بالفيديو والصور.. "إسكندرية" البعيدة عن العين "لسة غرقانة"
كتبت - دعاء الفولي:
كانت الأمطار المتساقطة على الإسكندرية في 25 أكتوبر الماضي وبالًا على أهلها، غرقت الشوارع، وتعثرت حركة المارة، ومع الوقت هدأت الأوضاع بمعظم المناطق المتضررة، لكن ثمة أماكن لم تحصل على فترة نقاهة عقب الحدث؛ فمناطق "برج العرب"، "عبد القادر"، "الكنج"، "قرية الجزائر" وغيرها ظلت تعاني بنسب متفاوتة من بحيرات الأمطار بشوارعها، انقطاع المياه ومؤخرا الكهرباء.
منذ ما يقارب العشرة أيام يسعى ياسر السيد لتأمين "فلوكة" يوميا لأهل زاوية "عبد القادر"، الأرض لازالت بعيدة عن أيديهم، لا يملك السكان أموالا كافية لشفط المياه بمجهود شخصي، ولم يأتِ أحد ليغيثهم "فالفلوكة بقت وسيلة التنقل عشان حتى نضمن إن الأطفال تروح المدارس بتاعتها في أمان"، لكن ذلك لأجل معدود، فحين يخيم الليل لا يخرج أحد في الأغلب إلا للضرورة.
"المشكلة الأكبر إن مفيش شبكة صرف صحي قوية بتخدم المنطقة"، يعتقد "السيد" أن الأزمة ستتكرر ثانية طالما لم يتم الاهتمام بكيفية تفريغ المياه المتساقطة، ما زاد الأمر سوءً في الأيام المنصرمة هو تصريف مياه الأمطار والتي اختلطت بمياه المجاري على ترع "النوبارية"، التي تُغذي بدورها عدة مناطق وضمنها زاوية "عبد القادر"، ما جعل مسئولو المياه يقطعونها خوفا على السكان "نسبة الملوحة فيها عالية جدا"، غير أن المياه المقطوعة منذ أكثر من أسبوع لم تكن الأزمة الوحيدة.
الغرفة التي تُغذي "عبد القادر" بالكهرباء أصابها الماء ككل شيء "الناس قطعوا الكهرباء كمان عشان محدش يموت"، قال محمد الجندي، صاحب جمعية خيرية بنفس المنطقة، أصبح على الأهالي الحياة دون مياه وكهرباء لمدة أسبوع، ورغم أن غرفة الكهرباء صارت خالية من أثر الأمطار "بس خايفين يرجعوا التيار عشان بيقولوا فيه خطر والحل هيحتاج وقت" يحكي "السيد".
بحكم عمله يرى "الجندي" مشاكل أهل المنطقة المكدسة بالسكان، تخدم جمعيته حوالي 2000 أسرة فقيرة، الهم الأول للمواطنين حاليا هو المياه، لذا حين نزل "الجندي" أمس لـمنطقة "عبد القادر"، تهافت المواطنون على زجاجات المياه التي أحضرها مع آخرين "الناس كانت هتموّت بعض عشان شوية ماية"، وحين عادت المياه بالأمس للحنفيات كانت مختلطة بالصرف، لذا حذرت شركة المياه المواطنين من شربها "يستخدموها للغسيل والاستحمام فقط".
حاول "الجندي" و"السيد" وأكثر من شخص التواصل مع شركة المياه لإحضار سيارات بها مياه نظيفة، لكن الشركة طالبت الجمعيات بالتعهد بحماية السيارات من أي ضرر قد يصيبها "الناس حالتها صعبة.. إمبارح واحد جابلي 20 جنيه وقاللي اديني خمس أزايز مايه مش عايزها ببلاش"، يقول "الجندي" إن التهافت على شراء زجاجات المياه المعدنية في المناطق المحيطة بـ"عبد القادر" جعلها تنقص، ومن جانب آخر فالمياه تعوق نقل المصابين أو المرضى "فيه حالات طريحة الفراش مش عارفين نجيب إسعاف ينقلهم بسبب الشوارع وحال الكهرباء".
بمستوى أعلى تقبع منطقة برج العرب، يعاني أهلها من نفس أزمة المياه والكهرباء، غير أن التيار ظل منقطعا عنهم من الأربعاء وحتى الجمعة. اعتاد محمد عبد الرحمن -أحد سكان المنطقة- الاعتماد على المياه المعدنية للشرب "المياه اللي بتنزل من الحنفية عندنا مش حلوة عموما ولما الدنيا شتت المشكلة زادت".
يقطن "عبد الرحمن" بمنطقة "القرية" ببرج العرب القديمة، منذ عشر سنوات، ثمة جسر يربط بين مصرف قريب منهم وبين الترعة، ومع هطول الأمطار في الآونة الأخيرة انكسر ذلك الجسر "فاختلط الماية بتاعة الصرف بماية الشرب"، ولكن تلك المرة ليست الأولى، فقد تهشم الجسر منذ عامين وتم إصلاحه "لو فيه اهتمام بإصلاحه صح عمره ما كان باظ تاني" على حد قول "عبد الرحمن"، مضيفا أن أرض "البرج" ترابية تمتص الأمطار لكن تبقى الأزمة بمياه الشرب.
حاول آل "برج العرب" القديمة التواصل مع المجلس المحلي لكن دون فائدة، فهم كمنطقة "عبد القادر" خلف جدار الاهتمام الإعلامي والحكومي، ولم يزورهم سوى بعض نوّاب مجلس الشعب اطمئنانا على الأهالي، فيما عدا ذلك يتعايشون بالقليل، فبعضهم يذهب إلى خط مياه مكسور كان من المفترض أن يمتد ليغذي "مرسى مطروح"، لكن مياهه ليست صالحة للشرب أيضا، كما أنه ليس بمتناول أيديهم دائما.
فيديو قد يعجبك: