لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شيوخ الأزهر (1) الإمام الخراشي.. أول شيخ للأزهر الذي أصبح ملاذًا للناس

02:50 م الأحد 12 مايو 2019

مشيخة الأزهر الشريف

كتب – هاني ضوه :

كان الأزهر الشريف ولا يزال منارة العلم في مشارق الأرض ومغاربها، يأتيه طلبة العلم من كل فج عميق، لينهلوا من علوم مشايخه وأخلاقهم ما يجعلهم سفراء للإسلام علماء بعلومه وفنونه المختلفة، وفي ذكرى تأسيسه في مثل هذا اليوم في السابع من رمضان عام 361 هجريًا، منذ 1079 سنة .. يستعرض مصراوي أول أئمة وشيوخ ترأسوا ذلك الصرح العلمي والشرعي الكبير وجلسوا على منبره الشريف.

وحتى عام 1679م لم يكن للأزهر الشريف شيخًا محددًا يتولى مسؤوليته، بل كان السلاطين والأمراء على مر العصور هم من يتولون إدارة شؤون الأزهر الشريف والإشراف عليه، لكن مع ازدياد طلبة العلم الأزهريين رأى السلطان العثماني سليمان القانوني فرمانًا يقضي بأن يتم تنصيب شيخًا للأزهر يتم اختياره من قبل العلماء، لتكون مهمته الإشراف على شئون الأزهر الدينية والإدارية.

وبالفعل .. وقع الاختيار حينها على الشيخ الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي، ليصبح بذلك أول شيخ للأزهر الشريف، وكان ذلك فى أواخر القرن الحادي عشر الهجري - السابع عشر الميلادى وتحديدًا عام 1679م.

ولد الإمام محمد بن عبدالله الخراشي المالكي سنة 1601م، في قرية أبو خراش التابعة لمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة، ولذا سمي بـ "الخراشي".

تربى الإمام الخراشي وتلقى العلم على أيدي كبار علماء عصره الذين كانوا ولا يزالوا أعلامًا يشار إليها بالبنان، فدرس على يد والده الشيخ جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي الذي غرس فيه حبًّا للعلم وتطلعًا للمعرفة، كما تلقى العلم على يد الشيخ العلامة إبراهيم اللقاني، وكلاهما -الشيخ اللقاني ووالده الخراشي- تلقى معارفه وروى عن الشيخ سالم السنهوري عن النجم الغيطي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني بسنده عن البخاري.

كما تلقى العلم على أيدي الشيخ الأجهوري، والشيخ يوسف الغليشي، والشيخ عبد المعطي البصير، والشيخ ياسين الشامي، وغيرهم من العلماء والمشايخ الذين رسموا لحياته منهجًا سار على خطواته حتى توفاه الله.

وبذلك يكون الإمام الخراشي قد تلقى مجموعة كبيرة من العلوم الشريعة على أيدي كبار العلماء التي شكلت شخصيته وأهلته ليكون شيخًا للأزهر الشريف، فدرس التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، ودرس أمهات الكتب في كل هذه العلوم السالفة الذكر على أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم.

قال عنه الشيخ علي الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته التي جعلها على شرحه الصغير لمتن خليل: "هو العلامة الإمام والقدوة الهمام، شيخ المالكية شرقًا وغربًا، قدوة السالكين عجمًا وعربًا، مربي المريدين، كهف السالكين، سيدي أبو عبد الله بن علي الخراشي.

انتهت إليه الرياسة في مصر حتى إنه لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته، وطلبة طلبته، وكان متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة، حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدًا، ورعًا، متقشفًا في مأكله وملبسه ومفرشه وأمور حياته، وكان لا يصلي الفجر صيفًا ولا شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضي بعض مصالحه من السوق بيده، وكذلك مصلحة بيته في منزله".

وكان الشيخ الخراشي قريب من الناس يتشفع لهم في كل أمر أهمهم ويقضي مصالحهم، حتى أصبح الناس ينادون باسمه كلما تعرضوا لأمر جلل، فأصبح كلمة "يا خراشي" معروفة حتى يومنا هذا، فإذا ظلمهم ظالم يقولون: يا خراشي، وإذا ظلمهم حاكم البلاد قالوا: يا خراشي، وإذا اختلف الناس قالوا: يا خراشي، وحتى عندما تصيبهم مصيبة يقولون: يا خراشي، وفي ذلك دلالة على مدى قوة الأزهر الشريف وعلماءه في ذلك الوقت.

توفي الإمام محمد بن عبدالله الخراشي صبيحة يوم الأحد السابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة (1101هـ الموافق 1690م) عن عمر يناهز التسعين عامًا، ودفن -رحمه الله- مع والده بوسط قرافة المجاورين، وقبره معروف، تاركًا للأزهر ما يقرب من عشرين مؤلفًا، ما زالت من أهم المراجع للعلماء.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان