بعد اعتراف الوزير.. كيف تصحح شركة الكهرباء أخطاء الفواتير؟ (معايشة)
كتبت - مارينا ميلاد
على باب شركة توزيع كهرباء شمال القاهرة، وقفت سيدة عجوز، بشرتها ولهجتها وأسئلتها التي تطرحها على المارة، تدل على أنها امرأة صعيدية، يداها تقبض على إيصالات كهرباء. يمر مواطنون ذهابًا وإيابًا حاملين أوراقهم أمامها، يختفون داخل مبني الشركة بمنطقة حلمية الزيتون، والتي تتولى مسؤولية خمس مناطق هي: الزيتون، والحلمية، والمطرية، وعين شمس، والأميرية. جاءت السيدة العجوز سميحة عبدالفهيم، من منطقة المطرية لتقدم شكواها.
على مدار الثلاثة أشهر الماضية، يطلب من سميحة أن تدفع أكثر من 150 جنيها شهرياً، وهو ما تعجز عنه بسبب ظروفها، فزوجها متوفي وليس له معاش، ولديها 3 أطفال تعولهم أختهم الكبرى. لذا تأتي كل شهر إلى الشركة لينظروا في شكواها من أخطاء الفاتورة ويخفضون المبلغ، إلا أنها لم تتذكر أن تأتي بالوصل والقراءة في الموعد هذا الشهر، ما جعلهم يتجاهلون شكواها حتى تأتي بها المرة المقبلة.
كان الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة، اعترف بوجود أخطاء في إيصالات استهلاك الكهرباء "لوجود عنصر بشري"، في إشارة منه إلى ضرورة انتهاء زمن العدادات التقليدية والكشافين وبدء تعميم منظومة العدادات مسبوقة الدفع قريبًا.
"مصراوي" خاض تجربة تقديم شكوى في مقر شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء بمنطقة حلمية الزيتون، ذهبنا إلى قسم المراجعة بفاتورة كهرباء مدفوعة تعود إلى شهر نوفمبر الماضي، وجاء المبلغ المطلوب فيها أكثر من معدل الاستهلاك لأن الشقة مغلقة.
أخذ أحد الموظفين الفاتورة، راجع القراءات الخاصة بالشقة، وعاد بفاتورة أخرى تخص شهر يناير مطلوب فيها مبلغ 19 جنيها فقط. وقال إن الفاتورة الخاصة بشهر نوفمبر كانت متوسطة الاستهلاك ولا تحمل قراءة، فربما ذهب الكشاف ولم يجد أحدًا، موضحًا أنه تم مراجعتها ومقارنتها بقراءة شهر 12 الذي دُفعت فاتورته أيضًا، ووجد زيادة في المبلغ بالفعل، فتم خصمه من فاتورة الشهر الجديد.
رئيس شركة توزيع كهرباء شمال القاهرة، ياسر محمد، يقول إن عدد مشتركي الشركة يبلغ حوالي 4 مليون ونصف مواطن، يأتي منهم ما بين 1500 لـ2000 شكوى شهريًا، 60% منها بغير حق و40 % فقط لهم حق فيها ويتم التعامل معها وحلها.
وأوضح محمد في حديثه لـ"مصراوي" أن هذه العملية لا تستغرق سوى دقائق، وأن عدد الشكاوى هو نفسه سنوياً، ولم يزد السنة الأخيرة.
ويؤكد الأمر نفسه أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، مشيرًا إلى أن الوزارة تتوسع في مشروع العدادات مسبقة الدفع والبعيدة عن العنصر البشري، وقبل أن يتم ذلك فالوزارة والشركات توفر جميع آليات استقبال الشكاوى، على أن يتم التحقيق فيها ليأتي حق المواطن.
في مقر آخر، ذهب أحمد محمد، طبيب يسكن بمنطقة حدائق القبة، إلى شركة توزيع الكهرباء التابع لها (شرق القاهرة) بحي الضاهر، وقدم شكواه الخاصة بدفع مبلغ 3 آلاف جنيه رغم أن شقته مغلفة، ويذهب إليها مرتين فقط أسبوعياً، وليس هناك استهلاك عال لأي أجهزة كهربائية.
طلب منه الموظف أن يأتي بقراءة العداد، وهو ما استجاب إليه أحمد، وبالفعل كانت قراءة العداد غير متطابقة مع المبلغ المطلوب، وهو ما جعلهم يعدلون الفاتورة له لتُخفض إلى مبلغ "500 جنيه".
وفي تصريحات سابقة لمصراوي، أقرّ الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء بأن جميع الطبقات الاجتماعية تشتكي من أسعار الكهرباء، مشيرًا إلى أنه لا تغيير فى أسعار الطاقة الكهربائية حتى يوليو 2019، حيث سيتم إقرار زيادة بعد هذا التاريخ لسداد مديونية البترول.
وتعاقدت وزارة الكهرباء مع شركة "شعاع" لتوفير الكشافين. وقال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الشهر الماضي، إن التعاقد مع شركة "شعاع" لتوفير كشافين لقراءة العدادات تنتهي بمجرد انتهاء العدادات التقليدية وبدء تعميم منظومة العدادات الجديدة مسبوقة الدفع ولم يتم تعيين أي أحد بشكل دائم والتعاقد مؤقت والعقد محدد بمدة.
وبسؤال رئيس شركة توزيع الكهرباء شمال القاهرة عن "كشافي شركة شعاع"، قال إنه "بسبب عدم وجود تعينات في الحكومة في السنوات الأخيرة، توفر الشركة العمالة، مشيرًا إلى أن المنطقة التي يتم اكتشاف تقصير فيها من جانب الكشافين، يتم إبلاغ الشركة التي من المفترض أن تفصل موظفها، وهذا يحدث شهرياً".
ترى السيدة سميحة -التي انصرفت قبل حل مشكلتها- أن جميع جيرانها يشاركونها الشكوى من ارتفاع فاتورة الكهرباء خصوصا هذا العام مع زيادة الأسعار: "إحنا بقينا عاجزين إن احنا نعمل أي حاجة".
كانت الحكومة المصرية رفعت أسعار الكهرباء في يونيو الماضي بنسب تراوحت بين 15 و42 بالمئة بالنسبة للاستهلاك المنزلي، وبنسبة ترواحت بين 29 و46 بالمئة للقطاع التجاري في إطار خطة حكومية لرفع الدعم عن الطاقة نهائياً بحلول عام 2021
فيديو قد يعجبك: