بعد الاعتداء العنصري عليه.. كيف أنصفت محكمة بريطانية طالب مصري؟
كتبت- دعاء الفولي:
منذ سبعة أشهر عاش شريف محي الدين وصديقه أسوأ يوم في حياتهما. فبينما يحتفل العالم بنهاية عام 2017 حاول الشابان الهرب بعد التعدّي عليهما من 3 أشخاص في مدينة دورهام البريطانية، كانت التجربة عصيبة؛ اُصيب أحدهما بجروح خطيرة، لذا قررا عدم التنازل عن حقهما القانوني في عقاب الجُناة، وقبل يومين فقط، أدانت المحكمة مرتكبي الواقعة.
طريق طويل قطعه الشاب المصري، الذي يدرس التنمية والاستدامة في جامعة دورهام البريطانية، لم يكن الوصول للحُكم سهلا، حذّره كثيرون من البيروقراطية و"قالوا إننا ممكن منوصلش لحاجة في النهاية"، فضلا عن مخاطر التواجد في مدينة غريبة يعيش داخلها أهل الجُناة.
ليلة الرابع والعشرين من ديسمبر، أنهى محي الدين وصديقه الفلسطيني يومهما الطويل، أرادا تمضية وقت ترفيهي "قولنا نروح بار جنب السكن نلعب بلياردو"، بمجرد أن دخلا المكان، تعدّى عليهما أحد الموجودين لفظيا، قبل أن يصرخ طالبا منهما الرحيل وهو يسب الإسلام.
وقتها أيقن محي الدين أن الأمر لن يمر بسلام، غير أن صديقه الفلسطيني حاول تهدئة الرجل، وفي النهاية اضطر الشابان للمغادرة، لكن مساحة الخطر امتدت للخارج، إذ تتبعهما الرجل واثنين من أبناءه "ضربوا زميلي اللي كان معايا لدرجة إنه فقد وعيه وبدأوا يطاردوني في الشارع"، حذّرهم محي الدين من الاتصال بالنجدة دون فائدة، وعقب 25 دقيقة من الرعب الخالص رحل المعتدون.
أيام من الخوف قضاها الطالب المصري في إنجلترا؛ أُصيب صديقه ونُقل إلى المستشفى وبقي وحيدا في المنطقة التي وقع بها الحادث "السكن بتاعي في وش البار بالظبط"، ما يعني تواجده بمحيط الجُناة، غير أن ذلك لم يكن لم يمنع محي الدين من السير في طريق القانون.
حين كتب محي الدين عن الحادث تفاعل معه الآلاف عبر موقع فيسبوك، بالإضافة للصدى الإعلامي الذي نالته القضية، رُبما ذلك ما جعل الشرطة الإنجليزية تهتم بشكل أكبر، حتى أنهم قاموا بتوظيف مُحقق خاص للقضية.
لم تكن تفاصيل القضية بسيطة، رفض مسئولو البار الإفصاح عن وجود كاميرات مراقبة خارجه، كما أن المسار القانوني مر بثلاث مراحل "الأولى إن الشرطة تحقق ثم لو فيه أدلة فلازم تروح النيابة ولو الأمر فعلا يستحق الموضوع بيوصل للمحكمة" حسبما يقول محي الدين.
لم يتمكن محي الدين من توكيل محامي "عرفت إن الموضوع هيبقى مُكلف جدا فاكتفيت باستشارة أحد المحامين في الجامعة"، اهتم الدارس العشريني بكل تفاصيل القضية "بقيت أعرف هكتب إيه للإعلام وهقول إيه في التحقيقات وهكذا"، كما تعين عليه مراعاة شئونه الشخصية "اضطريت أغيّر مكان سكني بسبب الخطورة".
نتيجة لتعسف صاحب المنزل معه "سيبت البيت وبقيت أدفع إيجاره وأنا مش موجود لأن من شروط العقد أجيب حد مكاني لو مشيت فجأة". كانت الأيام مُرهقة، لكن محي الدين لم يتنازل عن حقه "الموضوع مش أنا بس وصديقي، ده مسار لمحاربة جرائم الكراهية".
أحيانا كانت الأمور تتجه في صالح محي الدين "حد من ضباط الشرطة السابقين قاللي إنه لو حد إنجليزي حصل له كدة يمكن مكانوش اهتموا بشكل كبير"، كما أن أحد أساتذته في الجامعة دعمته بشكل متواصل، وفي المقابل كان طالب الدراسات العليا يعلم ما يريد "أنا ضد فكرة السجن لأنه بيخرّج ناس أسوأ، طلبت في المحضر اللي راح المحكمة إنهم يحصلوا على ساعات خدمة للمجتمع" وهو ما حدث بالفعل.
منذ أيام قليلة فقط انتصر محي الدين، أُدين المعتدون الثلاثة (الأب وولديه) بتهمة الاعتداء العنصري، واعترفوا أمام القاضي. حُكم على الأب بـ150 ساعة عمل مجتمعي، والابن الأكبر حصل على 100 ساعة، أما الصغير صاحب الـ19 عاما فربما يذهب إلى السجن لإدانته في قضية سابقة.
الطريق مازال طويلا، بات الشعور بالارتياح يخالج الطالب المصري "القضية إدت أمل إن العنصرية يبقى لها ردع"، ورغم الخسائر التي عانى منها محي الدين "لكن مكنتش هقبل بالإهانة أيا ما كانت النتيجة".
فيديو قد يعجبك: