"عايزين نروّح".. سائقا نقل ثقيل يرويان معاناتهما تحت الأمطار

كتبت-دعاء الفولي:

منذ ثماني أعوام يعمل أحمد عادل كسائق للنقل الثقيل، يجوب المحافظات المصرية، يعبر الحدود أحيانا بحثا عن الرزق، ويقابل الكثير من الأزمات، غير أن اليومين الماضيين مرّا بصعوبة بالغة، إذ عانى صاحب الـ32 عاما بسبب السيول التي أغرقت عدة محافظات.

كان عادل على الطريق الأوسط، بمدينة العريش حينما تبدلت الأجواء فجأة "لقيت تراب وعفرة وسيول.. مبقتش شايف حاجة وانا سايق"، لم يعرف الشاب الثلاثيني كيفية التصرف "خاصة إن طريق الأوسط فيه خطورة عشان العريش، مبقتش عارف أقف عشان المطر ولا أمشي عشان خايف".

الحركة داخل شمال سيناء محسوبة "بنبقى عارفين إنه لازم نوصل في مواعيد معينة عشان الكماين تعدينا"، لم يُشكّل ذلك أزمة سابقا "مع المطر بقت الحركة بطيئة جدا، أي خطوة غلط بالعربية تموّت"، يذكر عادل أحد زملائه الذي انقلبت سيارته "السيول جرفت العربية بتاعته من كتر ما كانت قوية وتوفّى".

يسير الشاب القاطن بكفر الزيات، عادة، في طريق يحاوطه الجبال "عشان كدة السيل بينزل من فوق ياخد معاه التراب والزلط واحنا بنبتهدل". لا سبيل للفرار، سوى الدعاء أن تمر الأزمة بسلام، غير أن ذلك لا يمنع بعض المغامرات "من كتر ما السيل قوي ممكن المقطورة اللي محملة البضاعة نفسها تميل يمين وشمال"، كما لا تعمل المسّاحات الأمامية للسيارة بشكل جيد "امبارح من كتر المطر المساحات بتاعة العربية وقفت"، حسبما يحكي عادل.

لا يعرف عادل للقيادة بديلا "أبويا وجدي طلعت لقيتهم سوّاقين"، يغيب عن بيته كثيرا، ويتعرض للخطر، غير أن أكثر ما يُزعجه هو تلف البضاعة التي يحملها هو أو أحد زملائه. يروي عن صديقه الذي أغرقت أمطار الأمس شكائر الإسمنت التي يحملها "مكنش عامل حسابه لأننا في صيف ومعهوش مشمع.. كدة ربنا يعوض عليه في البضاعة"، لا حيلة لمن هم مثل عادل أثناء الأمطار، إذ أن "محدش معاه فلوس يدفع حق النقلة".

في طريق آخر كان عماد شلبي يعاني كذلك. عاد السائق صاحب الـ38 عاما أمس من دولة البحرين، مارّا بالمملكة العربية السعودية ثم مصر "بس خدت المطر في كذا طريق وانا جاي".

اللحظات الأولى للمطر هي الأسوأ حسب خبرة شلبي "لما الماية بتنزل على الطريق بيبقى عامل زي الصابون"، حيث كاد السائق أن يفقد التحكم في المقطورة عدة مرات على مدار 16 عاما عمل فيها.

احتياطات عديدة يأخذها والد الثلاثة أبناء لحماية نفسه حال المطر، لا تقوم على "المشمّع" فقط؛ كذلك ملابس ثقيلة في سيارة النقل، وطعام زائد عن الحاجة، لا يتخلّى الرجل الثلاثيني عن حذره أبدا، لا سيما بعدما مر بتجربة مُزعجة منذ عامين ونصف، حينها انقطع به الطريق في شمال سيناء "السيل بقى نازل من الجبل قدامنا ومقدرناش نلف ونرجع"، حوصر السائق وأصدقائه لمدة يومين، قبل أن تأتي الحماية المدنية وسيارات القوات المسلحة لتنقذهم "عملوا مدق في الطريق مخصوص عشان نعدي منه، خرجنا يومها بأعجوبة".

كل رحلة يخرج فيها شلبي تحمل صعوبة جديدة، كانت الأمطار في البداية تجعله يتواصل مع أهله ليطمئنهم أول بأول "بس دلوقتي خلاص اتعودوا، طالما خرجت من البيت محدش يسأل عليا"، يتعجب صاحب الـ38 عاما من أمطار اليومين الماضيين "انا مشفتش كدة حتى في الشتا"، تمنّى ألا تتكرر التجربة ثانية "كل اللي بقدر أعمله إني أتواصل مع زمايلي بحيث أبقى عارف المناطق اللي انا داخل عليها عاملة إزاي".