تهجير النوبة.. الخروج من الجنة (صور)

04:39 م الإثنين 28 نوفمبر 2016

تطبيق مصراوي

كتب- أحمد الليثي ومحمد مهدي:

في مشهد ملحمي اكتملت المأساة، أسفل الشجرة الموعودة اجتمع أهالي النوبة للخروج من جنتهم، مشاعر مختلطة؛ نحيب، صراخ، الرجال في الصفوف الأولى استعدادا لمركب الرحيل، ذكريات تُنزع عنوة، صدمة، غضب، ذهول. النساء يحملن الأمتعة، والأطفال يبكون دون صوت. صمت، سؤال يتردد دون جدوى: أين المفر؟. التيه يهيمن على الأفئدة.. دقائق تفصلهم للنزول إلى أرض مجهولة خاوية من الأحلام.. كانت عدسة المصور الراحل أنطون ألبير شاهدا على ما جرى خلال عملية التهجير الكبرى 1964.

1--

امتازت بيوت النوبة في الستينيات بالنقوش والرسومات على جدران المباني، فيما بقي مكان وحيد دون أي رتوش وهو المسجد؛ لإضفاء وقار يليق بقيمته، وقبيل ساعات من التهجير راح الأهالي يودعون المسجد الشاهد على صلواتهم واجتماعاتهم وأفراحهم.

دوما ما اعتمدت المرأة النوبية على مياه النيل كمصدر أساسي للشرب ومستلزمات يومها، وفي أوقات انحسار مياه النيل فيما عرف بفترة "التحاريق" كانت الآبار السبيل الوحيد لفك الأزمة.

"أبريم" الميناء –المرفأ- ظل الأيقونة الأبرز في عملية التهجير 1963/ 1964 حيث شهد رحلة مغادرة منازل الأجداد، ولم يبق منه سوى كلمة في ديوان شاعر تُردد كل حين عن حلم العودة من جديد.

كانت المدارس الإعدادية بالنوبة تستثني الفتيات من طابور الصباح بالمدارس، لحمايتهن من مشقة الوقوف تحت سطوة الشمس، فيسبقن الطلاب للمشاركة في تحية العلم من داخل الفصول.

قديما كان النوبيون يصطادون التماسيح بالرماح، وهي العادة التي توارثها الأحفاد، لذا كانت إحدى سمات الفخر تحنيط التماسيح وتزيين المنازل بها.

"عوض كوباش" كبير العائلة النوبية، كان أول من عاد للنوبة القديمة في 1976 ويعتبره النوبيون رمزا في الوفاء للتمسك بحلم العودة الذي لا يزول.

كان للنوبيين خصوصية في طبيعة حياتهم، ظَلت بِكرا حتى موعد التهجير، منازلهم بسيطة لكنها لا تخلو الجمال في كل رُكن، العمل همهم الأول، غير أنهم يقتنصون ساعات للسَمر، يتحلقون حول ألعاب بدائية تمنحهم التسلية، وبَعد نزوح الشمس من السماء، يبقى الجلوس أمام البيت راحة المتعبين من طول النهار. وفي قلب كل ذلك كانت المرأة تشارك الرجل في كل شيء.