في ميدان التحرير.. معتصمون وهتافات و''لُقمة عيش''
كتبت - نوريهان سيف الدين:
لعل المشهد لم يختلف كثيرا عن الأيام السابقة، و لكن إذا انتقلنا بالذاكرة ''فلاش باك'' لأيام الثورة الأولى، سنجد أن الوضع اختلف بشكل كبير، وبدلا من عناء الدخول والخروج من وإلى الميدان والمرور بلجان شعبية للتفتيش، فإن الوضع الآن أصبح أكثر يسرا، وربما تدخل خدمات ''الدليفري'' للمتظاهرين بالميدان.
نتكلم عن ''الباعة الجائلين'' بميدان التحرير، فبين انتقال أفراد من المتظاهرين للشوارع المحيطة بالميدان لشراء الطعام من المحلات القريبة، مرورا بـ''أفراد الخير'' الذين تطوعوا لإدخال كميات من ''الكحك والفطائر وزجاجات المياه'' للمعتصمين داخل الميدان، وصولا لسيطرة ''الباعة الجائلين'' على أطراف الصينية ومداخل شوارع طلعت حرب ومحمد محمود والفلكي.
''شاي، سندوتشات، معلبات وحلويات، سجائر'' والآن ''الفواكه والكسكسي والبطاطا واللب والتسالي'' .. كل هذه البضائع ستجدها بجوارك معروضة على عربات صغيرة من باعة يعرف بعضهم بعضا، ولا يستطيع فرد غريب الدخول بينهم إلا ''لو معاه واسطة جامدة'' أو تشفع له أحد الباعة الكبار في الميدان حتى ''يقلب رزقه'' ويبحث عن ''لقمة عيش'' بعد أن توقف الحال في البلد كلها، على حد وصفهم.
''عم سيد''، على عربة سندوتشات أمام مدخل ''محمد محمود''، يقول وهو منهمك في عمله: ''في أصعب الظروف الناس متقدرش تستغنى عن الأكل و الشرب، ووجودنا في الميدان رحمة للمتظاهرين، قبل كدا كان اللي يخرج بيتعرض للبلطجة وأحيانا الضرب والخطف، إنما دلوقتي إحنا في قلب الميدان ووسط الناس، ولو لا قدر الله قامت الدنيا اللي بيجرى على المتظاهرين بيجرى علينا''.
ويضيف الرجل الخمسيني: ''صحيح قبل كدا حصلت مشاكل بين البياعين والمتظاهرين، بس احنا واقفين في حالنا، والمشاكل بتحصل من البياعين الجداد، عاوزين يفرضوا نفسهم على المكان و كأنها ''أتاوة'' وخلاص، لكن دلوقت الناس خدت علينا وعرفتنا، وعرفت إننا واقفين في حالنا ومبنعملش مشاكل''، مؤكدا إن ''لقمة العيش بتنادي صاحبها'' ولو وسط النار، و ''الحمد لله الدنيا دلوقتي هادية عن الأول''.
أما المتواجدين بالميدان فتباينت تعليقاتهم، بين رافض لوجود هؤلاء الباعة في الميدان، ورؤيتهم أنهم ''مرتزقة'' وأخد أشكال ''البلطجية'' و مثيري المشاكل، وبين من يرى أنهم ''غلابة'' يبحثون عن ''لقمة عيش''، وخصوصا أن المتظاهرين يحتاجون إلى ''أكل وشرب'' لمواصلة اعتصامهم في الميدان، خاصة أن محلات الأطعمة تستغل الأزمة أحيانا، وأن المطاعم الكبرى مرتفعة الأسعار.
إلا أن مشكلة ''الأمان'' و الخوف من ''أنابيب الغاز'' المستخدمة في إعداد الطعام هي الهاجس الأكبر للمتواجدين بالميدان، ولكن ظل تعليق ''ربنا يستر'' هو الخاتمة الموحدة لكل رأي من آراء المتحدثين.
فيديو قد يعجبك: