العشر الأواخر.. برامج وأنشطة أسرية
كلنا سعدنا بالضيف الكريم، ورحب به كل منا على طريقته الخاصة، بعضنا فكر في الإعداد لاستقباله واستثماره ربما بنفس الطريقة التي اعتدنا عليها (الصوم، الحفاظ على صلاة التراويح ما أمكننا، الإكثار من صدقة السر والعلن، دعوة الأهل والأصدقاء للإفطار لأخذ ثواب إفطار صائم وثواب التراحم وصلة الأرحام) والبعض الآخر فكر في أن يكون رمضان هذا العام مختلفا بعض الشيء يزيد فيه من عبادته ويطور منها ليعدد نياته ويجعلها عبادة إيجابية تغير من نفسه وممن حوله.
لكن الضيف الكريم يوشك أن يرحل، ذهبت عشر الرحمة والمغفرة ولم يبق إلا عشر العتق
فهل فكرنا في وقفة لاسترجاع ما كان مخططا له لنرقب مدى تحقق ما رصدناه من أهداف وننظر في سبل استمرار واستكمال أي خير أو تغيير إيجابي حدث لنا في رمضان ليكون بداية وليس نهاية.
معان أخرى للتطوع
مجموعة من الفتيات في العشرينيات من عمرهن قررن أن يقمن معا بإعداد وجبات لإفطار شرطي المرور وعمال النظافة وغيرهم ممن يحتم عليهم عملهم أن يكونوا وقت الإفطار في الشوارع بعيدا عن ذويهم.
وفي إحدى جامعات مصر قرر الطلبة والطالبات عمل مشروع (طبق الخير) حيث تقوم كل طالبة أو طالب ممن يرغبون في الاشتراك في المشروع بإعداد طبق يوميا ما يجيد صنعه ويقوم بتغليفه ليحضر اليوم التالي إلى الجامعة ويقام سوق خيري لبيعه ليعود العائد كل يوم لصالح هيئة أو مجموعة من الأطفال أو الطلاب ممن يحددونه.
في مكان آخر قرر أحد المشرفين التربويين عن مجموعة من الأطفال أن يكون رمضان هذا العام فرصة لتغيير معنى التطوع لدى الأطفال الذين يشرف عليهم ليكون التطوع إنتاجيا ويكون التصدق من عمل أيديهم؛ حيث قام مع الأطفال بتجميع الورق القديم وبيعه للمصانع التي تعيد تصنيعه من جديد، ثم يقومون هم بالتصدق بالعائد في أوجه مختلفة.
مشاريع الأمهات
تحكي منى أم لـ3 بنات أنها قررت أن يكون رمضان هذا العام فرصة لتكثيف العبادة الجماعية مع بناتها من تراويح ومحافظة على صلاة الفجر وحفظ للقرآن. كما أنها استهدفت هذا العام أن تتدرب البنات على تلاوة أذكار الصباح والمساء بانتظام في جماعة مع السعي إلى ختم القرآن لمرة واحدة. بالإضافة إلى توزيع وجبات الإفطار على مجموعة من رجال شرطة الحراسة.
لكنها تستطرد بأن الدراسة والامتحانات والعمل كان معيقا لاستمرار البرنامج كما خططت له، وكان لانشغال البنات بالامتحانات لبعض الوقت أثر في انقطاعهن عن الالتزام بتطبيق ما اتفقن عليه مما أخر قراءتهن في المصحف وأصابهن ببعض اليأس من عدم القدرة على إمكانية ختم القرآن قبل نهاية الشهر.
وعن برامجها في العشر الأواخر من رمضان قالت بأنها لم تخطط لهن بشيء بعينه لكنها تسعى لاستدراك ما فات وتنوي التركيز على هدف واحد وهو تكثيف الالتزام بالأذكار تمهيدا ليكون رمضان بداية الالتزام بها وليس نهايته. بالإضافة لاستمرار ما بدأنه هذا الشهر من تقليل حجم الشجار بينهن والالتزام بحفظ اللسان حتى أثناء الشجار، والاستعداد للإعداد لصدقات العيد من ألعابهن وملابسهن القديمة.
بطاقات الخير
أما (أم نور) لديها طفل في التاسعة وطفلة في السابعة فتقول: إنها كانت تحرص مع أطفالها على المواظبة على حفظ القرآن بانتظام وكذلك تدريب طفلتها ذات السبع سنوات على صيام أيام كاملة، أم الجديد فقد اتفقت مع محفظة القرآن على عمل بطاقات صغيرة ملونة بعدد أيام الشهر الفضيل يقوم الأطفال كل يوم بسحب بطاقة من هذه البطاقات لتنفيذ ما فيها من عمل صالح هذا اليوم يتنوع بين عمل بر أو القيام بصدقة أو مساعدة داخل البيت أو الالتزام بخلق...
وعن برامجها في العشر الأواخر قالت إن الدراسة لا تترك لها فرصة لعمل المزيد وكل ما تحاول فيه هو الالتزام بهذه الأعمال.
شجرة الحلم
أما (أم منة) أم لطفل في العاشرة وطفلتين في الثامنة والسادسة، فتحكي أن الغالب في العشر الأواخر من رمضان هو انشغال الأهل بالتحضير للعيد، وفي رأيها لا يوجد من يخطط للعشر الأواخر بشيء منفرد بل من يخطط لبرامج رمضان فهو يخطط للشهر من بدايته.
وعن تجربنها مع أسرتها تقول: إنها جعلت (خلق الحلم وعدم الاندفاع) هو خلق هذا العام أما في العشر الأواخر فإنه استمرار للتأكيد على هذا الخلق واحتفال بالنتائج، وكذلك نقطة انطلاق لما بعد رمضان باستمرار التأكيد والتعايش مع هذا الخلق... وتبتسم فقد جاءتها فكرة أن يكون الاحتفال بإحضار بذرة لشجرة لتقوم بزراعتها مع ابنها الأكبر الذي يعاني من الاندفاع وتجعله يرقب طوال العام رعايتها ونموها مع نمو خلق الحلم بداخله لينبهه هذا إلى أن ما نبدؤه في رمضان هو بذور للتغيير الذي ينمو كما تنمو الأشجار بالرعاية والتعهد وليس بالنوايا التي لا يعقبها عمل مستمر للتغيير، ولتجعل من نمو الشجرة نموذجا حيا ملموسًا لكل ما تحاول أن توصله له من معاني الاجتهاد لإحداث أي نوع من التغيير.
وحين سألتها هل هذه فكرة ليكون كل رمضان فرصة لغرس بذرة لشجرة جديدة؟ فتبسمت وقالت: يا لها من الفكرة لو نفذت وكم من الأشجار سنعمر بها العالم ونفوسنا.
برامج وأنشطة أسرية
وإلى جانب الأفكار السابقة يمكن التكثيف من ممارسة الأنشطة التالية التي نسوقها للتذكير فكثير منا يحرص عليها من بداية الشهر الفضيل:
1- الإكثار من صلة الرحم بالزيارة أو الاتصال الهاتفي.. وأعظم الصلة للوالدين ثم الأقرب فالأقرب مع اختيار الوقت المناسب، خصوصا مع قدوم العيد والتهنئة والتواصل فيه.
2- الدرس اليومي لأفراد الأسرة بموعد مناسب يجلس فيه أفراد الأسرة جميعاً لمدة يسيرة يطالعون فيه جزءا من كتاب أو يعرضون فيه لمناقشة موضوع ما، أو يطلب من الأولاد أن يقرأ كل منهم قصة أحد الصحابة ليحكيها للأسرة في هذا الموعد.
3- في ظِلال آية: جلسة قصيرة لمدة 10 دقائق.. أسرية قبل التراويح، يتلوها أحد الصغار بالمنزل قراءة مجودة.. ثم يعقب الوالد أو الوالدة على الآيات.. مع ربطها بالحياة، ويمكن تخير الآيات التي يرى الوالدان أنها تقابل أخلاق يريدون غرسها في نفوس الصغار أو مرتبطة بسلوك يريدون تصحيحه.
4- المسابقة الأسرية فيمكن تحديد سورة معينة من قصار السور للحفظ خلال الأيام العشر المتبقية من الشهر يشارك الصغار والكبار فيها ولتوزع الجوائز في حفل عائلي أول أيام العيد.
5- صندوق الصدقة يتم وضعه في مكان بارز في المنزل يكون فيه بداية تعويد للأسرة على الإنفاق في أوجه الخير المتنوعة، يضع كل فيه من مصروفه الشخصي أو يجعلها جزءا من استغفاره عن أي مخالفة يرتكبها في هذه الأيام.
6 - المجلة الحائطية يشارك فيها أفراد الأسرة بمختلف الموضوعات ومن ثم تعلق على الحائط وتجدد موضوعاتها ومقالاتها من وقت لآخر.
7 - المكتبة السمعية والهدف منها الاستفادة من الأوقات البينية ليتسنى مثلا سماع الأم في المطبخ للأشرطة أو البرامج المفيدة أثناء إعداد الوجبات أو أثناء قيادة السيارة..إلخ.
8- إفطار صائم بتحضير وجبات يومية توزع على الصائمين في أماكن مختلفة.
9- الملابس المستعملة ونحن على أعتاب العيد حيث تجمع الأسرة الملابس المستعملة الزائدة عن الحاجة وتقوم بغسلها وكيها لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.
فرصة لتأصيل التغيير
وتعلق الأستاذة نفين عبد الله المستشارة بالقسم الاجتماعي، وإحدى المشاركات في برامج (حرر نفسك): بأن رمضان يأتي كل عام وهو يحمل معه نسمات التغيير إلى الأحسن غالبا فها هي الأسرة تغيير من برامجها لتجتمع على وجبة الإفطار والسحور والسمر بينهم على خلاف العام كله الذي نجد الأب غالبا غارقا في أعماله ولا يجد الوقت الكافي للجلوس مع أطفاله والحديث معهم.
ونجد الأم تقلل من عصبيتها وحدتها وتعمل على كبت غضبها مع أولادها بتأثير انشغالها بالعبادة التي تجعلها أهدى وهي تلزم جانب الله وتأخذ من عبادتها زادا معينا على الصبر والحلم وسعة الصدر مع أولادها، بل ويساعدها الأطفال بكونهم أكثر هدوءا والتزاما بحسن الخلق فيما بينهم لانشغالهم بالعبادة ورغبتهم بالنهم من معينات كظم الغيظ التي تفوح في جنبات عبادة رمضان.
لنخرج بفكرة تعيين البيت كله على كبت الغضب ويكون رمضان فرصة طيبة لبدايته وهي تثبت فكرة التشارك مع الأطفال في أعمال جيدة وعدم ترك الأم نفسها أو أطفالها لفراغ يسعون لملئه بالباطل والمشاكل.
كذلك فهو فرصة ليتأكد كل أب أنه لو كانت لديه النية والعزيمة الصادقة على أن يزيد من تواجده في حياة أطفاله فسيجد الوقت حتى عن طريق اصطحابهم في أداء عبادته (صلاة الجماعة، عمل الصدقات...) ومن ثم توطيد العلاقة معهم وإيجاد فرصة للإجابة عن أسئلتهم.
وتلخص القول بأن رمضان فرصة لتأصيل نمط عادات إيجابية جديدة ندخلها على حياتنا.
المصدر: موقع إسلام اون لاين
فيديو قد يعجبك: