ذئاب وثعالب وسلاحف.. مي تطوف مصر لإنقاذ الحيوانات البرية
كتبت-دعاء الفولي:
دائما ما أحبّت مي حمادة الحيوانات، لم يتوقف الأمر عند تربية القطط في منزلها، باتت تتطوع في حديقة الحيوان بالإسكندرية بشكل أسبوعي، تساعد في الرعاية، تقرأ عن حيواتهم، وتقضي أوقاتها بينهم، لا فرق لديها بين أليف أو شرس، وفي عام 2014 قررت نقل الخبرة لمساحة أوسع، أن تتحرك في اتجاهات مختلفة لإنقاذ الحيوانات البرية، محاولة قدر المستطاع إعادتها لبيئتها الطبيعية، لذا أسست فريق "الإسكندرية لإنقاذ السلاحف والحيوانات البرية".
مبادرة بسيطة بدأتها مي منذ 5 سنوات، كانت نواة للفريق "طلبت من الناس يتصوروا بورق ويكتبوا عليه رفضهم لاصطياد أو تجارة الحيوانات البرية"، لاقى اقتراحها صدى جيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي "ساعتها بدأت الناس تكلمني إنه فيه سلاحف شوفناها في سوق"، تحركت صاحبة الفريق فور سماع البلاغات "نزلت سوق عندنا في إسكندرية ولقيت سلاحف بحرية نادرة"، تفاوضت مع البائعين لتشتريها بثمن أرخص وأطلقتها في البحر.
خطوات بسيطة بدأت بها مي محاولاتها لإنقاذ ما يمكن "كنت عارفة شوية عن الإسعافات الأولية للسلاحف وإزاي ممكن أعرف إذا كانت نيلية أو بحرية"، كان إنقاذها موجها لأي حيوان "لكن السلاحف كانت أكتر حاجة بتجيلنا بلاغات عن وجودها في الأسواق في إسكندرية فكان لازم نخصص لها مجهود أكبر".
يبلغ عدد الفريق الآن حوالي 20 شخصا، تبدأ عملية الإنقاذ عادة ببلاغ لمي عن مكان الحيوان "بنعرف تفاصيل ونحاول نشوف هنشتريه ولا هنفاوض البياع يديهولنا ببلاش"، مع بداية عمل الفريق، لم تظن مي أنها ستنقذ ثعالب أو ذئاب أو قططا برية كما حدث، لكل منهم حكاية، بعض المحاولات باءت بالفشل، والأخرى تعرضت فيها مي لخطر "فاكرة مثلا حد كلمني أروح أخد قطة برية من حد، المكان كان بعيد جدا وكنت بعربيتي ومعايا أكتر من حد، لما وصلنا في عربيتين زنقوا علينا واحدة من ورانا وواحدة قدامنا"، تضحك إذ تتذكر ذلك الموقف "كنت حاسة إنه شغل عصابات زي الأفلام، وفي الآخر أخدنا القطة ومشينا".
معاناة صاحبة الفريق مع الإنقاذ تبدأ من اللحظة الأولى "الناس لحد كبير معندهاش توعية كافية بالحيوانات البرية، فممكن يقولوا لنا بلاغ ونتحرك ويطلع غلط"، كما حدث مع أحد السلاحف التي اكتشف أفراد الفريق بعد وصولهم أنها نيلية "ومش ممنوع تداولها ولا نادرة"، لكن تلك المعاناة علّمتها الكثير، فبسبب الخبرة، تسنّت لها الفرصة لإنقاذ عدة قنافذ "كان ولد كلمني وقاللي إنه يعرف حد بيبيعهم"، لم يكن لها خبرة في التعامل مع القنافذ "ساعتها اضطريت أتواصل مع جمعيات أجنبية عشان يفيدوني وقدرنا ننقذه ونوديه حديقة الحيوان".
مع الوقت، كوّنت مي شبكة علاقات واسعة "بين دكاترة بيطريين وجمعيات بتساعد وحتى وزارة البيئة"، تواصلت صاحبة الفريق مع الوزارة أكثر من مرة "بقينا ننزل أحيانا مع شرطة المسطحات عشان يضبطوا سلحفة"، ذلك التعاون لمست مي آثاره خلال السنوات الماضية "كنا ندخل الأسواق نلاقي السلاحف بتتباع عيني عينك دلوقتي قليل جدا اما بنشوف حاجة وبتبقى مستخبية".
لا يقتصر عمل مي على الإسكندرية فقط، زارت القاهرة عدة مرات ومحافظات أخرى، غير أنها تتذكر تحديدا زيارتها لطنطا منذ عدة أشهر لإصلاح صدفة سلحفاة عند طبيب مختص "مفيش غيره في مصر اللي بيقدر يصلح صدف السلاحف، ولأن البنت صاحبتها مكانتش تقدر تسافر فانا سافرت بدالها". تفعل مي معظم المهام بمفردها، حتى أنها تتكفل بعلاج الحيوانات "بنلم من بعض في الفريق". رغم ذلك، تعتريها السعادة كلما أنقذت كائنا حيا "مجرد إني أشوفه راجع بيئته بحس إنه التعب كله راح".
بالتوازي مع الإنقاذ، لا يتوقف الفريق عن التوعية بالحياة البرية "بنعمل ده في النوادي والمدارس الحكومية والخاصة وأماكن تانية"، تُقدم السيدة السكندرية معلومات عن أنواع الحيوانات، كيفية حمايتها، كيفية التعامل مع النادر منها واكتشافه، وكيفية التعامل مع البيئة والمياه "اللطيف إن الطلاب في المدارس مثلا بيستجيبوا جدا وبينبسطوا بالمعلومات"، تتذكر مي تعليقات سيئة سمعتها مع بدايات الفريق "زي جملة انتوا فاضيين ومواركوش حاجة"، غير أن تلك الجُمل انقلبت لتشجيع فيما بعد "بقوا هُما اللي يكلموني ويقولولي فيه حيوان كذا شوفيه أو لو عايزة مساعدة إحنا معاكي".
تفخر مي بما تحاول فعله، أنقذت بجهود ذاتية أكثر من 80 سلحفة بحرية، 8 طيور جارحة، ثلاث بومات، تسعة ثعالب نادرة، ذئبين، 6 قنافذ، وقطتين بريتين. مازالت مساعيها متواصلة، لا تنوي تحويل الفريق لجمعية "لأن الإجراءات معقدة وانا الأهم بالنسبة لي الشغل على الأرض"، لكنها تتمنى أن تتوقف البلاغات التي تأتيها "وميبقاش فيه أي تعامل سيء مع أي حيوان"، كما ترجو لو يتم إلغاء فكرة حدائق الحيوان "لما بننقذ نسناس مثلا بنضطر نرجعه الجنينة، دي مش بيئته الأصلية، فكدة بننقله من قفص للتاني".
فيديو قد يعجبك: