بـ"ماتش كورة" بين باحثين وضعاف البصر.. مبادرة تسعى لخدمة متحدي الإعاقة (صور)
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
تصوير-جلال الميسري:
داخل نادي الجيزة الرياضي، وقف نور جمال رفقة أربعة من أصدقائه، يخططون للمباراة التي ستبدأ بعد دقائق، لم يمنع ضعف البصر حماس الصغار الخمسة، ظلوا لأيام يتدربون على تقنية اللعب، فيما كان هدف الفريق المنافس، المكون من أساتذة وطلاب معهد بحوث الإلكترونيات هو التعرف على احتياجات هؤلاء الأولاد في إطار ترفيهي، ثم محاولة تطويع التكنولوجيا والبحث العلمي لخدمتهم.
منذ عدة أسابيع اقترح محمد أحمد، أحد موظفي معهد بحوث الإلكترونيات على زملائه عمل مباريات كرة قدم بين المراكز البحثية المختلفة "كان الغرض ترفيهي بحت"، لكن الفكرة تطورت حينما اقترحت شيرين عبد القادر، الأستاذة بالمعهد أن يتم استغلال الأمر بصورة أخرى، حيث تمتلك السيدة جمعية "صناع مستقبل مصر" لتعليم الأطفال المكفوفين "قولت لهم إني ممكن أرعى الحدث شرط إن الفكرة تبقى لخدمة الأطفال المكفوفين وضعاف البصر".
تهدف المبادرة لتوجيه البحث العلمي لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين "احنا في المعهد عندنا بعض المنتجات اللي ممكن تساعد المكفوفين لكن هي محتاجة تطوير ودة جزء من دور المبادرة".. حسبما تقول شيرين.
عصا لإرشاد المكفوفين هي باكورة إنتاج المعهد. بدأ المشروع برسالة ماجستير لإحدى الطالبات، تحت إشراف الدكتور محمود فخر الدين "ولما لقينا إن المشروع واعد قدمناه لأكاديمية البحث العلمي وادتنا تمويل قيمته 300 ألف جنيه".
منذ 6 أشهر خرج الشكل الأول للعصا التي تقوم على تحذير الكفيف من العوائق الموجودة أمامه قبل مسافة معينة، تبدأ من 4 أمتار " هي فيها فوائد كتير، بس لما حاولنا نجرّبها من فترة مع الأطفال المكفوفين لقينا الموضوع صعب عليهم عشان كدة بنحاول نطورها" كما يوضح الدكتور محمود.
خمسة من أبناء جمعية "صناع مستقبل مصر"، أرادوا اللعب في المباراة المنعقدة أمس، هم عبد الرحمن، نور، محمد، أحمد وعبد الرحمن، تتفاوت أعمارهم بين الثانية عشر حتى السادسة عشر، وكذلك تختلف أحلامهم الرياضية، فبينما يتمنى نور أن يصبح بطلا في كرة القدم والخيل، يبتغي أحمد أن يستكمل مشواره في السباحة.
قسّم الأولاد أنفسهم في الملعب بشكل سلس "كل واحد فينا عارف مكانه فين"، تلك المباراة ليست الأولى "لعبنا في الشارع، وفي نوادي والمدرسة"، ورغم ترددهم على "صناع مستقبل مصر"، لكنهم من ضعاف البصر، لذا تم وضع غمامة على عيون الفريق المنافس.
على أرض المباراة، انطلق نور وأصدقائه، تركوا لأقدامهم العنان، سجّلوا هدفين في أول 3 دقائق من المباراة، طاروا فرحا، احتضن أحمد حارس المرمى صديقه محمد، نظموا أنفسهم مرة أخرى واستمرت حركتهم سريعة، لا يعيقها ضعف البصر "كنت بلاقي الكورة جنبي فبشوطها لحد ما أوصل الجون" يقول عبد الرحمن، فيما حاول نور تتبعها بمهارة بالغة "احنا بنتدرب من امبارح بالليل على الحركات"، قبل أن يضيف بمرح "أصلنا أهلاوية ومنحبش نتغلب".
لم يكن جميع حضور مبادرة الأمس، من المهتمين بكرة القدم، حيث جاءت منى حافظ، الأستاذة بالمعهد لدعم الفكرة. منذ 3 سنوات تعمل منى على "برنامج لتعليم الأطفال اللغة العربية بالصوت والصورة"، خرج المشروع البحثي للنور منذ أشهر، لكن المشرفة عليه، أرادت تجربته مع الأطفال المكفوفين "لاحظنا إن استجابتهم أعلى بكتير من تعاملهم مع الكتابة فقط حتى ولو بطريقة برايل"، يتخصص البرنامج في قواعد النحو وتطبيقها، يُصحح المعلومة للطالب إذا أخطأ، ويراجع معه الدرس أو القاعدة عدة مرات، تنتظر الأستاذة أن يُطرح المشروع في السوق "هو واقف حاليا على خطوات روتينية"، تؤمن أن كل التفاصيل المتعلقة بالتكنولوجيا يمكنها خدمة الأطفال ومتحدي الإعاقة تحديدا.
استمرت المباراة أقل من 15 دقيقة، علا فيها تصفيق أبناء الجمعية لتشجيع زملائهم، هتفوا باستمرار "تحيا فريق القدرات الفائقة"، فيما ساد التخبط فريق معهد بحوث الإلكترونيات "فكرة إنك متبقاش شايف حاجة دة مزعج جدا"، لكن رغم ذلك "التجربة كانت ممتعة مع إننا اتغلبنا أربعة تلاتة" يحكي الدكتور محمود ساخرا.
لم يكن هدف شيرين من الحدث التقاء الأساتذة وطلاب الجمعية فقط "كنت عايزة الولاد الصغيرين كمان يشوفوا ناس ناجحة في مجال العلوم، دة هيخلي عندهم تطلع في التعليم وإنه كف البصر مش بيمنع التعليم".
انتهى اليوم بتسليم الكأس وشهادات تقدير للفائزين والمشاركين "يمكن التجربة دي هي البداية بس احنا هنكمل".. قدّم محمد، موظف المعهد، وزملاؤه مذكرة لياسر رفعت، أمين المراكز والمعاهد البحثية لتعميم الفكرة بأكثر من مكان، في المقابل تحتفظ شيرين، بأحلام عديدة لمستقبل الأطفال، تحكي عن ماكينة الطباعة الخاصة بلغة برايل، والتي يتجاوز سعرها 100 ألف جنيه "بدأنا نفكر إزاي نحاول ننفذ التقنية في مصر، أكيد هتبقى أرخص".
فيديو قد يعجبك: