- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
سيبدو الأمر بعيدًا تمامًا وأيضا قريبًا جدًا، إنها نسبية الأشياء إذ نقيسها على مدرج السنوات حينًا وعلى تاريخ ما تحفظه الذاكرة باقيًا حينًا آخر وهكذا البشر، أول أيام رمضان صيامًا تؤرخه الذات بعيدًا في الزمان وقريبًا في الوجدان، لتقول حقًا ما أسرع تلك التي يسمونها دورة عجلة الأيام إذ تعدو على حوائط وجدران العمر فتحصد الأرقام وتترك أثر الذكريات التي نهوى وهجًا لا ينطفئ.
سيكون يومًا رمضانيًا صيفيًا حارًا، لست أدرى لم تغب دومًا أو تبهت ذكريات رمضان الشتائية ويظل رمضان الصيف باقيًا، هل لأن وقت الصيام في الشتاء قصير لا يحمل معاناة ما أو مشقة ظاهرة ويمر سريعًا، وربمًا أيضا لأن الشتاء فصل قصير عابر بين صيف ممتد قبله وبعده واقعًا، ومهما تغيرت مسميات الفصول في كتب الجغرافيا، والتي هى ليست بدقتها المناخية وتوصيفها الذي ربما تم استيراده من الغرب وتطبيقه على مناخنا دون تعديلات تلائم مقتضى الأحوال المناخية.
هو يوم حار يوصيك أبوك بالسحور فالنهار طويل جدا، ستستمع لذلك نصف منتبه فالصبا يغرى بقوة المجابهات، وستعده بذلك وستسهر طوال الليل لعبًا وجريًا مع أصدقاء الشارع حتى ترهق تمامًا، وبينما تستلقي قليلاً على كنبة في الحجرة التي تلحق بها بلكونة صغيرة، ستخلد فورًا وسريعًا إلى نوم يسبق فترة السحور وأذان الفجر، فيشفق عليك أبواك من الصيام فما زلت غضًا، ثم حتى لا تحتج يوقظانك هونًا فلا تستجيب، ثم حين تصحو ويكون المقام ما قبل الظهيرة إلا قليلًا ستبدى غضبًا، أن أحدًا لم يوقظك للسحور، وسيكون ذلك داعمًا لذاتيك التي تختار وتمضى دأبا فتقرر ألا تنام كل ليالي الشهر الكريم قبل الفجر.
كانت لذلك الزمان طقوس ما برحت تتلاشى أو يتم استبدالها رويدًا، أولها طقوس إعداد الإفطار، والذى يبدأ مبكرًا، ويتم توزيع الأدوار بدقة ودون كلمات، فهذا مهمته أن يحضر الخبز الطازج يوميًا دون عذر ازدحام الأفران، كعادة متكررة يومية، طابور طويل تستغرب تمامًا أنه وبالضبط قبل دقائق من توقيت أذان المغرب ينتهى، ستعرف أنه صار مجالاً للمسامرة فترة ما بعد العصر وقبل المغرب وهى فترة اشتداد أثر الصوم، حيث يتجمع الأولاد داخل الطابور يقفون ويتحدثون وكذلك تفعل دوائر الشباب والكبار، ربما هو طابور مسامرة أكثر منه طابور انتظار الخبز طازجًا.
ثم ينطلق آخر نحو محل المخللات والطرشي البعيد نسبيًا عن البيت وحين يتأخر ليصل أيضًا مع موعد مدفع الإفطار وهو ما يتكرر كل يوم – فقد كان في موضع مسامرته الرمضانية اليومية أيضا - ينطلق نداء السخرية: "ما هو محل الطرشي اللي جنبنا كويس ولا الشيخ البعيد سره باتع" لن يواجه النداء اليومي سوى الصمت وتكرار المشوار كل يوم، وكان سره باتعًا حقًا وجدًا، فهو مخلل لذيذ مختلف، ثم لم يكن حينها قد تصدى البعض لبيان الأثر الخطير والمريع لعلاقة المخللات بالإفطار في رمضان.
يهتم ثالث بالمشروبات التي ما أكثرها والتي لم يكن قد انضم إليها مطلقا مشروبات الحملات الإعلانية التي تسعى لإقناعك أنها ومعها تكون لمة رمضان أو تستعيدها، كانت مشروبات تشبه ما ألفه الناس "تمر وخروب وعرقسوس" – لم يكن الناس قد انشغلوا أو تلبستهم أفكار "الهيلثى" الزائدة فتنطلق جدليات التحذير بأن العرقسوس على الإفطار ضار، ربما أيضا كانت ندرة وبساطة الأشياء جدارًا يقي من قلق كون صنف طعام أو كثرته تضر أو ما يأتي في السياق، تلك كانت ستبدو ترهات لو تحدث أحدهم بشأنها فالناس مشغولون بالبسيط والمتاح والذي كان لذيذًا شهيا طازجًا لم تشوبه شوائب وصفات الطعام الجاهزة والموحدة، ولم تتدخل فيه توصيات الست الطاهية وهى تقف على الشاشة تنفرد بالمشاهدين، أو يوصي به الشيف الذى صار خبيرًا فيما هو معلوم بالضرورة عند أجيال عرفت وذاقت واستطعمت.
هل يجرؤ أحد على التغيب عن مائدة رمضان اليومية بحجة ما، ينتظم طقس يومي حيث يتحلق الجميع وتمتد الأيدي مع انطلاق نداء الله أكبر، تتجه نحو المشروبات والمياه تشرب بلا توقف، تفعل ذلك فورا حتى يباغتك نداء طيب "طيب كل أي حاجة" وقتها لن تجد مكانًا لحاجة أو أي حاجة، بل تريد أن تهب مسرعًا لتلحق بمجموعة الأصدقاء الذين يتشكلون فور الإفطار على أول الشارع، هؤلاء الذين يصنعون من الشارع ساحة بهجة، يتحلقون ليفكروا ويتدبروا خريطة حضور الدورات الرمضانية المتنوعة التي تقام في الميادين وساحات المدارس المجاورة، ففي هذا اليوم سيلعب نجم فريق البلاستيك المعروف، وفى هذه الدورة يلعب ضمن فريق الأمل اللاعب المنتقل حديثًا من نادى السكة الحديد إلى الأهلي، كما أن ثلاثي خط وسط فريق إسكو سيشارك في الدورة التي تتم الساعة العاشرة في ملعب المدرسة الإعدادية، هكذا يدور المساء تتخلله فواصل الذهاب إلى محلات العصير فربما يمنحنا كوب سوبيا باردًا به قطعة ثلج كبيرة طاقة على التواصل.
سيكون أول يوم صيام هذا إيذانًا بأنك صرت كبيرًا، رجلاً، لن يصح بعد ذلك أن تنصت لنداءات أو نصائح أنك ما زلت صغيرًا على الصيام أو أنه فلتصم يومًا وتفطر آخر، في هذا اليوم ستجلس على المائدة كشخص كامل الأهلية وستمنح لك على المائدة كل طقوس واهتمام تخصص دومًا للكبار.
إعلان