"طوابير السفارات".. لماذا توافد المصريون للتصويت في انتخابات الخارج؟
مواطنون: اصطحبنا أولادنا "عشان نزرع فيهم حب وطنهم".. والإقبال رسالة لدعم مصر
كتبت – نانيس البيلي:
يوم الجمعة الماضي، توجهت "هاجر حاتم"، بصحبة والديها وشقيقها وشقيقتها للسفارة المصرية بدولة الكويت، للإدلاء بأصواتهم في أول أيام انتخابات الرئاسة بالخارج. أذهل مشهد الطابور المصطف أمام السفارة ابنة الـ30 عامًا، فأخذت تلتقط الصور التذكارية مع أسرتها ومواطني بلدها الذين رفعوا اللافتات والأعلام المصرية والكويتية، "المنظر كان جميل جداً.. بهجة وحاجة تفرح" هكذا قالت.
لم تكن "هاجر" المصرية الوحيدة التي أذهلها الإقبال الكثيف، فقبل الانتخابات توقع الكثيرون انخفاض نسبة التصويت، وهو ما رد عليه مصريو الخارج بالتوافد على اللجان.
من الكويت والسعودية وقطر وإيطاليا وأمريكا والبحرين.. تواصل "مصراوي" مع عدد من المصريين المغتربين الذين أدلوا بأصواتهم في اليومين الأول والثاني للتصويت بالخارج في الانتخابات الرئاسية 2018.
وأشاد المصريون الذين اصطبغت أصابعهم بالحبر الفسفوري بطوابير الناخبين التي قالوا إنها فاقت توقعاتهم، وتحدثوا عن أجواء البهجة والفرح أمام السفارات والقنصليات، وكذلك المدة التي استغرقتها عملية التصويت وأبرز المشكلات التي واجهتهم.
"نزلت الانتخابات لأن دي مسؤولية وواجب وصوتي هو أقل حاجة أقدمها لمصر".. قالتها هاجر، الشابة الحاصلة على ماجستير في الإعلام من جامعة المنيا، مبررة حرصها على الإدلاء بصوتها، مشيرة إلى أنها أرادت وأسرتها توصيل رسالة لمن راهنوا على مقاطعة المصريين للانتخابات "ده لوحده يخليك تحس أكتر بانتمائك لبلدك وتعرف غلاوتها عندك".
حوالي 10 دقائق كانت المدة التي استغرقتها "هاجر" وأسرتها للدخول والإدلاء بأصواتهم على الرغم من الأعداد الكبيرة التي اصطفت في طوابير أمام السفارة، "التنظيم كان هايل وسهّل جدًا عملية التصويت، والمنظمين كانوا متعاونين وقد المسؤولية"، بحسب الشابة التي تعيش بالكويت منذ كانت بعمر عام.
أكثر من مشهد أثار إعجاب "هاجر" داخل الطوابير الطويلة المصطفة، لكن أهمها كان اصطحاب العائلات لأطفالهم، "زي ما يكونوا بيشاركوهم الفرحة ويربطوهم ببلدهم نفسيًا". تصمت قليلاً وتضيف أن وجود عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن المصوتين أحيا لديها الأمل "والله خلَّا الواحد يحس قد أيه مصر كبيرة عندنا وإن إنسان ممكن يكون مش قادر على الحركة بس تحامل على نفسه عشان خاطر بلده".
بخلاف هاجر، لم يتوجه "عطية الطويري" العامل الأربعيني إلى مقر السفارة المصرية بالكويت برفقة أسرته، لكنه جمع أصدقاءه في العمل المغتربين بدون أسرهم وذهب معهم، يقول الرجل "إمبارح دا كان يوم تاريخي، كنت حاسس إني مبسوط جداً وفخور بإني مصري".
عدة أسباب دفعت ابن محافظة قنا إلى المشاركة في الاستحقاق الديمقراطي، بزهو كبير يعددها: "أولاً علشان صوتى أمانة أمام الله، ثانيًا علشان أنا مصري وبحب بلدي، ثالثًا بشوف لما بتحصل انتخابات رئاسية لباقي الدول بيروحوا سفارتهم ويشاركوا في الانتخابات، رابعًا إحنا بنثبت للعالم كله إن المصريين رجالة أوي وعندهم انتماء لوطنهم".
أكثر من ساعة استغرقها "الطويري" للوصول إلى اللجنة للإدلاء بصوته بسبب التزاحم من جانب المصوتين، "عملية التصويت أخدت وقت شوية لأنه كان فيه ناس وطوابير كتيرة".
يقول إنه كان يتوقع وجود ذلك التزاحم "لأن اللي مش هينزل يشارك حتى لو مش علشان مرشح معين، هينزل يشارك علشان مصر وإلا يبقى مش مصري".
على الرغم من طول فترة التصويت وإجراءات التفتيش التي فرضها المنظمون غير أن أكثر ما أسعد "الطويري"، الذي يعمل بإحدى شركات الكويت، هو مقابلته لعدد كبير من الأصدقاء الذين لم يلتق بهم منذ سنوات "كنا بقالنا سنين بنتواصل على التليفون أو الفيسبوك بس.. الحمد لله صوتنا وشوفنا حبايبنا".
إيطاليا: وفود في أتوبيسات وسيارات خاصة
لم يكن المهندس "أحمد جمعة" في مدينة "ميلانو" محل سكنه في إيطاليا، يوم الجمعة الماضي، إلا أنه حرص فور عودته في اليوم التالي على التوجه صوب القنصلية المصرية بميلانو للإدلاء بصوته الذي يراه واجبًا وطنيًا، "عشان الدنيا كلها تعرف إن فيه مصريين وفيه انتخابات وفيه مصر جديدة بتتبني الحمد لله عفية وقوية وهتبقى أحسن".
"كان فيه إقبال ممتاز والناس وشها بشوش وكانت حاجة جميلة ويوم ظريف"، يصف "جمعة" الذي يقيم بإيطاليا منذ 17 عاما مشهد الطوابير أمام القنصلية المصرية. ويضيف أنه شاهد أفواجًا من الناخبين يتوافدون في مجموعات داخل أتوبيسات وسيارات خاصة، "كله كان بيشارك كبار وصغار، رجال وسيدات وشباب"، ومعظمهم قدموا من مدينة "تورينو" التي تبعد أكثر من 250 كيلومترا عن مقر القنصلية.
قرابة 40 دقيقة استغرقها "جمعة" للإدلاء بصوته، وأشاد بالتنظيم قائلا: المشكلة الوحيدة التي واجهتها كانت وجود بعض التزاحم، غير أن تعامل السلطات الإيطالية خفف من الأمر، "كان فيه نظام وتفتيش وكنترول قبل الدخول لصالة الانتخاب".
قطر: درس للمقاطعين.. النزول لدعم مصر
في اليوم الأول لانطلاق عملية التصويت في الخارج، لم يحرص فقط "عصام خضير" المصري المقيم في دولة قطر على التوجه للإدلاء بصوته في مقر السفارة المصرية بالدوحة، بل أيضًا اصطحب عددًا من أصدقائه معه في سيارته ممن لا يملكون سيارات خاصة، "عشان أيسر عليهم إننا نروح ندلي بصوتنا ونتشارك معاً في أداء هذا الواجب الوطني".
يقول "خضير"، الذي يعمل مصمم جرافيك منذ عدة سنوات بقطر، إنه حرص على المشاركة في العملية الانتخابية حتى لا يعطي الفرصة لمن يدعون للمقاطعة بحجة أن الانتخابات محسومة لشخص معين، "أردنا أن نعطي لهؤلاء درسا أن النزول ليس لشخص محدد بل للوقوف خلف مصرنا في هذه الفترة التي نعلم جيداً مدى حساسيتها وأهميتها".
لم يتوقع الرجل الطوابير المصطفة أمام مقر السفارة، "المشهد في الحقيقة كان مفاجئ جداً من كثرة أعداد المصريين الذاهبين للاقتراع والعائدين أيضًا". ويضيف أن المصريين توافدوا للتصويت من مختلف المناطق والمدن القطرية "أعتقد أن الإقبال هذه المرة سيفوق أي عملية انتخابية سابقة".
مشاهد عديدة من بين طوابير المصوتين لا تزال عالقة في ذاكرة "خضير"، يقول إنه شعر بأن الجميع ذاهبون في نزهة "شفت طفل يمسك علم مصر وواحد تاني رسم العلم على وجهه وناس ارتدوا تيشرتات بألوان العلم".
ولم تستغرق عملية التصويت أكثر من 5 دقائق على الرغم من التزاحم الكبير، بحسب "خضير": كان فيه تنظيم وتيسير ملحوظ من بداية دخول مقر الانتخاب لحد الخروج، يقول إنه ينوي اصطحاب باقي أفراد أسرته وأطفاله الصغار فِي اليوم الثالث والأخير إلى مقر السفارة للتصويت، "عشان يشاركوا ويشاهدوا المناسبة السعيدة دي وأزرع فيهم حب وطنهم".
السعودية: 25 لجنة لتقليل الزحام
ما إن فرغ "إسلام عبدالستار" ابن الـ28 ربيعًا من أداء صلاة الجمعة، حتى تحرك صوب السفارة المصرية بالرياض ليلحق بالتصويت في انتخابات الرئاسة قبل التزاحم، "أول ما وصلنا لقينا الناس كتير وبدأت توصل وتقف في الطوابير، مكنتش متوقع هلاقي حد أصلاً بعد الصلاة لأني قلت أنا رايح بدري".
"أنا شاركت لأن ده واجب وطني عليا لازم أعمله، كنت حاسس إني صح طول ما أنا محافظ علي حقي الدستوري وحق بلدي عليا"، يقول "إسلام" عن حرصه على الإدلاء بصوته، ويضيف أنه توقع مشاركة الناخبين ولكن ليس بنفس الكثافة العددية "مكنتش متوقع الاقبال الكبير ده بصراحة، المنظر كان بجد مشرف جداً".
وسائل المواصلات اللازمة لانتقال الأفراد من مقر سكنهم بالمدن المختلفة إلى مقر التصويت بالسفارة والقنصلية، كانت أبرز المشكلات التي واجهت المصريين بالمملكة خلال عملية التصويت، بحسب ما يقول "إسلام" الشاب الذي يعمل أخصائي تسويق ومبيعات بشركة سعودية.
وتابع الرجل: "فيه ناس كتير مش معاها سيارات وواجهت صعوبة إنها تروح".
لم يستغرق إسلام سوى 15 دقيقة للإدلاء بصوته على الرغم من عدد الناخبين الكبير، "كان فيه تنظيم وعدد اللجان كان أكتر من ٢٥ لجنة في السفارة".
مايكل.. سافر من السعودية للبحرين للإدلاء بصوته
من المملكة العربية السعودية، حيث يقيم مع طفليه وزوجته منذ 10 سنوات، سافر "مايكل حنا" الصيدلي المصري إلى دولة البحرين للإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة، حيث تبعد السفارة والقنصلية المصرية في مكة والرياض أكثر من 4 ساعات عن مكان سكنه بمدينة "الخبر" شرق المملكة، "رُحت البحرين مخصوص عشان أنتخب لأنها أقرب مكان ليا أصوت فيه.. ولأني بحب بلدي وده دين في رقبتي لمصر" يقول الشاب الثلاثيني لمصراوي.
توقع "مايكل" أن تكون نسبة المشاركة قليلة غير أن مشهد الطوابير المصطفة أمام السفارة المصرية بالبحرين فاجأه، "الناس خيبت ظني وروحت لقيت أعداد رهيبة". ويشير إلى سعادة طفلته وطفله بعدما شاهدا إدلاء والديهما بصوتيهما وبعدها أخذوا يلتقطون معًا الصور التذكارية "كنا في حالة نشوة وفرح من إمبارح.. وكنا هنزعل جداً لو ما شاركناش في حدث تاريخي زي ده".
أمريكا: كبار السن "يؤدون الواجب الوطني"
رغم من سنه المتقدمة التي اقتربت من الـ70 عاما، أصر "مجدي المصري" الذي يقيم في أمريكا منذ 21 عامًا على الانضمام لطابور المصوتين في اليوم الأول لفتح باب التصويت في السفارة المصرية بواشنطن، "عشان دي بلدي اللي عايز مصلحتها وبحبها وقضيت فيها شبابي وأيامي الحلوة، ولأن ده واجب على كل مصري سواء في مصر أو عايش بره مصر".
شعور كبير بالفرح انتاب الرجل الذي كان يعمل بشركة سيارات قبل خروجه للمعاش، وهو يقف في طابور الناخبين "بس رغم الزحمة دخلت وخرجت مفيش 3 دقايق"، يصمت قليلاً قبل أن يتذكر مشهد المتوافدين للتصويت "معظمنا كنا كبار في السن، وناس قاعدة على كراسي متحركة بس رايحين يؤدوا الواجب اللي عليهم لمصر".
فيديو قد يعجبك: