''الوتارة''.. مهنة صناعة الخيوط من أمعاء الأضاحي
كتبت - يسرا سلامة:
"العيد ده نعمة وخير على الكل.. مش للجزاريين بس".. ردد "عم محروس" هذه الكلمات متحدثاُ عن خير العيد، وليوضح معنى الصناعة التى يعمل بها .
"عم محروس" ليس جزاراً أو دباغاً أو بياعاً للحوم، كغيرها من المهن التي تلقى رواجاً كبيراً مع حلول عيد الأضحى فهو فقط يعمل بمهنة تُسمى "الوتارة"، هذه المهنة يستطيع أصحابها تحويل أمعاء الأنعام من البقر والخراف وغيرها من ذبائح العيد إلى خيوط يستخدمها "المنجدين" و"الخياطيين" فى عملهم "صنعة نادرة ومرهقة".
مهنة "الوتارة" كما يقول "عم محروس" - أحد أعمدتها بمنطقة مجرى العيون - أنها ليست منتشرة كثيراً فى مصر؛ فأصحابها معدودين على أصابع اليد الواحدة، بسبب إرهاق العمل فيها، وقلة الطلب على ذلك النوع من الخيوط من المنجدين، غير أنها تأخذ من شهر ذو الحجة موسم لها لبدء تجميع كل الأمعاء من الجزاريين والمحلات من منطقة المدبح بالسيدة زينب وغيرها من المناطق الشهيرة بالذبح، وبدء العمل وصناعة الخيوط لتوريدها للتجار.
"عم محروس" الذى تجاوز عقده السابع من العمر يعمل بهذه المهنة أباً عن جد، والده الحاج "محمود" أشهر "وتَار" فى منطقة مجرى العيون، والذى فارق الحياة بعد أن أسقى ابنه الصنعة النادرة، تاركاً محله الصغير وصورته على حائطها لتذكر ولده بأيامهما سوياً " احنا بنورد خيوط ليس فقط للمنجدين حولنا لكن أيضاً للمنجدين فى الأرياف".
يجد "عم محروس" وصبيانه الذين يعملون معه فى هذ الشهر رزقهم الحقيقى الذى يزداد عن باقى الشهور، مهنة "الوتارة" تعتمد بشكل رئيسى على تجفيف الأمعاء من الخراف والماعز والعجول وغيرها، والتى تنتشر فقط فى موسم عيد الأضحى؛ فبعد تمليح الأمعاء جيداً لمدة أسبوع، وتركها فى الملح والشمس حتى تجف، ثم تضاف إليها "الجملكة" لتصبح أكثر صلابة، ثم تشد لأمتار وتُباع بالمتر، ليستخدمها المنجدون على "أقواصهم" فى إنعاش الأقطان .
فيديو قد يعجبك: