شاب يبحث عن وظيفة إضافية لمواجهة "تعويم الجنيه"
كتبت – يسرا سلامة:
فرضت القرارات التي اتخذتها الحكومة بتخفيض سعر صرف العملة (تعويم الجنيه) على "مصطفى محمود" أن يبحث عن وظيفة أخرى. الشاب الذي يعتبر نفسه واحدًا من أبناء الطبقة المتوسطة وليست المعدومة يتقاضى راتبًا يتجاوز الحد الأدنى للأجور، لكنه لا يزال يحتاج إلى وظيفة أخرى لتسد احتياجاته الأساسية.
يسكن مصطفى -24 عامًا- في منطقة عين شمس. من منزله في الصباح الباكر يستقل توك توك للحاق بمترو الأنفاق محطة المطرية، ومنه إلى محطة رمسيس، لعربات تقله إلى مقر عمله بمدينة نصر، ارتفعت أجرة كل مواصلة يستقلها إلى الضعف - فيما عدا مترو الأنفاق حتى الآن -، وبارتفاع أسعار المواصلات تزيد مصروفاته من 300 إلى قُرابة الـ500 جنيه، لكنه مدركًا أن المواصلات ليست السلعة الوحيدة التي سيتضاعف سعرها في الفترة المقبلة.
منذ فترة، وقبل الإعلان الفعلي عن قرار التعويم، تزايدت أسعار السلع أمام أعين الشاب، أدركها في كوب شاي يطلبه على القهوة، في سعر مستلزمات أساسية للمنزل، صارت "كل حاجة بتغلى" واقع يومي قبل أن يٌقر بشكل رسمي، ومنها يبحث الشاب على فرصة عمل ثانية تساند ظروف الحياة.
يقول مصطفى إن راتبه يبلغ 2500 جنيها، يعتبره دخلا جيدًا إذا ما قورن برواتب أخرى لشباب في نفس عمره، لكن هذا الرقم أصبح بفعل الاقتصاد يفقد قيمته شيئًا فشيئًا، يُنغص عليه مستقبله، "لم أفكر في الزواج أبدًا.. مش عشاني لكن عشان إزاي واحدة هتعيش مع ظروفي؟، هخاف عليها".
الوظيفة الثانية وسيلة فكر فيها الشاب للخروج من المأزق، خاصة إنه يعول التوأمين مريم وإبراهيم، 4 سنوات، مع والده الذي يعمل كذلك في وظيفتين، موظفًا في الصباح وموردًا بأحد المكاتب الخاصة عقبها، يردف الشاب "والدي راتبه في الوظيفتين لم يكفينا نحن الستة"، في العائلة التي تضم أما وأبا وأربعة أبناء.
لم يدرك الشاب العشريني كثير من مصطلحات الاقتصاد، لكنه يلمسها في يومه بالأسعار والانفاق، بحقائق يتحدث أن راتبه يتبقى منه 650 جنيها فقط للطعام وباقي احتياجاته، بعد أن يلتهم راتبه فواتير الكهرباء والغاز وإيجار الشقة، "اللي فاضل بدون لبس أو رفاهية.. هل هذا يعقل؟".
يحتاج مصطفى أيضا قُرابة 4 آلاف جنيها لتدريبات تفيده في عمله، يلجأ إليها حين يسمح رصيد ما يدخره من أموال. لا يخجل من إعلان حاجته "أنا بدور على أي شغل بعد الساعة 4.. يسمح لي أعيش أحسن، لآن راتبي بيقضيني بالعافية".
"هذه الفترة لا تتحمل تأجيل القرارات، رفاهية التأجيل غير متاحة، يمكن كانت متاحة منذ عقود، لكن اليوم لا نستطيع أخذ قرارات مسكنة".. بذلك المقطع قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل في مؤتمر صحفي لليوم التالي لقرار تحرير سعر العملة، فيما تفاقمت أزمة عجز الموازنة والتضخم في السنوات الماضية.
ما رآه رئيس الوزراء علاج ضروري لحل الأزمة، يراه مصطفى علقما لن يستطيع الجميع تجرعه، فقرار تحويل الدعم إلى نقدي يحتاج إلى رؤية أفضل، لا يرى أن ثلاثة جنيهات على بطاقة التموين تكفي "هل أنا كمواطن لا استحق من الدولة إلا 3 جنيه؟، أقل دعم من 30 لـ50 جنيه"، يتمتم الشاب أن ليس كل المصريين يملكون بطاقات تموينية.
لا تقل ساعات عمل مصطفى عن الثماني ساعات. يوقن بداخله أن الأموال ليست هامة. لكن أساسيات الحياة تتشابك أمامه يوما بعد يوم، يردف خلال حديثه "مدخلتش أي قصة حب حقيقية.. إزاي أفكر في مستقبلي وسط الظروف دي؟"
فيديو قد يعجبك: