ألف مهنة ومهنة.. "مصطفى" يطوف مصر لتوثيق الحرف اليدوية
كتبت-دعاء الفولي:
في منطقة الدرب الأحمر قضى مصطفى كامل طفولته؛ تربّى الشاب بين ورش النحاس، صنايعية الخيامية وأصحاب الحرف التي شارفت على الاندثار، تعلّم قيمة المهن التاريخية، لذا قرر منذ 3 سنوات أن يوثق ما استطاع منها بالصور والفيديو، وأن يعرف الناس عنها بشكل أكبر.
"كنت بنزل اتفرج على الورش كهواية بس لاحظت إن كتير منها قفل"، بدأ كامل في مقابلة أصحاب الأماكن المختلفة، سمع لمشكلاتهم، أبهره الفن بأنواعه. من شارع أمير الجيوش بمنطقة باب الشعرية بدأ الباحث الثلاثيني رحلته "لقيت هناك مئات الورش لحاجات مختلفة أهمها شغل النحاس"، ذاب الشاب في التفاصيل، قضى أكبر وقت ممكن هناك.
يعمل كامل في إحدى الوظائف الحكومية "كنت بخلص شغل وأبدأ ألف"، هاتف محمول بسيط بكاميرا هي أداته، الأمر بالنسبة له ممتع، كان يجلس مع أصحاب الورش "أتصاحب عليهم وافهم أكتر عن شغلهم وبعدين أقولهم اللي بعمله"، ورغم أن طلبه بالتصوير أو التوثيق يُقابل بالترحيب دائما، غير أنه أحيانا ما سمع كلمات يئس أصحابها من التغيير "بيقولوا لي خلاص احنا هنسيب الشغلانة.. محدش مقدرنا.. لما انت تصورنا هيحصل ايه يعني؟".
على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك نشر مصطفى الصور والمقاطع الأخرى "بقت الناس تسألني ايه ده احنا عندنا الحاجات دي؟"، مع الوقت توسع الشاب؛ ذهب لمحافظات مصرية عديدة "رحت دمنهور وثقت صناعة الحصير والشرقية صورت عملية استخدام البردي وغيرها"، حتى وصلت عدد الحرف التي وثقها إلى 150 مهنة، حينها فكّر في إنشاء صفحة على فيسبوك باسم "الطوّاف".
خلال الرحلة اكتشف صاحب المشروع مهنا غريبة بالنسبة له "مكنتش عارف إن الناس اللي بيصنعوا منابر المساجد لسة موجودين أو اللي بيصنعوا القباقيب الخشب"، باتت صفحة كامل قِبلة للتسويق لأعمال "الفنانين" الذين يقابلهم "بقى بينّا ود مش مجرد صنايعي بروح أقعد معاه وخلاص"، تعلم كامل مصطلحات الورشة وحتى آدابها "كل محل ليه كبير، وكله بيحاول يتعلم منه مينفعش ييجي واحد جديد ويحاول يركب".
دائما ما أحب كامل التاريخ، ورغم أنه درس التجارة، لكن قرر أن يدرس الآثار بكلية الآداب جامعة عين شمس، فيما استمرت رحلته في توثيق الحرف، قبل أن تأتيه فكرة جديدة مطلع العام الحالي "ليه مجيبش الناس اللي حابة تتعلم المهن دي واعرفهم بالصنايعية؟".
بالاتفاق مع أكثر من ورشة، فعّل كامل خطته "بدل ما الشباب يبقوا قاعدين على قهوة ما نحاول نعلمهم"، حاول خلق رابط بين أصحاب الورش والشباب "بقيت زي وسيط بخلي صاحب المكان يعمل لهم دورة تدريبية"، ورغم أنه لم ينفذ ذلك إلا بضع مرات "بس فيه 3 سيدات اتعلموا الخيامية وبدأوا يشتغلوا لوحدهم".
يفعل كامل كل شيء بمفرده؛ يسوّق للورش، يكتب ويصور ويتفق مع الراغبين في التدريب، يجعله ذلك في حاجة دائمة لتمويل مشروعه "عايز أصور بأدوات أكثر احترافية"، متمنيا أن تصبح هناك ورش دورية لدى أباطرة الحرف القديمة "وبعد ما تتعمل الورش الناس تعمل بنفسها منتجات ودة يتباع وهكذا".
لكن أكثر ما يرجوه صاحب مشروع "الطواف" أن يتم استخدام تلك الحرف سياحيا، حيث اصطحب منذ فترة صديقين إيطاليين "انبهروا جدا.. مكانوش مصدقين إن ده عندنا، غير إنهم اشتروا حاجات"، يتخيل لو أن ذلك تم تفعيله بشكل دائم ومنهجي "كم الفلوس اللي هتدخل لمصر ساعتها".
لم يكن كامل مرشدا للأجانب فقط، إذ قام بإلقاء عدة محاضرات، في مكتبة الإسكندرية، متحف الفن الإسلامي والمتحف المصري عن الحرف المختلفة، وحاليا يسعى لعمل كتابه الأول عن التجربة منذ بدايتها.
فيديو قد يعجبك: