فلسطين تحيي ذكرى "الدرة".. وإسرائيل تحتفل بميلاد "أولمرت"
كتبت - نوريهان سيف الدين:
على أبواب القدس المحتلة، تلك المدينة المتنازع عليها منذ عقود طويلة خلت، وقف جانب (ينتحب) ليحيي ذكرى طفل، طالته رصاصات الغدر وهو لا حول له ولا قوة، بينما على الجانب الآخر وقف فريق آخر (يحتفل) بميلاد رئيس الوزراء، مسرعًا في خطواته للدخول إلى "حائط المبكى" أو أحد الكنائس ليصلي من أجله، ومن أجل سنوات أكثر لـ"أولاد العم" بجوار "القدس".
اليوم -30 سبتمبر- تتوافق ذكرى "استشهاد محمد الدرة"، الطفل الفلسطيني الصغير، أثناء أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أو ما عرف بـ "انتفاضة أطفال الحجارة"، مطلع الألفية الحالية، كما يتوافق و"ميلاد إيهود أولمرت"، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ورئيس حزب كاديما الإسرائيلي.
"الدرة".. أيقونة "الانتفاضة"
13 عامًا مرت على أب "جمال الدرة"، توارى خلف "برميل أسمنت" يقيه وابنه الصغير وابل رصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، ذنبه الوحيد هو "عبور الشارع" أثناء اشتباكات ودورية أمنية في 30 سبتمبر 2000 بـ"شارع صلاح الدين" بقطاع غزة، لتلتقط العدسات إنزواء الأب وابنه لمدة دقيقتين على مفترق تقاطع الطريق، وإشارات بأن يكفوا الضرب، ثم غبار كثيف ما لبث أن هدأ، ليتضح مشهد الطفل ملطخا بالدماء، ومسجى على ساق والده وقد فارق الحياة، بينما الأب فقد الوعي من هول ما رأى.
رصاصات قاتلة اخترقت البطن والفخذ، ذكرها تقرير الطب الشرعي، كما سجلتها عدسات مصوري وكالات الأنباء العالمية، وهو الموقف الذي اهتزت له ضمائر العالم، وزاد عليه جنازة الدرة - مكفنا بعلم فلسطين- ومشيعا من "مخيم البريج" للنازحين الفلسطينيين، وتحركت جهات دولية لإدانة الحادث والتنديد بوحشية الهجوم الإسرائيلي تجاه المدنيين الفلسطينيين، وأيضًا مقاضاة إسرائيل بعد تكذيبها لوكالة أخبار فرنسية، واتهامها إياها بـ"فبركة الفيديو".
وكعادة إسرائيل في قلب الحقائق لما يروق لها و يبرئ ساحتها من سفك دماء الأطفال، وبعد أن اعتذرت إسرائيل - في البداية - عن حادث مقتل "الدرة"، عادت إسرائيل لتنفي إدعاء "عائلة الدرة" وتسجيلات المصورين بشروع جنودها بالتصويب، واستهداف مدني أعزل و طفله، وقالت أن الطفل قتل برصاص "متظاهرون فلسطينييون" أثناء تشابك لإطلاق النار في ساحة عملية الأحداث، ثم تراجعت مرة أخرى لتقول أنه "لا يمكن على وجه الدقة تحديد من أطلق الرصاصات على الدرة من جانبي الاشتباك".
"أولمرت".. سنوات "الصحافة" و "الصقور" و "الجنرالات"
الفتي المولود في 1945 بأحد مخيمات المهاجرين اليهود أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، نشط في سنوات عمره الأولى، وانضم لعدد من المنظمات الشبابية والسياسية العاملة من أجل نهضة "إسرائيل".
في بداية عمره؛ عمل "أولمرت" صحفيًا، ما لبث أن انضم بعدها لـ"جيش الدفاع" لتأدية الخدمة العسكرية في 1963، ومن هنا بدأ انخراطه بعالم "صقور" السياسة الإسرائيلية، و"جنرالات" جيش الدفاع، في دولة هي الأطول حروبًا في المنطقة منذ نشأتها وحتى الآن، وخلال تلك الفترة التحق بالجامعة العبرية، واستطاع إتمام دراسة "علم النفس والفلسفة" و"القانون"، كما عمل بـ"المحاماة" في منتصف سبعينات القرن الماضي.
ترشح "أولمرت" لعضوية "الكنيسيت" في عمر 28 عامًا، وحصل خلال نشاطه بالكنيسيت على عضوية لجان (المالية، الخارجية والأمن، التربية، الميزانية الأمنية)، ثم تقلد حقائب وزارية (الصحة و شئون الأقليات) بدءً من 1988 وحتى 1992، ليأتي بعدها في منصب "رئيس بلدية القدس" لعشر سنوات من 1993 و حتى 2003.
بداية العمل الحزبي كانت مع "الليكود"، ما لبث بعدها أن استقال منها لينضم إلى "كاديما" فور تأسيسه على يد "أرييل شارون" في 2006، بعدها تعرض "شارون" لوعكة صحية في 2006 دخل على اثرها في غيبوبة عميقة، و كان وقتها الحزب (حزب الوزارة)، فجاء "أولمرت" ليتسلم (صلاحيات رئيس الحكومة).
"انتخابات الكنيسيت ربيع 2006".. حصل فيها "كاديما" بزعامة "أولمرت" على الترتيب الأول، وأصبح من حقه تشكيل الوزارة، ليأتي القيادي الإسرائيلي صاحب التاريخ الكبير في نشاط العمل المدني والعسكري والوزاري على رأس الدولة العبرية، ثم تثار ضده وضد الحزب قضايا فساد، يقدم على إثرها استقالته للرئيس "شمعون بيرتز" خريف 2008، وواصل آداء مهمته كـ"رئيس وزراء حكومة إنتقالية" حتى مجيئ "تسيفي ليفني" على رأس الوزارة، ما تلبث أن تعجز في مواصلة العمل الوزاري، ليأتي "أولمرت" من جديد ليواصل مهمته.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: