إعلان

أزمات ''الجنوب''.. في انتظار ''الإرادة السياسية'' و''رئيس منتخب''

06:25 م الأحد 09 فبراير 2014

أزمات ''الجنوب''.. في انتظار ''الإرادة السياسية''

كتبت : يسرا سلامة

في البداية كانت مصر والسودان جسداً واحداً، يربط بينهما شريان نهر النيل، وتتشابه بين الشعبين سُمرة سكانها، إلا أنه منذ حوالى النصف قرن انفكت مصر عن نصفها الجنوبي، بحصول السودان على الاستقلال الذاتى فى عام 1953، لكن وصولاً إلى الألفية الجديدة، أصبحت السودان الحد الجنوبى لمصر، وفى ظل أوضاع أمنية متعثرة للأخيرة، تُطرح التساؤلات عن علاقة البلدين، وكيف تحمى مصر أمنها القومى؟ وكيف تسعى البلدتين لقوة الروابط بينهما؟.

''الأخت الكبرى.. هكذا يمكن وصف وضع دولة السودان بالنسبة لمصر فى الأزمات التى تمر بها الأولى فى المنطقة، خاصة النزاع الذى صعد على السطح بين مصر ودول حوض النيل، تحديداً أثيوبيا، والتى شرعت فى بناء سد النهضة، دون مراعاة لانتقاص حقوق مصر فى المياه، ليبقى الموقف السودانى داعم للموقف المصرى على مختلف الأصعدة، لكن الإشارات التى تلوح فى الأفق تؤكد أن ضمانة السودانى ليست ''شيكاً على بياض''، وأن على مصر توطيد علاقتها مع السودان، من أجل تحقيق المصالح السودانية، خاصةً فى ظل وجود دول خارجية أو إفريقية تقدم يد المساعدة للسودان.
حدود السودان.. لا تهديد عسكري والنزاعات مقلقة.

يقول اللواء فؤاد علام الخبير الاستراتيجي أن الحدود السودانية المصرية لا تحمل أي تهديد أمنى على مصر، مشيراً إلى أن 80-90% من التهديدات الأمنية محددة في ليبيا، وباقي التهديد من حدود مصر مع إسرائيل وفلسطين، وذلك بسبب بعد المسافة بين مصر والسودان، فيقول الخبير :''من سيقطع مسافة الأف الكيلومترات إلى السودان ليهرب أسلحة، فى حين يُمكن التهريب من مسافة قصيرة من ليبيا أو قطاع غزة؟''.

ويشير الخبير الاستراتيجي إلى أن الانقسامات التى يشهدها جنوب السودان، وحركة الفصائل السودانية، تؤثر على الموقف السوداني إزاء مصر، إذ أن التهديد الأمنى من الجنوب تزايد بعد انفصال جنوب السودان، والذى أدى إلى تزايد النزاعات بين الفصائل، بجانب تواجد بعض الأصوات داخل السودان لرفض مشروع تحويل مياه نهر الكونغو، والذى من المفترض أن يربط مياه النيل بنهر الكونغو، وأن يوفر لها فائض مائى.

ويقدر ''علام'' صعوبة تواجد استقرار فى الأوضاع المصرية السودانية، وذلك بسبب سعى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، من أجل التحرك إلى ضرب المصالح المصرية فى الجنوب، بحسب قوله، مشيراً أن لمصر دوراً يجب أن تلعبه فى تقوية الروابط بين الشعب السودانى الشقيق، مثل الدعم الطبى أو الثقافى أو التعليمى، مثلما كان يحدث فى السابق مثل إنشاء مصر لجامعة فى السودان، لكن صعوبة الظروف الدولية الحالية على مصر، وفى ظل ظروف اقتصادية عثرة، جعلت العلاقات المصرية السودانية متوترة.

ووافق الخبير الإستراتيجى ''طلعت مسلم'' بعدم وجود تهديد عسكري من جهة الجنوب، أي بمعني عدم وجود خطر عسكري علي مصر من جهة الجنوب أو تهريب أسلحة، لكن ذلك إن حدث بشكل عشوائى، فيحدث من بعض الفصائل المتنازعة دون علاقة مباشرة مع الحكومة السودانية، وأن الحكومة السودانية لا تعلم عن الأمر، أو تعلم لكن ليس لديها القدرة العسكرية للمزيد من السيطرة على الحدود، ليضيف أن الحكومة ليست متورطة فى هذا الأمر.

وبحسب ''مسلم'' ، فإن تواجد أى حركة للأسلحة من الجنوب تكون فى إطار محدد أو إطار تجاري، من بعض العصابات أو الحركات المسلحة، مشيراً أن على الدولة المصرية أن تبحث فى هذا الأمر، خاصةً فى ظل تواجد قوى لجماعة الإخوان المسلمين فى السودان، وإن كان قليل العدد، أسسه ''حسن الترابى''، الزعيم الإسلامي السودانى الشهير.

السودان..الحليف الأقوى لمصر فى أزمة سد النهضة

ويقول ''مساعد أبو المعاطي'' خبير القانون الدولى فى شئون المياه أن ما يهدد العلاقات السودانية المصرية هو ميل السودان إلى المشروع الإثيوبي، والذى يبعد الدور الحيادى للسودان فى الوساطة، خاصةً فى ظل وجود نزاع سودانى إثيوبى على منطقة حدودية تُدعى ''الفشقة''، فى ظل وجود تسريبات أن أثيوبيا تريد التنازل عن المنطقة للسودان مقابل موافقة الأخيرة على بناء سد النهضة.

ويشير ''أبو المعاطي'' أنه يجب أن يكون هناك المزيد من التنسيق والتفاهمات بين السودان ومصر، وذلك لتوحيد موقف الدوليتن فى حالة التصعيد الدبلوماسي من ''أثيوبيا''، وذلك لمواجهة ذلك التهديد المائى الذى يواجه الدولتين معاً، مشيراً أنه ليس من مصلحة السودان بناء سد النهضة، لكن تظل مصر المتضرر الأكبر من بنائه.

وقد امتنعت مصر عن المشاركة فى اجتماعات مبادرة دول حوض النيل الشرقى، والتى تضم دول هضبة حوض النيل والهضبة الأثيوبية، وذلك بسبب القرار المنفرد لأثيوبيا بالتوقيع على الاتفاقية دون الاحتكام إلى القانون الدولي، وقد رفضت مصر المشاركة بجانب امتناع السودان عن التوقيع، وذلك بسبب أن الإتفاقية تنتقص من الحقوق المائية لمصر، وإن الاتفاقية لم تنص على الإخطار المسبق لمصر قبل الشروع فى بناء السد.
ويؤكد الخبير المائى ''أبو المعاطى'' إلى أن مصر هى الطرف الأضعف فى الاتفاقية؛ لآنها دولة مصب، لذا فالقانون الدولى يلزم الأطراف على اتفاقية مبادرة حوض النيل أو اتفاقية عتيبي الإطارية أنه يجب موافقة مصر والسودان معاً، وعدم الإلتزام فقط بالدول الموقعة حالياً، وهى '' إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا''.

أزمة ''أثيوبيا''.. فى انتظار ''إرادة سياسية''

ويشير ''أبو المعاطي'' إلى أن موقف السودان لا يزال حتى هذه اللحظة داعم للموقف المصرى فى مسألة حوض النيل، لكن الأمر يحتاج اهتمام رئاسى من الدولة المصرية، إذ أن الدولة تهمل هذا الأمر، وتحتاج فيه إلى انشاء هيكل أو هيئة من أجل وضح خطط ودراسات تضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية.

وينتقد ''أبو المعاطى'' عدم التنسيق على المستوى الداخلي المصرى فى شأن ملف النيل، مشيراً إلى أنه لا تنسيق بين الوزارات مثل الرى أو الخارجية أو التعاون الدولي، وإن كل وزارة تعمل فى دائرتها، دون تنسيق مباشر من الدولة، وأن الأمر تم حسرة فى لجان مؤقتة لا يُهتم بنتائجها.
ويؤكد الخبير المائى أن الأمر ربما يتحسن بانتخاب رئيس جديد للبلاد، لكن أثيوبيا لن تنتظر، وبانتخاب رئيس جديد سيكون قد تم الانتهاء من السد نهائياً بشكل غير شرعى، مؤكداً أنه يجب أن يكون وحدة فى القرار المصرى، وأن يتم التنسيق مع المخابرات الحربية، لحماية الأمن القومى المصرى.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان