- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في كتاب تمثي برنن المعنون بـ«إدوارد سعيد.. أماكن الفكر»، والذي صدرت ترجمته العربية أخيرًا، ورد اسم العازف الموسيقي البولندي إغناس تيغرمان، الذي لطالما تحدّث عنه المفكر والأكاديمي إدوارد سعيد بحُبٍّ وإكبار.
ولكن ما هي حكاية تيغرمان الذي اختار الاستقرار في القاهرة بدلًا من السفر إلى الولايات المتحدة، كما كان يفعل معظم الموسيقيين البارزين من أوروبا الشرقية في عصره؟ وما هي حكاية معهده الموسيقي في شارع شامبليون الذي تأثر به عدد من عشاق الموسيقى في مصر والعالم؟
ندخل أكثر إلى عالم تيغرمان، فنقرأ عنه:
«لم يكن يسمح بالمناقشة». «وكان محقًا دائمًا.. وكان يُريك كيف يجب أن تعزف القطعة التي تستعد لعزفها، وإن تجرأت على المناقشة، فكل ما كان عليه فعله هو أن يُريك النوتة الموسيقية التي وضعها المؤلف، وكان ذلك كل ما هنالك».
كان أفضل تلاميذه هنري باردا، كما قام بتدريس إدوارد سعيد وماريو فينغر ونيكولا كونستانتينيديس والأمير حسن عزيز حسن. وصفه حسن في كتاب بالإنجليزية عنوانه في "منزل محمد علي" بأنه من "عجائب الإدراك البشري".
يقول إدوارد سعيد في حوار صحفي معه: "التأثيران الرئيسيان في سنواتي الأولى كانا، أولًا، أستاذي في الموسيقى إغناس تيغرمان، الذي درست على يديه البيانو، وكان الرجل يهوديًا من أصل بولوني يعيش في مصر، وكان عازف بيانو مرموقًا وموسيقيًا رائعًا، وفد إلى مصر في عام 1933 وبقي فيها حتى توفي عشية حرب 1967. لقد ترك في نفسي أثرًا بالغًا خصوصًا لجهة موقفي من الموسيقى. التأثير الثاني كان سياسيًا، وهو الدكتور فريد حداد طبيب العائلة، كان فلسطيني الأصل ولكنه مولود في مصر وكان عضوًا في الحزب الشيوعي، ومات في (سجن) أبو زعبل في أواخر الخمسينيات على يد شرطة عبدالناصر، ولقد كان بالفعل وسيطي إلى السياسة، وإلى يسار السياسة (المعارضة السياسية). هذان الرجلان عنيا لي الكثير في تلك السنوات المبكرة".
في مقال نُشِر في أبريل 1987 لمجلة House and Garden عن شبابه في القاهرة، استدعى إدوارد سعيد مرة أخرى شخصية إغناس تيغرمان، مدرس وصديق العزف على البيانو. على انفراد، ذكر سعيد أنه على الرغم من الدراسات الموسيقية اللاحقة مع خمسة معلمين بارزين في مدرسة جوليارد الشهيرة في نيويورك، وفي بوسطن، فإنه "لو جُمِعوا كلهم معًا في واحد لما ساووا خنصر تيغرمان".
أما نيفين ميللر (أو نيفين حسين سري، ابنة رئيس وزراء مصر في عهد فاروق) التي درست في باريس عام 1948 على يد عازفة البيانو الفرنسية المرموقة مارغريت لونغ، فقالت إنه بعد التتلمذ على تيغرمان، كانت لونغ مخيبة للآمال.
في كتابه "تأملات في المنفى"، يقول عنه إدوارد سعيد:
"رأيتُ آخر نتيجة وبالنسبة لي أفضل نتيجة لحركة الهجرة في إغناس تيغرمان، وهو رجل يهودي بولندي ضئيل الحجم جاء إلى القاهرة في عام 1933، جذبه دفء المدينة وإمكاناتها على عكس ما كان موجودًا في أوروبا. لقد كان عازف بيانو وموسيقيًا عظيمًا، وطالبًا رائعًا لكل من تيودور ليشتيزكي وإغناز فريدمان، وهو عازب كسول، ثمين بشكل رائع وذو عيون مشرقة مع أذواق سرية وملذات غير معروفة، وكان يدير معهدًا للموسيقى في شارع شامبليون خلف متحف القاهرة.
"لم يعزف أحد دور شوبان وشومان بنعمة وقناعة بلاغية لا مثيل لها مثل تيغرمان. قام بتدريس العزف على البيانو في القاهرة، وربط نفسه بخدمة الطبقة الراقية في المدينة - حيث قام بتعليم بناتها، واللعب في صالوناتها، وإضفاء لمسة ساحرة على تجمعاتها - لكي يحرر نفسه، على ما أعتقد، من أجل التساهل البطيء في مساعيه الخاصة: المحادثة، الطعام الجيد، الموسيقى وأنواع غير معروفة (بالنسبة لي) من العلاقات الإنسانية. كنت طالبه في العزف على البيانو في البداية، وبعد أعوام كثيرة كنت صديقه. لقد تواصلنا بلغة إنجليزية تعرضت للهجوم من قبل الفرنسية والألمانية، واللغات الأكثر ملاءمة لتيغرمان، وبعد أن تخلّينا عن العلاقة بين المعلم والطالب، جمعنا معًا عددًا قليلاً من النشطاء من أيام القاهرة القديمة - كانت هذه هي أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات - لتشغيل الموسيقى والتحدث عن الذاكرة ووضع أنفسنا بالعودة بالزمن إلى الوقت الذي كانت فيه القاهرة ملكنا أكثر – عالمية الطابع، حرة، مليئة بميزات رائعة - مما أصبحت عليه. على الرغم من أنني بحلول ذلك الوقت كنت ناصريًا ومناهضًا شرسًا للإمبريالية، كان الأمر أسهل بكثير مما كان يُفترض العودة إلى نمط الحياة الذي تمثله أمسيات تيغرمان.
"توفي تيغرمان في عام 1967، بعد بضعة أشهر من حرب يونيو. على الرغم من احتفاظه بجواز سفره البولندي، فإنه خضع لقوانين الإقامة المصرية والضرائب والقيود المتنوعة لنظام عبدالناصر. لقد انزعج من القيود لكنه رفض التفكير في الانتقال إلى إسرائيل. "لماذا يجب أن أذهب إلى هناك؟" قال. "هنا أنا فريد؛ هناك الكثير من الناس مثلي. إلى جانب ذلك، أضاف: "أحب القاهرة". خلال أوائل الستينيات من القرن الماضي، بدأت في رؤيته في كيتسبوهيل، النمسا، حيث بنى لنفسه كوخًا صغيرًا. بحلول هذا الوقت، أصبحت صداقتنا تقريبًا نوستالجيا ونوعًا من استعادة الذكريات بالكامل؛ كانت قواعدها قد تحولت إلى القاهرة الغائبة بأناس رائعين وثياب ساحرة وحفلات رائعة اختفت جميعها".
قام باردا بتصوير تيغرمان في كيتسبوهيل في النمسا، حيث كان معلمه يستريح في كوخه الصيفي. وأشار باردا إلى صورة واحدة (مستنسخة على غلاف كتيب)، وهو يقول: "عيناه، تخترقان التلميذ تمامًا كالسكاكين!". يتذكر باردا ثورات غضب تيغرمان عندما لم يكن التلميذ على الدرجة المطلوبة من الاستعداد: كثيرًا ما كان باب الاستوديو الخاص به ينفتح بعنف، وتطير أوراق القطعة الموسيقية متبوعة بالتلميذ نفسه.
مع ذلك فقد أعجب به إدوارد سعيد أيما إعجاب، وكثيرًا ما تحدّث عنه، لم يكن يذكر قسوته بل دقة عزفه، ورشاقته وابتعاده عن المبالغة، لا سيما عندما كان يشرح كيف ينبغي أن تعزف القطع في قاعة التدريب، حيث كان يركّز كثيرًا على الدوّاسة Pedal، ناصحًا تلاميذه "بتنظيف" الصوت في بداية توليفة نغمية جديدة. كان إدوارد سعيد يدعو تيغرمان في بعض المناسبات إلى تناول العشاء مع العائلة، وكان يتجول وإياه بالسيارة في أنحاء المدينة.
وقد ذكر تلميذ سابق اسمه موريس إسكنازي أن قاعة التدريس كانت مُرتّبة على نحو فخم، وفيها آلتا بيانو متقابلتان من صُنع "ستاينوي" يجلس هو للعزف على إحداهما ويقابله التلميذ للعزف على الآلة الأخرى، ليعزفا في الوقت نفسه. وكان يحب السخرية: "ليس مطلوبًا منك أن تؤلف في أثناء عزف تلك القطعة" عندما يعزف التلميذ نغمات ليست موجودة في النص المكتوب.
ويقول تموثي برنن إن تيغرمان مكّن إدوارد سعيد من الحصول على نظرة خاطفة من القاهرة الفرنسية التحت-أرضية غير الشرعية ذات الصالونات والمسارح والاستوديوهات؛ القاهرة المرحة إن شئت. كان تيغرمان قد جاء إلى القاهرة في العام 1933 لأن "ممكناتها" جذبته، وفق تعبير سعيد الغامض، وأطلع إدوارد سعيد على عالم من "المتع غير المعروفة" وأنواع مختلفة من العلاقات الإنسانية.
قضى إغناس تيغرمان أيامه الأخيرة في مستشفى الأنجلو أمريكان بالزمالك والمستشفى اليوناني بالعباسية. توفي متأثرًا بسرطان البروستاتا في 30 مايو 1968 وهو محاط بطلابه السابقين والمعجبين به ؛ مثل ليلى عرابي والأمير حسن حسن وعائشة حمدي. دُفن العازف الموهوب، الذي تدين له أجيال عديدة من الموسيقيين المصريين والعالميين، في مقبرة البساتين اليهودية خارج القاهرة. كان اثنان من الغائبين البارزين في جنازته المتواضعة هما عازف البيانو مارسيل ماتا الذي كان سيتزوج في نفس اليوم، وهنري باردا، الذي كان مقيمًا في فرنسا منذ عام 1957.
أدى إدوارد سعيد دورًا مهمًا في الحفاظ على الإرث الذي خلّفه تيغرمان، فهو الذي اكتشف تسجيلًا ضائعًا كان في ذلك الوقت قد حاز إعجاب المتخصصين، وصار المصدر الرئيسي لمؤرخي الموسيقى الذين كانوا يسعون إلى ملء الفراغات في حياة عازف البيانو البولندي. ومن المفارقات أن تسجيلات تيغرمان كانت أندر من المعتاد؛ وذلك لأن الإذاعة المصرية حذفت أشرطة تيغرمان التي أُذيعت لاستعمالها لتسجيل أسطوانات دانييل بارينبويم، صديق إدوارد سعيد وكاتم أسراره فيما بعد.
إعلان