من رئيسها المخرج محمد فاضل والناقدة خيرية البشلاوى، والمخرج عمر عبد العزيز، وغيرهم. ونقل الكاتب الراحل مكرم محمد أحمد (رئيس المجلس حينها) أن أسبابهم تتلخص في "ازدواجية بين عمل لجنته ولجنة رصد أخرى بالمجلس"، وهو ما رد عليه "مكرم" بأنه "ليس ازدواجية إنما تنوع فى مصادر المعلومات التى تصل للمجلس".
ثم أعيد تشكيلها، وتناوب عليها شخصيات مختلفة من أساتذة وخبراء وممثلين لعدة جهات، حتى وصلت إلى تشكيل أخير بعد ثلاث أيام فقط من حديث الرئيس السيسي، الخاص بـ"تقديم دراما إيجابية تعزز القيم وتبني أمة، وعدم رعاية الغث والهزل".
إذ يرأسها الآن الكاتبة والناقدة الفنية ماجدة موريس، وذلك بعد اعتذار الكاتبة الصحفية علا الشافعي (رئيس تحرير جريدة اليوم السابع)، "لعدم وجود أي شبهة تضارب مصالح بين عملها بالشركة المتحدة كمشرفة على المحتوى الدرامي وبين رئاسة هذه اللجنة"، كما أوضحت.
واستقرت مهام اللجنة كما هي في "متابعة الأعمال ورصد مدى الالتزام بتطبيق المعايير والأعراف المكتوبة (الأكواد) الصادرة عن المجلس بقرار رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 62 لعام 2019."
في حين أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يواصل للعام الخامس عشر متابعة الدرما وتقييم الأعمال الرمضانية و"مدى ملائمتها لمعايير حقوق الإنسان" من خلال لجنته المستقلة التي يترأسها الناقد طارق الشناوي، والذي يقول "إنهم رصدوا هذا العام معالجات درامية لقضايا مجتمعية حساسة، وهو ما يعكس تطورًا إيجابيًا في علاقة الدراما بالواقع المصري".
هناك فارق بين عمل كل لجنة، هكذا ينظر زين العابدين خيري (عضو لجنة الدرما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام) إلى مسألة اللجان المتعددة، فبالنسبة لمجلسهم "فدورهم يقتصر على إبداء الملاحظات بشأن المعروض فقط، بعكس اللجنة التابعة للشركة المتحدة التي ستطّلع على النصوص والحلقات قبل عرضها. أما اللجنة المشكّلة من رئيس الوزراء ستكون جهة تخطيط أوسع لرسم ملامح مستقبلية".
ولازال غير واضح ما إن كانت هذه اللجان المتعددة يمكنها التأثير على حرية الفكر والإبداع أم لا، كما يرى الناقد أحمد سعد الدين، في تصريحات له "فدورها لازال غير محدد وما إذا كانت هذه اللجان ستتخذ طابعاً رقابياً يثير القلق، أم أنها ستكتفي بتوجيه الملاحظات".
الأمر يبدو مختلفا عند الناقدة ماجدة خير الله، فلا ترى جدوى من وجود لجان وتوصيات، التي تقول "إنها تهديد للعملية الإبداعية". فالمسألة في رأيها "تترك للمشاهد، فهو يرفض الأعمال غير الجيدة من تلقاء نفسه ولا أحد سيجبره على شئ".
في الوقت نفسه، يترقب هؤلاء والكثير من صناع الدراما مؤتمر "مستقبل الدراما في مصر"، المقرر عقده الشهر المقبل، وأعلن عنه الكاتب أحمد المسلماني (رئيس الهيئة الوطنية للإعلام)، "استجابة لرؤية الرئيس السيسي"، كما يقول.
وتنافس نحو 40 عملا خلال شهر رمضان الجاري ما بين نصفيه الأول والثاني، ولاقت بعض الأعمال انتقادات حول "المبالغة" و"الأداء التمثيلي الذي يصاحبه أصواتا عالية" و"الألفاظ غير اللائقة". في حين قدمت أعمال أخرى قضايا هامة مثل "لام شمسية"، الذي ناقش قضية التحرش بالأطفال، و"ولاد الشمس" الذي سلط الضوء على حياة أطفال دور الأيتام، و"منتهي الصلاحية" الذي قدم قصة المراهنات الإلكترونية.
اقرأ أيضا:
دراما رمضان 2025.. حسبة الأكثر مشاهدة تتوه بين "جوجل" و"السوشيال ميديا" والمنصات
فيديو قد يعجبك: