حلوان من منطقة سياحية إلى الكتائب المسلحة...التطور الطبيعي لـ''الهدم''
كتب-إشراق أحمد:
حال مصر هي، تبدل حالها، وبات ''الهدم'' بها أسلوب حياة؛ من مكان سياحي يتداول اسمه وسائل الإعلام العالمية، لمنطقة صناعية طغت على طبيعة المكان، في سبيل تغيير المسار الاقتصاد، ثم إلى جهة يختلف حول تصنيفها إن كان مدينة أم محافظة، وأخيرًا تلوك الألسنة بذكرها عن وجود مسلحين، وأنها أحد مراكز جماعة الإخوان المسلمين حتى نصب عين الجهات الأمنية في الأونة الأخيرة وإن كانت في غياب عنها من قبل.
حلوان؛ تلك المنطقة الواقعة جنوب القاهرة، البالغ مساحتها وفقًا لـ''الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق'' بمحافظة القاهرة قرابة مليون كيلو متر مربع، اتخذها عبد العزيز بن مروان متنزه لمدينة الفسطاط-مصر القديمة، وقوعها على النيل جعلها قبلة الأثرياء في بداية تاريخها، فيما حرمت أقدام العامة أن تطأها –إلا مَن عمل في بلاطهم أو انتمى للطبقة الوسطى، الذهاب إليها عند البعض كان سفرًا، في الفترة من 1860-1955 صُنفت كأحد أشهر المشاتي في العالم، تردد اسمها في وسائل الإعلام الغربية، قصدها الساسة ومشاهير الدول الأخرى حسب قول خالد عزب رئيس قطاع المشروعات في مكتبة الإسكندرية.
مدينة القصور الزائلة
كان لـ''منطقة فوق العيون'' – كما أطلق عليها- شأن كبير فترة الملكية، لاعتبارها مكان استشفاء، جوها الجاف منحها تلك الصفة باقتدار، دفعت أرباب الملكية يجوبون بها إنشاءًا؛ الخديوي توفيق يشيد قصر له، ومساجد تبُنى في عهد عباس حلمي الثاني، واسماعيل يقيم منتجع حراري استغلالاً لعيون مياها الكبريتية التي اشتهرت بها، قصور ذات معمار فريد تنتشر بمختلف أرجاء المنطقة، لكن كل ذلك ما عاد له وجود إلا ركن فاروق عند مدخل المدينة تحول إلى متحف، فيما تفقد المنطقة كل عام حتى 2010 قصر أو كثر، بلغ عددها حتى 2010 ما يقرب من 6800 قائلاً ''على الرغم من وجود هيئة التنسيق الحضاري لكن في ثغرات قانونية تتيح الهدم''.
ويذكر متخصص الآثار أنه في الخمسينات، مع بدء مشروع جمال عبد الناصر ''دمرت المنطقة تدمير كامل''، وانهارت السياحة بعد إنشاء المصانع ''وبقت المنطقة لا هي راقية ولا عشوائية''، خاصة مع تزايد النزوح الريفي في السبعينيات والثمانينيات، وتمركز أصحاب الطبقة ما بين المتوسطة والثرية.
''حلوان اتخططت على نظام لكن امتدادها عشوائي'' لذلك يرى عزب'' أن في تلك الفترة التي تراجع بها دور الدولة ظهرت جماعة الإخوان المسلمين لتسد الفراغ المصنوع، خاصة مع دخول مرحلة تدمير الكيان الصناعي بخصخصة الشركات في فترة التسعينيات، معتبرًا أن عودة مصانع مثل الغزل والنسيج للعمل بقوة مرة أخرى سيحيل بين أي استغلال يحدث للأفراد سواء في حلوان أو غيرها.
يتمركز سكان حلوان في 20 ألف كيلو متر مربع من المساحة الكلية حسب محافظة القاهرة؛ لم تعد ''آمال سامي'' ترى سوى زحام ''من قبل الثورة مابقناش نشوف الشوارع من البياعين لدرجة أنهم حطوا أسماء على فرشهم في الشارع كأنهم محلات''، اختفى براح الصورة التي احتفظت بها بينما لم تكن بلغت السابعة من عمرها، حينها أبصرت محطة مترو أنفاق حلوان، بها عربات تجرها خيول ونافورة مياه، فيما يقف ضباط المرور بمنتصف الميدان.
''ليست معقلا للإخوان''
بعد عزل محمد مرسي عن الحكم، وخروج التظاهرات بشكل ملحوظ في منطقة حلوان، الاشتباكات التي تصاحب ''الجمعة'' بين الحين والآخر، صارت هناك صورة ذهنية لدى البعض أن ''حلوان'' أحد مراكز ''الإخوان''، وبالتالي العنف بها أمر طبيعي، والبعض يربط ذلك بسكن ''سيد قطب'' أحد أبرز منظري الجماعة والجماعات الجهادية الأخرى، للمنطقة، غير أن ''اسماعيل تركي'' الباحث في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين نفى ذلك، موضحًا أن بداية وجود ''الإخوان'' في حلوان بدأت في غضون عام 1939-1940 من خلال معسكر ''الكشافة'' الذي كان يقام تحت إشراف الملك.
وأضاف ''تركي'' أن مسألة وجود أنصار الجماعة في منطقة دون أخرى لا يرتبط بالعدد بقدر نشاط المجموعة على مستوى الشعبة والمنطقة وهذا يرجع ''لو كان المجموعة شباب وأكبر حركة ظهر النشاط بقوة والعكس صحيح''، نافيا تلك العلاقة بين تمركز باعتبارها منطقة سكن أحد أقطاب الجماعة ''سيد قطب كان ساكن في حلوان عشان كان عنده السل وده كان أفضل مكان له في مصر بالوقت ده''، حسب قوله.
وعن ''كتائب حلوان'' وأفرادها المسلحين الذين ظهروا في تسجيل مصور متناقض، تعلن فيها أنها لا تنتمي للإخوان مقابل رفع إشارة ''رابعة'' المعروف تعبيرها عند الغالبية العظمى عن ''الجماعة''، قال ''عزب'' إن الإخوان أعقل من ذلك، وإذا كان المؤكد تاريخيًا التنظيم السري المسلح للإخوان لكنه لا يمكن الجزم بعودته مرة أخرى.
رغم ما يحدث ويقال عن حلوان، لا تجد ''آمال'' غير الصمت أمام تعنت البعض في وصف منطقة سكنها بأنها ''معقل الإخوان'' ، موقنة أن في ذلك مغالاة فمن ذاق عرف ''حلوان فيها عرب وصعايدة وفلول وإخوان ورجال أعمال وموظفين ودكاترة وكل شيء''، قائلة بمسحة مازحة ''حلوان حرة مستقلة جدعانها كتير.. حتى البلطجية وقت الثورة كانوا بيحموا المناطق من البلطجية المأجورين''.
أما عن الكتائب المسلحة؛ لـساكنة حلوان رؤية في ذلك تراهم إما ''عالم هبلة'' أو محبطة لأقصى حد لسوء تعامل السلطة مع المعارضين لها بالشارع، معتقدة أنه لن ينتج عن ذلك سوى اعتقال عشوائي ''بحجة مشتبة فيهم''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: