مصراوي يحاور أوائل الثانوية الأزهرية في غزة: شيخ الأزهر أعلمنا بالنتيجة
كتبت-إشراق احمد:
أول أمس، أعلن وكيل الأزهر عباس شومان نتيجة الشهادة الثانوية الأزهرية، نيابة عن الدكتور أحمد الطيب، خرجت أسماء الأوائل، لكن سيرة التفوق تجاوزت حدود مصر. في غزة كان طلاب على موعد مع الفرحة حال المتفوقين هنا.
لم تكن كلا من نيفين عمران الدحدوح وأميرة فتحي مسعود تعلمان بموعد إعلان النتيجة، كان يمر يومهما بشكل تقليدي، حتى أن القلق من التصعيد الإسرائيلي، وأخبار تشييع الطفلين اللذين سقطا باليوم السابق جراء غارة جوية إسرائيلية كانت تدور في شوارع غزة. لكن الحال تبدل ظهر يوم الأحد بمكالمة تلقتها الفتاتان.
رن هاتف أميرة، نظرت إلى رقم المتصل، اندهشت لكونه مصريا وأجابت، فإذا بصوت رخيم يخبرها أنه شيخ الأزهر أحمد الطيب ويهنأها لتفوقها وحصولها على المركز الأول للشعبة الأدبية. نزلت الكلمات على الفتاة كالبرق، دمعت عيناها وتلعثمت من المفاجأة "ما كانوا محددين النتيجة هتطلع أمتى"، فضلاً عن عدم توقعها أن تكون الأولى بين زملائها بمجموع 93.3%.
أما نيفين، فرغم أن والدتها هي مَن تلقت مكالمة شيخ الأزهر على هاتفها وقت عملها، لكن الأولى على المعاهد الأزهرية، الشعبة العلمية، بمجرد معرفتها، لم تتردد في معاودة الاتصال والحديث إلى "الطيب"، الذي أخبرها "أن مجموعها أعلى مجموع في تاريخ المعاهد الأزهرية في فلسطين" حسب قولها، إذ حصلت على معدل 94.5%.
انطلقت الزغاريد ووزعت الحلوى في حي الزيتون والدرج، فرحة لم ترها الفتاتان مسبقًا "لأول مرة تيجي الصحافة وقنوات التليفزيون ع عمارتنا وحارتنا" تصف نيفين المشهد، فيما لم تكف دموع والدة أميرة عن الانسياب، كما واصل المنزلين استقبال المهنئين من الأقارب وحتى القائمين على معهد عزة الأزهري.
في غزة خمسة معاهد أزهرية، اثنان في وسط المدينة، وأخرين في خانيونس، وتم افتتاح معهد آخر في الشمال. تبدأ الدراسة الأزهرية للفتيات في المرحلة الثانوية، فيما للفتية تكون مع الإعدادية. طالما كان الأوائل مناصفة لكن هذا العام تفوقت الطالبات "معدلات الطالبات ممتازة لأول مرة تكون هيك معدلات" كما يقول محمد الحاج، مدرس الأحياء ومشرف المواد العلمية بمعهد غزة الأزهري.
يزيد إقبال الطلاب على المعاهد الأزهرية كما يضيف الحاج "للمعهد مكانة عظيمة حيث يعتبر من أقدم الصروح العلمية في غزة وبنفس الوقت لأنه مرتبط بالأزهر الشريف في مصر"، إذ تم افتتاح أول معهد أزهري في غزة بعهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، خمسينيات القرن الماضي، وقت أن كان القطاع المحاصر تحت الإدارة المصرية.
التحقت أميرة بالتعليم الأزهري مدفوعة بتجربة شقيقها الأكبر وبنات عمومتها، فضلا عن كونها حافظة للقرآن من الصغر، رغبت الأولى على الشعبة الأدبية أن تدرس المواد الدينية وكذلك الحصول على المنحة التي يحصل عليها طلبة الأزهر المتفوقين، أما نيفين، فهي أول من يدرس بالثانوية الأزهرية في أسرتها "دفعني أبي. هو من عرفني على تاريخ الأزهر وشعرت أني سأكون مختلفة في هذا المكان".
نيفين الابنة الصغرى لأسرتها، التحقت شقيقتها بالثانوية العامة، وحصلت العام الماضي على مجموع 94% وتدرس في جامعة المنصورة –مصر، فبالتبعية لازم التفوق أميرة، لكن الفتاة أرادت التفرد بشخصيتها في أرجاء مكان لا يعرفها فيه أحد "كان هدفي أني أطلع بشيء مميز وأن يكون لي أثر"، وشد أزر الفتاة حلم مسها في العام الأول من الدراسة "شوفت أن حدا بيقول لي أنت مشكاة أمل المعاهد الأزهرية"، فأسرت نيفين الرؤية في نفسها وعكفت على الدراسة.
ما كانت الأوضاع في غزة بعيدة عن الفتاتين، لكن كليهما وضع الأمل نصب عينهما، تقول نيفين إنها اعتادت التحكم في أمورها ولا تجعل كلمة ظروف سببًا لخسارتها في شيء، حتى انقطاع الكهرباء لفترات طويلة جارته بالمذاكرة على ضوء الشموع والبطاريات أو الراحة وقت غياب الضوء والمداومة بعودته، كذلك أميرة، رغم أن الغارات الإسرائيلية كانت تزيد من توترها وخوفها، لكنها اختارت التغلب على ذلك بالتركيز في المذاكرة.
لم تقرر أميرة بعد أي كلية ستلتحق بها لكن ما تعرفه "أني اتفوق في تعليمي"، فيما تلتقط نيفين أنفاسها أخيرًا بعدما تحقق حلمها "هدخل طب بشري وإن شاء الله أضل على نفس المستوى وأبقى الأولى على الدفعة خاصة في أول سنة".
فيديو قد يعجبك: