"الثورة السلمية" في بيلاروسيا تتحدى حملة قمع السلطة
مينسك - (أ ف ب)
أعلنت المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا، اليوم الثلاثاء، في خطاب أمام البرلمان الأوروبي أن شعب بلادها انتفض في "ثورة سلمية"، مع دخول الحركة الاحتجاجية في بيلاروسيا يومها السابع عشر، بدون أن تُظهر أي إشارة للرضوخ من جانب سلطة عقدت العزم على المضي في سياسة القمع.
ومنذ اعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، فوزه بولاية رئاسية رابعة، تدفق المتظاهرون البيلاروسيون إلى الشوارع بشكل يومي للمطالبة باستقالته. وحتى المطر لم يثنهم عن الخروج في تظاهرة جديدة الثلاثاء.
وعمد الرئيس البالغ 65 عامًا والذي يوصف بأنه "آخر ديكتاتور في أوروبا" إلى نشر قواته الأمنية لتفريق الحشود التي تنادي برحيله، بعد ادعائه أنه حاز 80 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وهو ما لاقى استنكارا من المنظمات الحقوقية ومسؤولي الاتحاد الأوروبي.
وتطورت حملة القمع الأولية لتتحول إلى أخرى منظّمة للضغط على المعارضين والموظفين الحكوميين لاجبارهم على التزام الصمت وأخذ جانب السلطة.
وكشفت تيخانوفسكايا في خطاب عبر الفيديو أمام البرلمان الأوربي أن البلاد تشهد أوسع تظاهرات في تاريخها الحديث بسبب عنف الشرطة ورفضا لنتائج الانتخابات.
وقالت في خطابها الذي ألقته بالإنجليزية "بيلاروسيا استيقظت. نحن لم نعد المعارضة بعد الآن، بل الغالبية. هناك ثورة سلمية قائمة".
وفرت تيخانوفسكايا إلى ليتوانيا بعد إعلانها فوزها في الانتخابات الرئاسية التي جرت بدون مراقبين أوروبيين، كما رفض نتائجها القادة الأوروبيون لافتقارها على وصفهم الى النزاهة والحرية.
وقالت تيخانوفسكايا "بيلاروسيا في أزمة وحالة اضطراب"، مضيفة "المتظاهرون السلميون يُعتقلون بطريقة غير قانونية ويُسجنون ويُضربون. هذا يحدث في وسط أوروبا".
"محاولات استيلاء على السلطة"
لكن لوكاشنكو رفض جميع الدعوات للتنحي أو إجراء انتخابات جديدة.
وأظهر فيديو رسمي الأحد لوكاشنكو وهو يصل الى مقره حاملا بندقية رشاشة بعد جولة بطائرة مروحية فوق مناطق التظاهرات، حيث وصف المتظاهرين بأنهم "جرذان".
واعتقل العديد من أعضاء مجلس التنسيق المعارض الذي يطالب بانتخابات جديدة، كما استدعي البعض الآخر للتحقيق، وذلك بعد ان اتهمهم لوكاشنكو بمحاولة "الاستيلاء على السلطة"
الكاتبة المعارضة وحاملة جائزة نوبل للآداب سفيتلانا الكسييفيتش التي عينت عضوا في مجلس التنسيق تم استدعاؤها الأربعاء للتحقيق من قبل السلطات بصفتها شاهدة.
والثلاثاء استجوبت السلطات ايضا بافل لاتوشكو الدبلوماسي السابق والعضو الآن في المجلس كشاهد لثلاث ساعات.
وكشفت المعارضة هذا الأسبوع أن إثنين من أعضاء المجلس اعتقلا بتهمة تنظيم إضرابات غير قانونية، أحدهما سائق جرار زراعي حكم عليه بالسجن عشرة ايام الثلاثاء لانتهاكه قوانين الاحتجاجات وتجاهل أوامر الشرطة.
وقال نشطاء إن الموظفين في المؤسسات التابعة للدولة التي تعد معقلا لأنصار لوكاشنكو استمروا بإضراباتهم ولكن على نطاق ضيق بسبب الضغوط التي مارستها السلطات عليهم للبقاء في وظائفهم.
وتجمع عشرات من المدرسين امام وزارة التربية الثلاثاء بعد تصريح لوكاشنكو هذا الأسبوع بأن من شاركوا في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات يجب طردهم و"يجب ألا يكونوا في المدارس".
"احتجاجات تاريخية"
تمكنت تيخانوفسكايا مدرسة اللغة الإنجليزية البالغة 37 عاما من دفع أعداد كبيرة للتظاهر قبل الانتخابات التي سُمح لها بخوضها بعد ايداع زوجها السجن ومنعه من الترشح.
واحتشد أكثر من 100 ألف شخص في شوارع مينسك خلال عطلتي نهاية أسبوع متتاليتين ضد إعادة انتخاب لوكاشنكو في تظاهرات وصفت بأنها تاريخية.
وقالت الشرطة الثلاثاء إنها فتحت ثلاث قضايا جنائية بعد أن تجمع الآلاف في ميدان الاستقلال في مينسك الاثنين احتجاجا على الانتخابات وعنف الشرطة.
وفي مقطع فيديو باللغة البيلاروسية نُشر الثلاثاء، دعت تيخانوفسكايا الى مزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مينسك، بينما خطط أنصار لوكاشنكو لتظاهرة مضادة في العاصمة.
ودعت مجموعة من المنظمات الحقوقية الأمم المتحدة إلى التحقيق في مزاعم التعذيب "الواسع النطاق والمنهجي" في مراكز الشرطة.
وتعهد الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على المسؤولين البيلاروسيين المتورطين بالتزوير المزعوم للانتخابات وتفريق المحتجين. وقال مسؤول أوروبي كبير الثلاثاء إن قائمة المستهدفين قد تضم ما يصل الى 20 مسؤولا.
وقالت تيخانوفسكايا الثلاثاء إن الحركة الاحتجاجية في بيلاروسيا ليست مع أو ضد روسيا أو أوروبا، واصفة التظاهرات بأنها "ثورة ديمقراطية".
والتقى مساعد وزير الخارجية الأمريكي ستيفن بيجون هذا الأسبوع تيخانوفسكايا في ليتوانيا، ووصفها بأنها "امرأة مؤثرة للغاية".
وبعد اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في موسكو الثلاثاء، دان بيجون "استخدام العنف ضد الشعب البيلاروسي".
وقالت السفارة الأمريكية إنه "أعرب عن دعمه لسيادة بيلاروس وحق الشعب في تقرير مصيره".
واتهم لوكاشنكو قوات حلف شمال الأطلسي بالتعبئة في بولندا وليتوانيا المجاورة، وأمر جيشه بالبقاء في حالة تأهب قصوى.
وحض الأوروبيون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الدعوة لحوار بين لوكاشنكو والمعارضة، لكن الكرملين حذر أوروبا من التدخل.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: