مهمة موسمية طويلة.. عمال حصاد "العنب" في عمل ممتد
كتب - عبدالله عويس وشروق غنيم:
تصوير - كريم أحمد:
أيام قليلة وينتقل محمد عبدالمجيد إلى محافظة المنيا، تاركًا مرزعة العنب التي عمل فيها لعدة أشهر في جمع الفاكهة الصيفية، ليجمعها مرة أخرى لكن من محافظة غير التي كان بها، فأنواع العنب متعددة، ووقت إثمارها مختلف كذلك، في موسم ممتد لبضعة أشهر يتكسب الشاب، هو وآخرين، من جمع ثماره فحسب.
داخل إحدى مزارع العنب على الطريق الصحراوي، يعيش محمد مع شباب آخرين يأتون منذ بداية شهر مايو وحتى نهاية أغسطس، يجمعون بعض أنواع العنب، وله 3 سنوات يأتي فيها خلال تلك الفترة إلى المزرعة، وحين يفرغون من تلك المزرعة يعودون إلى محافظة المنيا، فالعنب هناك يبدأ موسمه من أغسطس ويتهي قبل آخر أيام ديسمبر "دي شغلانتنا نلم العنب من على الشجر، ولما نخلص مزرعة في موسم معين بنشوف فاكهة تانية" يحكي ذو الـ25 عامًا، وهو على بعد أيام من السفر إلى قريته للاحتفال بعيد الأضحى قبل العودة للمزرعة مجددًا: "دي طريقة شغلنا، نخلص الفاكهة من هنا نروح لمكان تاني، أو نروح لفاكهة تانية وهكذا".
مع بزوغ الصباح تبدأ المهمة؛ يرتدي العمال ثياب العمل، يغادرون غرفهم الموجودة في المكان، وفي السادسة يتوزعون داخل المزرعة. برفق يتعامل عمران محمد مع عناقيد العنب المتدلية من شجرها قصير القامة، بالمقص يقطعها من سكنها لتستقر في مكانها الجديد؛ صناديق بلاستيكية يجمعون فيها المحصول استعدادًا لشحنه إلى الأسواق.
يُنقّح عمران، صاحب الخمسة وعشرين عامًا، كل عنقود عنب قبل قطفه، ينبذ كل ما هو معطوب، يقطعه ثم يحفر في الأرض ويدفنه "بيبقى بايظ أو بنقول عليه ميّت، بندفنه عشان نبعد الدبان عنه"، فيما يتناوب على الشجر يستشعر في البداية إذا ما كانت الثمرة قد نضجت تمامًا أم لا "لما نلاقيها استوت دي اللي بنبدأ نقطفها"، لا يحتاج الأمر مجهودًا كبيرًا ليعرف أي ثمرة عليه قطفها وهو الذي يعمل في تلك المهنة منذ عشر سنوات.
من قرية دفش التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا، جاء أغلب العمال، اعتاد عمران على تلك المهنة منذ نشأته، كذلك أدهم الشرقاوي صاحب الستة عشر عامًا، يمزح إذ اختار مهنة مختلفة قليلًا عن والده "هو بيتشغل في الخضار وأنا الفاكهة".
طيلة ساعتين يمضي العمال وقتهم مع جمع العنب، لا صوت إلا لمحرك السيارة التي تنقل الصناديق، وحركة أقادمهم على الأرض، لكن يقطع عمران الصمت السائد، يُدندن بصوته أغاني فلكلورية، ثم يغير لأغنية أخرى يألفها زملاؤه للاندماج معه "بحب حليم فدايمًا أغني لهم منه"، يقولها ثم يغني "بحلم بيك".
قرابة الثامنة صباحًا ينتهي حصادهم للكمية المطلوبة، يقبضون مائة وثلاثون جنيهًا نظير اليوم، ثم تبقى الساعات المتبقية ملِك يد للعمال، يعلمون ذلك لذا قبل سفرهم يجهزون جيدًا لوقت الفراغ، يجلب كل واحد منهم بعض احتياجاته الشخصية؛ كالشيشة، دومينو، كوتشينة، ووسماعات الصوت اللازمة للأغاني، بتلك التفاصيل يمر الوقت سريعًا بين اللعب والأحاديث "عشان لو معملناش كده الوقت هيبقى رخم، فنبلعب، نسهر، نتفرج على التلفزيون، نسمع أغاني، نقعد حتى نغني مع بعض" يحكي محمد الهواري، المسؤول عن العمال في المكان، يحافظ ابن السبعة أعوام في المهنة العلاقات الإنسانية «أهم حاجة الناس تبقى حلوة وكويسة، عشان بنقعد مع بعض فترات طويلة ممكن توصل لـ50 يوم متواصل».
فيديو قد يعجبك: