"عريس جديد".. كيف أوقعت مغامرة ممرضا تحرش بفتاة في مستشفى بالدقي؟
كتب - محمد شعبان:
الزمان: الاثنين الماضي
المكان: مستشفى خاص بحي الدقي
الأحداث: وصول فتاة عشرينية بحالة إعياء واشتباه إصابتها بفيروس "كورونا" ليتم تقديم الإسعافات الأولية لها في ظل معاناتها من ألم شديد في البطن وارتفاع بدرجة الحرارة.
المرة هي الأولى التي تدخل فيها الطالبة -التي تدرس بجامعة إسكتلندية- مستشفى على أرض المحروسة لاسيما إقامتها في دولة قطر لتجهل معها طريقة التعامل مع الأطقم الطبية.
فور دخوله غرفة الكشف، عمد "عبد الرحمن" الممرض العشريني لسؤال المريضة عن موضع الألم ما بين جانبها الأيمن والأيسر مرورا بـ"فُم المعدة" ليطالبها بالاسترخاء كنوع من العلاج قبل أن تصطدم الفتاة بصاعقة من هول ما تعرضت له.
البداية
داخل أحد أحياء عروس البحر الأبيض المتوسط، نشأ "عبد الرحمن" في أسرة متوسطة لكن حلمه بالالتحاق بأحد كليات القمة لم يفارقه قط حتى تحقق مبتغاه بحصوله على مجموع 96 % في الثانوية العامة أضحى معها طالب بكلية التمريض.
لم يكد ينتهي الشاب من دراسته حتى انتقل إلى قاهرة المعز وحصل على فرصة عمل في مستشفى العاصمة بحي الدقي وسط محافظة الجيزة ليبدأ رحلة بناء غد أفضل جاءت أهم محطاته بإتمام "نص دينه".
في 16 أغسطس الماضي، ودع "عبد الرحمن" حياة العزوبية، واستقر وزوجته في شقة سكنية بمنطقة بولاق الدكرور غرب الجيزة.
الممرض والفتاة
بمعنويات مرتفعة وابتسامة لا تفارق وجنتيه، عاد "العريس" إلى عمله مفعما بالحيوية والنشاط إلا أن تلك البداية كانت "نهاية حلم جميل" انتهى خلف القضبان.
الاثنين الماضي، طُلب من صاحب الـ28 سنة عمل الإسعافات الأولية لمريضة وصلت للتو تشير لوحة بيانات مُثبتة بسريرها أنها تبلغ من العمر 23 ربيعا تعاني من أعراض اشتباه إصابة بكورونا.
طبق الممرض بعض الإجراءات الروتينية؛ للوقوف على شكوى المريضة لكنها لحظات وقع معها في فخ نصبه له الشيطان. تظاهر "عبد الرحمن" بعمل "مساج" للفتاة -بدعوى أنه ذلك جزء من العلاج- بعد تركيب "محاليل" ليبدأ في أفعاله غير المبررة.
تحرش الممرض بالطالبة الجامعية من الخارج قبل أن يتطور الأمر بملامسته مناطق حساسة بجسدها -بينها أماكن عفتها-. أدركت الفتاة آنذاك أن الأمر بعيد عن الطب وطرق العلاج فأسرعت لإخراج هاتفها المحمول لإخبار عمتها.
أربكت الفتاة بفعلتها الممرض الذي أسرع بالخروج خشية تصويره وفضح أمره وبالتالي خسارته وظيفته في بداية حياته الزوجية.
مافيش كورونا
على مدار يومين، خضعت الفتاة لفحوصات طبية أثبتتها سلبية إصابتها بالفيروس اللعين، وأنها تعاني من التهاب في الحنجرة.
لم تستطع ذات الـ23 ربيعا نسيان ما تعرضت له، آثار الصدمة لاتزال تسيطر عليها لتبادر بسؤال أحد الممرضين "ده طبيعي في المستشفيات هنا؟" فأجابها "لأ طبعا". وأخبرت عمتها بما حدث التي لم تتوان في مراجعة مسؤولي المستشفى الذين منحوها صورة بطاقة الممرض المشكو في حقه.
الشرطة في خدمة الشعب
مساء أمس الخميس، بدت الأجواء مألوفة في قسم شرطة الدقي، حركة الدخول والخروج كالمعتاد مع اتباع الإجراءات الاحترازية المتبعة من الدولة حرصا على لامة المترددين على القسم والعاملين على حد سواء.
بالصعود إلى الطابق العلوي، لم يكد يلتقط المقدم هاني الحسيني رئيس مباحث الدقي، أنفاسه من تأمين جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشيوخ حتى أخبره شرطيا "في واحدة ست معاها فتاة عايزين يقابلوا حضرتك في موضوع مهم".
ثمة شئ شعر بها ضابط المباحث أنه على بعد لحظات من مغامرة جديدة سيتبدل معها سيناريو يومه المعتاد داخل أروقة القسم الحيوي الأمر الذي تحقق بمساعه شكوى الفتاة وتاكيد عمتها لروايتها. وحرص المقدم "الحسيني" على طمأنة الشاكية "محدش هينام إلا لما حقك يجيلك".
مغامرة في الحي الراقي
اجتماع سريع عقده رئيس المباحث مع معاونيه، اطلعهما خلاله على تفاصيل البلاغ، بحث ثلاثتهم خطة البحث تحت إشراف العميد عمرو طلعت رئيس قطاع الشمال.
انطلق الرائدان حسام العباسي وعمرو مصطفى معاوني مباحث الدقي، لجمع المعلومات من مسرح الحادث "المستشفى" وتكثيف التحريات حول المشتبه به فجاءت أولى المفاجآت "بقاله كام يوم مبيجيش" فضلا عن مراجعة كاميرات المراقبة التي أكدت الشكوك.
تقرير وافٍ وضعه معاونا المباحث أمام العقيد هاني شعراوي مفتش وسط الجيزة، الذي أشاد باحترافية تحركاتهم في وقت وجيز موجها بسرعة ضبط المتهم تنسيقا مع قطاع الأمن العام.
بالعودة إلى القسم القريب من نهر النيل، يجلس المقدم هاني الحسيني بحثا عن طريقة للإيقاع بالمتهم الذي يقيم ببولاق الدكرور ليقترح معاونيه حيلة تتجلى فيها دهاء وحنكة ضباط البحث الجنائي بالجيزة "إحنا هنجيبه لحد عندنا".
"انت فين ياعبده.. تعالى المستشفى استلم باقي مستحقاتك".. لم يتردد الممرض في التوجه إلى محل عمله نظرا لحاجته للمال باعتباره "عريس جديد" ليجد "كلبش" الشرطة في انتظاره.
بهدوء وثقة يحسد عليها، تظاهر المتهم بعدم درايته بواقعة الطالبة الجامعية، محاولا تضليل رجال الشرطة حتى جاءت لحظة الحسم على لسان رئيس المباحث "كل حاجة متصورة فيديو" ليؤكد صحة التحريات ويقر بارتكابه الواقعة مبررا فعلته "الشيطان شاطر".
24 ساعة من البحث والتحري احتاجها ضباط مباحث الدقي لإسدال الستار على الواقعة مع تلقيهم وافر الشكر من الشاكية وعمتها على سرعة الاستجابة للبلاغ. وأحال اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة، المتهم إلى النيابة العامة للتحقيق.
فيديو قد يعجبك: