- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
اعتاد متابعة ذلك الكلب متوسط الحجم ممتلئ الحيوية، يتحرك في بلكونة الجار القريبة نسبياً منه، هذا الجار الذي يبدو في منتصف الثلاثينات، وقد قطن هو وأسرته حديثاً، وخصص كامل البلكونة لذلك الكلب، وأضاف في أحد أركانها قفصاً مستطيلاً لينام فيه.
كان هو– وفقاً لثقافته وأسلوب تربيته– يخاف من الكلاب تماماً، حيث كانت رؤيتها تستدعي في ذاكرته تلك الكلاب الشاردة هزيلة الجسد التي شاهدها في شوارع طفولته، وحيث اعتاد الصبية قذفها بالحجارة ومطاردتها، كما يستدعي حضورها ذكريات ترقبه لها طفلاً وشاباً حين تجبره الظروف على أن يعود متأخراً إلى البيت، فيجد كلباً أو اثنين متخذين مكانهما على جانبي الشارع الواسع كأسدين شبه نائمين، كان يحس بهما كتهديد، خاصة كلما نبح أحدهما أو غادر مكانه .
متحلياً بكل هذه الأفكار كان يتعجب من كل الاهتمام والوقت والإمكانيات التي يتيحها ذلك الجار لكلب، نعم يبدو كلباً مختلفاً تماماً، لكنه أيضاً يظل كلباً، ينبح ويعض ويهاجم، هكذا يقول لنفسه.
كان الجار يترك البلكونة بإضاءة محدودة ليلاً ربما ليتونس الكلب، كما يترك له أوعية الطعام والماء، شاهده مرات عديدة– إذ يستيقظ مبكراً- فيجده يحمل دلو ماء صغيرًا ووعاء الصابون، ويدلف إلى البلكونة ينظف بقايا ما خلفه الكلب طيلة المساء، وقد يداعبه قليلاً بكرة مطاطية ونداءات مرحبة، ويقدم له الطعام ثم يغادر، وهكذا يكون أيضاً أول ما يفعله حين يتصادف أن يراه في فترة ما بعد الظهر.
يسأل أحياناً هل لا يحرص هذا الجار على عمله تماماً أم أنه يكيف ظروف العمل وفق نظام حياة ذلك الكلب، ثم ما كل هذا الوقت، وكل هذا الاهتمام الذي يصل إلى تعامل مباشر مع مخلفات إخراج الكلب دون تأفف أو حتى حرج من الجيران؟!، ويتذكر ألا أحد في هذا المنزل يفعل ذلك مع كلب البلكونة سوى الجار ذاته.
يظل يسأل كلما تصادف وتكرر مشهد الجار والكلب، هل يمثل ذلك تعبيراً عن حالة الصحبة والونس في مجتمعات ما بعد الإنترنت، حيث غاب البشر خلف الشاشات واستعاض عنهم آخرون بحيوانات شتى؟، وهل هي ثقافة البشر الجديدة ستمضي بتقاليدها في الحياة رسوخاً؟ وهل سيكون هناك احتياج عام موسع إلى وجود حيوان ما يمنحه البعض فائض اهتمام؟، يتذكر أن ذلك مشهد صار تقليدياً في السينما الغربية تعبيراً واقعياً عن تحولات حياة الناس، حيث الحيوانات لصيقة بالبشر تملأ فراغ تركه حضور الناس في أجيال سابقة، استعاضة ربما بألفة الحيوانات يلجأ إليها البعض اضطراراً أو مللاً أو هروباً عمن حولهم من البشر، أسئلة كثيرة تحيط بمشهد الاهتمام دون إجابات، لدرجة كان يود معها لو منحته الصدفة لقاءً مع هذا الجار، وتحدث معه قليلاً، هذا الجار الذى يبدو طوال الوقت صامتاً .
لا يهم، هكذا تحدث إلى نفسه، وأنه علينا حقاً احترام كل السلوكيات والثقافات التي ربما تتجاوز أفق ما اعتدنا عليه ما دامت تدخل في حيز الشخصي، ولا تسبب ألماً لآخرين أو أذى، هكذا كان ينهي دوماً سيرك أفكاره المنصوب، ينجح أحياناً ويفشل مرات، وعندما يمعن التفكير كان يرى أن تفهمه هو جزء من علامات نبض الحياة داخله وإدراكه فكرة تقبل الجديد فيطمئن قليلاً.
امتدت متابعة سلوك الرجل بصورة لا يتذكر كيف نشأت إلى متابعة سلوك الكلب ذاته، كائن قوي عفي يتم اختزال حياته وحركته في مربع البلكونة، ثم كل يومين أو أكثر يكتفي بنباح قصير رتيب لا يتناسب مع حيويته وشكله، أحياناً أيضاً ما تابعه وهو يتقافز ليعلق بقدميه الأماميتين في الجزء الحديدي العلوي من سور البلكونة، ربما محاولات محسوبة وحذرة تماماً لتجاوز مساحة البلكونة، سعياً وتشوقاً ربما لرؤية الدنيا الواسعة خارجها.
إعلان