إعلان

عدوى الأطباء.. صراع بلا وقاية والبدل 19 جنيها (تقرير)

02:54 م الأربعاء 09 نوفمبر 2016

الطبيب عمرو راشد

كتبت – يسرا سلامة:

في نهاية شهر يونيو الماضي، شعر الطبيب الجراح عمرو راشد بارتفاع مفاجئ في درجة حرارته، تناول مخفضات الحرارة المعتادة لمثل حالته، الارتفاع مستمر، توجه إلى مستشفى الحميات "ممكن يبقى عندك تيفويد". تناول بعدها علاج له لمدة أربعة أيام، لكن حرارته لا تزال فوق الأربعين، أدرك عمرو والطبيب المشرف عليه أن الارتفاع المستمر لأزمة في المخ، وعلى إثرها سُحبت منه عينة من السائل الشوكي، ليظهر التحليل إصابته بمرض فيروسي يصيب المخ، بعد اختلاطه بمرضى من حاملي المرض.

 يعمل راشد كجراح منذ تخرجه عام 2010. يمارس المهنة بالمستشفى الميري بالإسكندرية، عمل الطبيب في مستشفيات أخرى خاصة وعامة وجامعية وتعليمية. على مدار تلك المسيرة الصغيرة، قابل عمرو عدة أطباء على مدار دخوله المهنة من الذين أصيبوا بعدوى نتيجة الاحتكاك مع المرضى، يعتبر الطبيب الشاب أن ذلك أمر عادي في أي دولة بالعالم إلا مصر لسببين "إحنا معندناش إجراءات وقاية كافية.. ولا بدل محترم".

 في دوائر الحميات والمستشفيات الحكومية، تأرجح راشد بحثا عن النجاة. أظهرت التحليلات أن الفيروس المصاب به هو "هيربس فيرس-مرض جلدي-، بجانب ارتفاع درجة الحرارة شعر الطبيب باختناق وتشنجات في الحنجرة أثناء احتجازه بالمستشفى، شعر الطبيب إنه بين الحياة والموت، تم حجزه بمستشفى الحميات الحكومية وعدد من الأيام في العناية المركزة، استمر العلاج لمدة شهر، وحتى الآن يستمر في التعافي من منزله.

 حتى تاريخ 28 نوفمبر 2015، كان بدل عدوى الأطباء هو 19 جنيها، بعد هذا التاريخ أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بتعديل البدل ليصل إلى 1000 جنيه لكل طبيب، كما رفضت المحكمة في نفس الوقت الاستشكال الذي تقدمت به الحكومة لوقف تنفيذ الحكم، ومن هذا التاريخ وحتى الآن لا تزال القضية منظورة في هيئة مفوضي الدولة للبت في نهائية الحكم.

وكانت هيئة قضايا الدولة، وكيلة عن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الصحة بصفتهم، أقامت طعنًا أمام المحكمة الإدارية العليا، طالبت فيه بإلغاء الحكم استناداً إلى أنه صدر بالمخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله.

 وتستند الدعوة المقامة من نقابة الأطباء على المادة 123 من قانون العقوبات، التي تنص على: "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم، بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر"، وأنه حُدد أول جلسة في 18 أكتوبر والنطق بالحكم فيها الثلاثاء القادم.

 تجاوزت تكلفة علاج الشاب آلاف الجنيهات "أنا متيسر الحال وبرضه لما اتعالجت لجأت للمستشفيات الحكومية، لو فكرت أروح مستشفى خاصة ممكن توصل التكلفة لأكثر من طاقتي"، وأثناء زيارة عدد من أصدقاء الطبيب من خارج مجال الطب توقعوا أن يكون لصديقهم مكان لرعاية مخصصة، يذكر "إحنا كدكاترة إيدينا على طول في الدم، ومعرضين للعدوى طول الوقت.. لكن حتى لما نصاب مش بنلاقي البدل المناسب، رغم إن فيه فئات لا تتعرض للمرض لكن لديها بدل أعلى للعدوى". وانتقد الأطباء في مؤتمرات ووقفات احتجاجية أمام نقابتهم ما ذكره الطبيب المصاب لمصراوي.

 لعدة أيام استمر راشد في غيبوبة بالمستشفى، فيما تدور في أروقة المحاكم قضية بدل العدوى بين الأطباء والحكومة، ويقول هاني مهني عضو مجلس النقابة العامة للأطباء ومقرر لجنة الإعلام،  إن وزارة الصحة واجهت القرار بالصمت وعدم التنفيذ، مضيفا لـ"مصراوي" أن نقابة الأطباء قامت برفع دعوة قضائية في مجلس الدولة ضد كلا من رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة من أجل امتناعهم عن تنفيذ الحكم.

 حتى الآن لا توجد إحصائية لأعداد المصابين من الأطباء نتيجة للعدوى خلال عملهم، لكن "مهني" أشار إلى أن النقابة تصلها آلاف الحالات على مدار الأشهر الأخيرة، مضيفا أن العدوى تتعدد في مجالات مختلفة، سواء بالإصابة أو الوفاة، وأن هناك عدد من الأمراض المعدية سريعة الانتشار كفيروس سي الذي ينقل عن طريق الدم.

 تاريخ حالات الوفاة لأطباء أصيبوا نتيجة العدوى لا يتوقف، حيث توفت الطبيبة داليا محرز -28 سنة- من الإسماعيلية نتيجة إصابتها بالالتهاب السحائي في نوفمبر 2015، وفي 2014 توفى الطبيب أحمد عبد اللطيف بعد إصابته بمرض في الجهاز التنفسي في مستشفى بنها التعليمي في ديسمبر 2013، بعد أن أصيب أثناء تركيب أنبوبة حنجرية لمريض، وتوفى ياسر البربري 32 عاما- بمستشفى القناطر الخيرية العام بالقليوبية، وذلك نتيجة إصابته بعدوى في الجهاز التنفسي، والطبيب أسامة راشد من المنصورة بعد عدوى تنفسية في يناير 2014 متأثرا بأنفلونزا الخنازير، والطبيبة دعاء إسماعيل من الدقهلية بواقعة مشابهة.

 ووفقا للطبيب المصاب، فإن بدل العدوى يُصرف كجزء من الراتب منذ الستينات بقيمة 19 جنيها، فيما انتقد نقيب الأطباء حسين خيري -في أحد المؤتمرات الصحفية- اللجنة الحكومية المشكلة من قبل رئيس الوزراء لمناقشة الحكم القضائي، وعدم التزام الحكومة بما تعهدت به اللجنة بأحقية الأطباء في رفع العدوى.

 يعاني الطبيب الشاب من ضعف الذاكرة نتيجة لإصابته بالمرض، بعد الإصابة مباشرة لم يتذكر أحد الأدوية لمريض، يتناول إثر تلك الواقعة دواءً لتنشيط الذاكرة، يتعافى مع الوقت، فيما يذكر أن له زملاء قرروا بعد إصابتهم نتيجة عدوى ترك مهنة الطب للأبد "فكرت كتير اسيب الطب لإن كمان النواحي المادية في مهنتنا صعبة، مرتبي بعد ستة أعوام وصل لألف وتسعمائة جنيه، والوزارة لا توفر لنا أي سبل وقاية أو إجراءات حماية ضد الأمراض المعدية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان