"الهدية ولا طلبات البيت؟".. معضلة الأزواج في كُل "فلانتين"
كتب- محمد مهدي:
تصوير- كريم أحمد:
وسط الصنايعية كان "إمام جميل" يتحرك داخل بيته بأكتوبر، يتابع عملهم شاردًا، مضى على تجهيز عش الزوجية أشهر طويلة جعلته منهكًا، انتبه على رنين هاتفه، اتصال من زوجته المستقبلية التي تعيش في محافظة أخرى، تسأله لماذا لم يسُافر إليها من أجل الاحتفال سويًا بعيد الحُب؟ "طبعًا مكنتش عارف إن الموضوع مُهم للدرجادي، وإنه لازم أسافر وأجيب هدية كمان" يقولها جميل متذكرًا بداية علاقته بـ "الفلانتين" وضرورة التحضير لهذا اليوم حتى بعد الزواج.
في 14 فبراير من كُل عام صار اليوم خاصا بعيد الحُب، لا توجد معلومة مؤكدة عن سِر اختيار هذا اليوم، لكن أقاويل أشارت إلى أنه هذا التاريخ يوافق إعدام القديس "فالنتين" في إيطاليا، عقابا له على رفضه لقرار من الإمبراطور كلوديوس الثاني بمنع الزواج في بلاده.
بات من الطبيعي انتشار اللون الأحمر في الأزياء والورود والهدايا داخل الشوارع المصرية خلال "الفلانتين" صار طقسًا عاديًا لدى المخطوبين حديثًا خلال هذا اليوم، لكن لا ينتبه إلى أهميته عدد من المتزوجين نظرًا لانشغالهم بصعوبات الحياة وتوفير المتطلبات الأساسية وهو ما يعرضهم لموجة من الحزن من الزوجات.
قبل الزواج لم يكن "ربيع غالي" يهتم هو وخطيبته بالفلانتين "فضلنا 3 سنين بنشوفه حاجة عادية، مش مناسبة جوهرية أبدًا" لكنه فوجيء في السنة الأولى لزواجه "مراتي استنيت إننا نحتفل باليوم، وخدت على خاطرها شوية لما نسيت" لم يفهم غالي سر الموقف الجديد "سألت كتير لكن موصلتش لإجابة" ما جعله ينتبه للأمر وضرورة تذكره في العام التالي.
تحتاج النساء إلى التدليل دائمًا كما يقول الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي، يُفسر أهمية عيد الحب بالنسبة لهن "بيكون عندهم حاجة لتصرفات معنوية، كلمة حلوة، نظرة ودودة، هدية بتأكد حب الراجل ليها وبترجم غلاوتها" يظهر ذلك خاصة في المناسبات سواء أعياد شخصية أو الفلانتين "الهدية لما تبقى غالية، دا معناه إنه بيضحي عشانها بمبلغ أو بيدور باهتمام عشان يسعدها".
لا يستنكر ذلك "جميل" خاصة أنه كما يقول شخص كريم "بس ظروف الحياة اختلفت بعد الجواز والخلفة، المسؤوليات بقيت كتيرة" يُفكر أحيانًا في الاستغناء عن الاحتفال بهذا اليوم لكنه يتراجع "لأني أدركت قد إيه بيفرق مع مراتي، وبقيت بدور كل سنة على هدية تكون مختلفة" يضطر في هذا الشهر على تقليص نفقاته الشخصية لتوفير ميزانية الهدية.
"آه طبعًا، لازم هدية في الفلانتين" تقولها "سندس علي" متحمسة، منذ أن تعرفت على زوجها وهي تعتاد على هدية خلال عيد الحُب، لم يتغير الأمر بعد الزواج وإنجابهم لطفلة "الفكرة مش في الهدية قد ما هو معنى وتعبير عن حُبه ليا" لذلك تحرص سندس على شراء هدية مناسبة له منتصف شهر فبراير.
لم تُجرب سندس "موضوع إنه ينسى دا، بس لو حصل مش عارفة هزعل ولا لا" تعتقد أنه لن يفعل ذلك "لأنها حاجة متتنسيش يعني" تتراجع بعد أن تُفكر قليلًا "أكيد هضايق بس مش هزعل أوي" تدرك تمامًا أن ضغوط الحياة تزداد وطلبات المنزل لكن "الدنيا مش هتيجي على هدية الفلانتين وتقف" بالعكس هذا اليوم فُرصة للابتعاد عن كل شيء عدا الحب.
"أوقات كمان بتبقى دي الفرصة إنه يعوضها غيابه في الشغل"وفق المهدي- تختبر السيدات آفة الانتظار، الأزواج في عملهم لساعات طويلة، يعود كلا منهم إلى بيته منهكًا، يتناول طعامه ثم يتثائب مستدعيًا النوم "مش معقول لما تيجي مناسبة هيضيعها" ولا يقتصر الأمر على سن بعينه، يزداد أحيانًا لدى سيدات في الأربعينين والخمسين من أعمارهن.
هدى درويش، سيدة أربعينية، تعرفت على "الفلانتين" منذ 3 سنوات "بهتم من وقتها إن اليوم دا يكون مختلف" أرسلت إلى زوجها ليلة أمس "رسالة كلها كلام حلو" لكنه لم يرد، انشغل بعمله وعاد إلى النوم مباشرة "طبعًا زعلت واليوم كان تقيل" كانت تنتظر ردًا جميلًا واهتمام متبادل "هو طيب ميقصدش، بس الحاجات دي بتفرق مع أي ست".
عدد من زميلاتها من السن نفسه "معندهمش فكرة عن الموضوع، يمكن بسبب المسؤوليات، بس أنا بشوف إننا لازم نستغل أي فرصة عشان نعبر عن حبنا لبعض" لماذا تطلب ذلك بعد سنوات من الزواج والعشرة وإنجاب 3 أبناء "لأن الحُب ملوش وقت معين، احنا متأكدين من اللي بينا آه بس لازم نعبر عن اللي جوانا على طول" تقول هدى إنها تُحب أولادها لكنها لا تكف عن التعبير عن ذلك " بحضن أو لمسة أو كلمة حلوة".
يتفنن جميل في شراء هدايا جديدة "وفيها فكرة" مع كُل "فلانتين" بات الأمر يُشكل صعوبة لدى الشاب العشريني "الناس كلها بقيت بتنشر على الفيسبوك هما جابوا إيه لبعض، واتعملهم إيه، فدا بيخلي طموح كل زوجة بيعلى" وهو ما أكده المهدي الذى أن وسائل الإعلام و"السوشيال ميديا" تؤثر نفسيًا على النساء "بتشوف طول اليوم كلام عن هدايا أشكال وألوان، فأكيد بتتأثر بدا وتوقعاتها بتزيد".
السيدة الأربعينية تعتبر أن "السوشيال" سر تعرفها على عيد الحُب "مكنتش أعرف عنه حاجة قبل كدا ولا مهتمة" رؤيتها على مدار ساعات في القنوات التلفزيونية حديث عن الفلانتين "أكيد خلاني أتعرف أكتر على الموضوع" لكنها توضح أنه ليس لزامًا على الزوج شراء هدية وعدم ارتباط الأمر بمقابل مادي "كفاية كلمة أو تعبير عن الحُب من خلال رسالة مثلًا".
سندس التي تتلقى من والدتها اتصالا هاتفيًا في صباح "الفلانتين" تسألها "جوزك احتفل معاكي ولا لا " توارثت الأمر عن الأم التي تهتم بهذا اليوم "الموضوع فعلًا مش واقف على هدية، المهم نفتكر بعض" هو يُفيد بأن تصبح علاقتهما أفضل. المهدي يُشدد على تلك الخطوة "مهم الراجل يفتكر يوم زي دا، ولو فيه سعادة ليهم مش هيضر أبدًا هدية لو بسيطة".
فيديو قد يعجبك: