"العيال كبرت".. لقاء مع ناخبين في "سنة أولى تصويت"
كتبت - مي محمد:
منذ أسابيع، وبعد يوم واحد من إتمامه الـ 16 عامًا، طلب عمرو جمال من والده أن يذهب معه إلى مدرسته ليختم أوراق استخراج بطاقة الرقم القومي الخاصة به، وبعد حصوله عليها، وقف عمرو وسط زملائه بملامحه السمراء يصيح بفرحة: "أنا طلعت البطاقة هانتخب المرة دي".
منذ انتخابات الرئاسة الماضية، أي ما يقرب من 4 سنوات، كان عمرو يحلم باليوم الذي سيصبح فيه ناخبًا لأول مرة، ويحق له التصويت، ويصير مؤثرًا في ما يدور بمصر.
وعلى عكسه، لم تشعر منة ماهر، الطالبة في الصف الثالث الثانوي بنفس الفرحة، بالرغم من أنها أتمت عامها الـ 16، ولم يهتم أهلها باستخراج بطاقة رقم قومي تثبت فيه هويتها، ومازالت من وجهة نظرهم في منزلة الأطفال، وهو الأمر الذي جعلها تقول بنبرة حزينة: "أنا عارفة إن لكل شخص حق في التصويت، واختيار المرشح إللي يأمن مستقبله، وبستغرب جدا من صحابي اللي عندهم بطاقات ومابينتخبوش".
ولحل تلك الأزمة، قرر محمود الحسيني، الذي أخذ على عاتقه مهمة تجميع أصدقائه والذهاب لإنهاء كافة الإجراءات اللازمة لاستخراج البطاقات، وكذلك تجميعهم أيام الانتخابات والانطلاق للتصويت حتى لا يصاب أحدهم بالكسل، يقول محمود بصوت يملأه الحزم والحماس: "لو الشباب كلهم منزلوش الانتخابات يبقى إيه لازمتنا؟!، لازم نختار ونفكر ده حقنا، وحق البلد علينا".
أما بطاقة الرقم القومي بالنسبة لميرنا رأفت (الصف الثالث الثانوي)، ليست مجرد إثبات شخصية، وفقًا لقولها، بينما هي شهادة تؤكد أن لها حقوق وطنية، وعليها واجبات، أبرزها اختيار رئيس جمهورية لمصر.
وتتمسك ميرنا بحقها، وحق جميع الشباب في التصويت في الانتخابات الرئاسية، لما له من تأثير على اتخاذ القرارات المصيرية في البلاد، وتحديد مصيرها، بحسب قولها.
وبرغم أن رنا العليمي، لم تنشأ في أسرة تهتم بالأمور السياسية، ولم ترى يومًا أحدًا من ذويها يدلي بصوته في أي انتخابات، ولكنها حينما أمسكت ببطاقة الرقم القومي الخاصة بها لأول مرة، ورأت الكلمات الثلاث "طالبة، آنسة، مصرية" بجانب اسمها أدركت أنها أخيرا قد كبرت، ولم تعد طفلة، وأنه أصبح لها هوية تمنحها الحق في أن تدلي بصوتها، وبعد مناقشات دارات بينها وأصدقائها، قالت: "أنا هروح انتخب.. ولوحدي".
أما مازن ومروان، وهما توأمان في الصف الثالث الثانوي، حصلوا أخيرًا على بطاقة رقم قومي هذا العام، وكانا يذهبان برفقة والدهما في أثناء تصويته في بعض الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية، قرر الصبيان أن يذهبا سويا إلى لجنة الانتخابات لأول مرة، حتى يقتنصا حقهما في التصويت.
وكانت نهى حسين، ابنة الـ 15 عامًا وقت الانتخابات الرئاسية السابقة تُجرى في مدرستها أمام المنزل، ولكن لم يكن لها حق الانتخاب حينها، وهو المشهد الذي أثار غيرتها، ووصل بها حد البكاء؛ لأنها لم تستطع أن تأخذ نفس الحق في الانتخاب.
واليوم لم تعد نهى تحمل هذا الشعور، بعد أن أصبحت طالبة في الفرقة الثانية بكلية الإعلام، وأصبحت تحمل بطاقة رقم قومي، ولها الحق في المشاركة في المشهد الانتخابي، الذي أدركت أهميته منذ كانت ترى كبار السن يتحاملون على أوجاعهم ويذهبون إلى اللجان.
تتساءل نهى عن الفارق بين مواطن يعلم حقوقه وواجباته ولا يؤديها، والشخص الميت في تعجب، كيف يتنازل المواطن عن حق منحته إياه الدولة؟، داعية جموع الشباب للنزول والتصويت أيًا كانت توجهاتهم ورؤيتهم، قائلة: "انزلوا قولوا لأ أو آه، انزلوا اختاروا إللي إنتم عايزينه، بس ده حقكم، وده واجبكم".
وتقول الطالبة أسماء موسى (بكلية الطب)، أنها لم يكن لها حق اختيار اسمها، أو يوم ولادتها، أو حتى دراستها، وأنه دائمًا ما كان والديها هما من يختاروا كل شيء، ولكنها أخيرًا وجدت ما يعوضها هذا الشعور، أخيرًا سيكون لها حق التصويت والاختيار، وهو كافي، على حد وصفها.
فيديو قد يعجبك: