''وجوه النيل'' بالألوان الطبيعية في معرض شبابي.. ''صور)
كتبت- دعاء الفولي:
تفرض نفسها على القادمين، تبهتهم التفاصيل فلا يحولون أنظارهم عنها، بعضهم يسند ظهره لمنزل من الطوب اللبن ليراها، صامتة، وحيدة، جميلة رغم الغُربة، الآخر يأبى أن يتركها دون الحصول على تذكار، لا يكتفي بشراء هدية أو اثنتين من أحد المحال التجارية، بل يلتقط صورًا، روح المدينة تتجمد في لحظة من الزمن، ضحكة طفل، ترحيب عجوز بالضيوف، فرح على طريقتها، هناك تتعانق الأشياء بسيطة لتصنع سعادة، لُطْف خفي يربت على أكتاف القادمين من ازدحام المدينة، فيعودون منها فرحين بذكريات التقطوها، ويتشاركوها مع الآخرين في معرض للصور عنها.
ثلاث شباب قرروا بعد العودة من أرض النوبة، إقامة معرضهم بـ''ربع السلام'' الكائن بشارع المعز، هم ''نادر نبيل'' و ''إسلام الشرنوبي'' و ''سلمان حسام''، لم يكن هدف الزيارة التقاط صور للمدينة؛ بل عمل فيلم قصير عنها، ولكثرة التفاصيل المتعلقة بها وبالسكان، فقد اقاموا معرض لصور فرضها عليهم الترحال داخل النوبة ''لما شفنا النوبة فكرنا إننا لازم نحكي أكتر عن الحياة هناك ونوضح الثقافة دي للناس'' يقول ''إسلام الشرنوبي''، أحد المصورين القائمين على المعرض.
أكثر من ثمانين صورة التقطها الشباب، بين صور لأشخاص، بيوت والنيل وغيرها، ساعدهم على ذلك ترحيب أهل النوبة بهم ''الناس هناك معندهاش مشاكل كبيرة مع التصوير وبيستضيفوا اللي بيجيلهم دايمًا''، طُرق نظيفة، كل منزل أمامه سلة بسيطة للقمامة، لكنها كفيلة لمنع الناس عن إلقاء المخلفات في الشارع، وحالة من الاطمئنان ''كنا بنسيب المعدات بتاعتنا جوه البيوت وباب البيت مش مقفول وبنخرج''، سمات رآها ''الشرنوبي''، ساعدته وزملاءه على خلق جو أفضل للتصوير.
عند العودة كان هناك أكثر من مكان لإقامة المعرض فيه ''لكن القائمين على ربع السلام رحبوا بينا ووافقوا فورًا والمكان لايق مع النوبة بشكل أكبر''، المرة الأولى لهم لإقامة معرض للصور، ولذلك كانت نسبة الخوف لديهم أكبر، على حد قوله، خاصة مع وجود بعض المشاكل التقنية المتعلقة بجودة الصور عقب الطبع ''بعض الصور طلعت أحجامها أصغر أو مش واضحة''، كان ذلك في اليوم السابق للمعرض، وقد تدارك الشباب الموقف بعد محاولات كبيرة ''اضطرينا نستنى على بعض الصور ليوم المعرض الظهر الساعة الواحدة عشان نطبعها تاني''.
مواقف جمعت بين المصورين والأشخاص الذين يصورونهم، يحكي ''الشرنوبي'' عن سيدة عجوز لفتت نظره، فوقف ليصوّرها، بدأ في سؤالها عن صحتها وسنها ومنذ متى تمكث في النوبة، وما حلمها، وعندما لم ترد علم أنها لا تفهم لغته ''جه أحد الناس وبدأ يترجملها كلامي، رغم إني مفهمتش اللغة بس حسيت إنها أثرت فيا جدًا''، حدثته عن حلمها بأن تعود إلى مكانها القديم قبل التهجير، وأنها لازالت تنتظر ثم تمنت له وأصدقائه السعادة. أما ''خلود'' وأختها، وقد التقط لهما ''الشرنوبي'' صورة بينما تهرولان، كانتا تمرحان في المنطقة ''كانوا بيلعبوا معانا وبيجروا حوالينا''، اللعب أو الركض لم يفصل بين أيديهما ''كانوا بيمشوا وبيرجعوا وبيجروا وهما ماسكين إيد بعض''.
بعض الصور أصعب من غيرها ''تصوير النوبة بالليل كان صعب جدًا لأن الشوارع بنسبة كبيرة بيبقى النور ضعيف فيها''، بالإضافة لممانعة البعض الظهور بالصور ''لكن كانوا بيقولولنا ده بطريقة محترمة''. بين المعروضات المتراصة والمتفرجون وقف الأصدقاء الثلاثة ممتنين بردود الأفعال ''فيه ناس كانت بتيجي تقولنا أخدتوا الصورة دي إزاي''، نظرات الأعين السعيدة بصورة مُعلقة تتأمل فيها، كان حلم ''الشرنوبي'' الذي تحقق بهذا المعرض. خاصة مع تلقيهم عرضًا عقب المعرض الأول ''بيت السحيمي كلمونا وطلبوا نعمل عندهم معرض تاني''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: