"أوروبا" المصورة.. دليل يساعد اللاجئين في الغربة (حوار)
حوار-رنا الجميعي:
بنهاية عام 2016، تم الإعلان عن كتاب اسمه "أوروبا: مدخل مصور للمهاجرين واللاجئين"، هو عبارة عن دليل مُصوّر، غرضه الأساسي توصيل فكرة قريبة عن أوروبا للاجئين والمهاجرين، ويُعبّر عن المأساة الإنسانية المُشتركة، فكما تقول الصحفية، عالية مالك، وهي محررة الدليل: "بدنا نقولهم إن الأوروبيين عايشين القصة ومش من سنين طويلة".
يُقدّم الدليل، عبر خمسة أقسام، صورة مُقربة لأوروبا، يبدؤها بالطرق التي يعبرها اللاجئون، وأقرب الوجهات لهم، كذلك الجنسيات القادمة وعلى رأسها السوريين ثم الأفغان، و إيجاز لحقوق الإنسان التي يتميز بها الاتحاد الأوروبي، وكيف يعمل الاتحاد، بعدها يعرض المعلومات العملية التي تُهم اللاجئون داخل الدول، ويستعرض الدليل عبر ذلك العديد من الشهادات الحية، للاجئين أوروبيين قدامى، وجدد من المُسلمين والعرب، كذلك صور تعني بأزمة اللاجئين على مدار سنوات عديدة.
مصراوي تواصل مع "عليا مالك"، الصحفية السورية-الأمريكية، التي قامت بتحرير هذا الدليل، للتعرف على كواليس العمل، والسبب في تنفيذه، كذلك كيفية اختيار الصور والشهادات الحية.
-لماذا نفذتم هذه الفكرة؟
لم تكن فكرتي، لكني وافقت على تنفيذها بإيعاز من المصور الألماني، توماس دوفرجاك، وهو عضو بمؤسسة ماجنوم للتصوير الفوتوغرافي، اتفقت خبرتنا نحن الاثنين حول تغطية أزمة اللاجئين.
-اشرحي لنا ما هي مؤسسة ماجنوم للتصوير الفوتوغرافي؟
يمتلك ماجنوم أرشيف كبير من الصور الخاصة بأوروبا منذ الحرب الأهلية الأسبانية، التي حدثت بأواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، وبها أفضل المصورين الأجانب، بدأوا عملهم بعد الحرب العالمية الثانية، لذا فكّر دفورجاك استغلال هذا الأرشيف الكبير.
-وما الذي دفعه لاستخدام الأرشيف؟
عاش دفورجاك سنين بإيران، وتزوج من سيدة إيرانية، كما تعلم اللغة هناك، عمله كمصور صحفي جعله يذهب إلى أفغانستان والعراق، وبسبب معرفته باللغة الإيرانية "وشوي عربي"، استطاع فهم معاناة اللاجئين، تحدث مع كثير منهم، استغرب أنهم بعد قطع مسافات كبيرة بالبحر، يسألون عن أفضل الأماكن التي من الممكن الذهاب إليها "متل ايه هي أحسن بلد، والمكان المناسب لتعليم أطفالهم"، هذا ما حدث معي أيضًا "استغربنا كتير كيف ناس عرضوا أنفسهم لخطر الموت والغرق والحبس، من غير ما يعرفوا لوين رايحين".
-كيف كان تصوركم الأول لفكرة الدليل؟
فكّر دفورجاك باستخدام صوره كوسيلة لمساعدة اللاجئين "كان عنده وعي مجتمعي ومسئولية تجاههم"، وبالتعاون مع جيسيكا موراي، وهي مديرة المشروع، تقابلنا في يناير 2016، وبالبداية تناقشنا حول عمل دليل مصور يساعد اللاجئين حول كيفية عمل الرحلة، لكن كنت أعرف جيدًا أن كتابة معلومات مُساعدة لتسيهل وصول اللاجئين للدول الأوروبية سيكون صعبًا "مش دا الدور اللي بنقدمه، لأنها مسئولية إذا فيه حدا مات بالبحر اعتمادًا على معلومات عرفها من الكتاب"، فبالإضافة لكوني صحفية، فأنا محامية حقوقية.
-ما الذي دفعك لقبول تنفيذ هذه الفكرة؟
بالأصل أنا سورية، وُلدت لأب وأم مهاجرين، لست بنفس الخلفية التي عليها زملائي بفريق العمل، كما عشت عامين بسوريا أثناء الربيع العربي، أعرف معنى الخوف وعدم الأمان. كذلك عشت أيامًا مع لاجئين يقطعوا البحر باتجاه اليونان، من أهم ما أتذكره من حديثهم كان "إنه بكل التاريخ الإنساني ما فيه شي حصل زي اللي بيحصل بسوريا والعراق"، واستغربت كثيرًا هذه الجملة، لأنها قيلت أيضًا عن حرب البوسنة والهرسك "وهاي الحرب في أوروبا مش من ميت سنة، دي من شي عشرين سنة".
-كيف توصلتم للصيغة النهائية التي نُشر بها الكتاب؟
وصلنا إلى تقديم معلومات أساسية بالدول الأوروبية تهم اللاجئون "وحكيت معهم كاستطلاع رأي"، ثُم جزء ثاني خاص بشهادات لاجئين ومهاجرين قدامى وجدد، هناك أيضًا قسم خاص بالتعريف بالاتحاد الأوروبي لأنه الحل النهائي الذي تمكن من خلاله الأوروبيين للوصول إلى حالة السلام هذه "بعد سنين طويلة من الحروب"، كذلك تعريف بالدول الأوروبية.
-ما هي الأهداف التي أردتم تحقيقها عبر تنفيذ هذا الدليل المصور؟
أولًا "عشان إذا فيه حدا لاجئ جديد يعرف هيروح فين"، لذا قمنا بتضمين محتوى خاص بالدول الأوروبية، النظام السياسي لكل بلد، العادات والتقاليد، وسائل المواصلات، المحال التجارية والصيدليات، والكتب والأفلام، ومن جانب آخر رغبنا بتذكير الأوروبيين من خلال أرشيف الصور "إنكم كنتم عايشين نفس القصة"، لأن كثير من اللاجئين اصطدموا بأزمات عنصرية، ومع ذلك هناك أوروبيون ساعدوهم "بس فيه كتير ناس بالذات القادة السياسيين حاولوا يستغلوا الخوف ضد اللاجئين وضد الإسلام ليقووا السلطة تبعهم"، كذلك أردنا أن نقول للاجئين أنكم لستم الوحيدين "اللي عايشين هيك حياة".
-وماذا كانت مهمتك على وجه التحديد بالدليل؟
امتلكت سلطة اختيار المحتوى، وأعمل على تطويره، انتقيت الموضوعات التي على أساسها يتم اختيار صور بأرشيف ماجنوم، "كان لازم أفسّر أوروبا للاجئين"، وركزت على الحالة التي تُبرز صورة النزاع التي كانت موجودة من قبل بأوروبا.
-لماذا أضفتم الجزء الخاص بالكتب والأفلام؟
الأفلام والكتب أداة تُعبر عن المجتمع المحيط بهم، هي طريقة مؤثرة للتواصل مع المكان مجتمعيًا حتى يتعرف عليه اللاجئون، ولكن هذا الجزء ليس أساسيًا بالكتاب، لأن المعلومات متوافرة على الانترنت.
-وما السبب في تضمين الدليل العديد من شهادات اللاجئين، القدامى والجدد؟
هي فكرتي، أنا أحب استعمال الشهادات، أرى أنها سلاح مؤثر، استخدمته قبلًا بكتاب أعددته في الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر، مهمة الشهادات أنه يُمكن للمتلقي سماع صوت اللاجئين عبرها، كما أردت إيصال رسالة أنهم ليسوا ضحايا، فمن بينهم متعلمين ومثقفين "مش جايين يعيشوا من الحكومات الأوروبية".
-كيف تم اعداد الشهادات، سواء القصص القديمة أو الحديثة؟
كان لديّ الشهادات القديمة، بينما الحديثة أعدّ كثير منها صحفيون آخرون، لكن بعضهم بحثنا وراء حكايات بعينها، مثل القصة التي تحكي عن سيدات اضطروا للهرب من الحكم العثماني، بسبب الإبادة الجماعية لهم، التي حدثت في أوائل القرن العشرين، حيث استخدمت شبكة الاتصالات الخاصة بي، كذلك شبكة الصحفية، ليزا دو بود، التي قامت بكتابة الدليل، وقد سألتُ إحدى الصحفيات الأمريكيات التي اشتغلت كثيرًا على أزمة اللاجئين "قلتلها بدي ألاقي شخص أصل عيلته من تركيا، وهلأ بيساعدوا اللاجئين الجداد"، وبالفعل حدث ذلك.
-أعددتم الدليل بأربع لغات، بالعربية والإنجليزية والفرنسية والفارسية، لماذا؟
لأنه هناك العديد ممن ليس لديهم فرصة سماع اللاجئين بصوتهم، وجدنا أنها فرصة من خلال المقابلات التي قمنا بها معهم، وترجمنا أحاديثهم.
-ما المدة التي استغرقتموها لنشر الدليل؟
قمنا بعمل أول اجتماع في مارس 2016 وانتهينا منه بآخر العام.
-ماهي الدول التي وُزع عبرها الدليل، ولماذا هم تحديدًا؟
تم توزيعه بالبلاد الأكثر وجهة للاجئين، وهم؛ اليونان، ايطاليا، أسبانيا، النمسا، السويد، هولندا، بلجيكا، والمملكة المتحدة.
-ما هي الجهة المسئولة عن التمويل، وهل واجهتكم صعوبة بشأنه؟
النسبة الأكبر من التمويل كانت للصندوق العربي للثقافة والفنون "آفاق"، وأرى أن مسألة التمويل صعبة، حيث شعرت ببعض الإحباط بسببها "كنت مفكرة إنه أكتر الفلوس راح تيجي من مؤسسات حقوقية أوروبية بس دا محصلش".
-هل يقتصر الدليل على النسخة الإلكترونية فقط؟ وماذا عن الذين لم يتاح لهم الإنترنت؟
لا، طبعنا من الدليل 5000 نسخة، وتم توزيعها بالدول الأوروبية، موجودة بالمراكز الثقافية مجانًا، كما أن أوربا تمتلك شبكة "وايرلس".
الرابط الخاص بالدليل:
http://arabculturefund.org/europa.pdf
*الصور التي تضمنها الحوار من أرشيف ماجنوم
فيديو قد يعجبك: