"بحلم أصنع التاريخ".. قصة "شهاب" أصغر متنافس في سباق سيارات الفورمولا3
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتبت- إشراق أحمد:
كان الصبي الأول بعد فتاتين، لكن ليس هذا ما جعله مميزًا، مبكرًا انتبه أحمد الحبسي إلى أن صغيره يهوى شيئًا مختلفًا "ينجذب للسيارات يعرف أسماءها وأنواعها".
أحب شهاب، 9 أعوام، سباقات المحركات. بخلاف أقرانه تلهّف لرؤية متسابقي سيارات السرعة. حفظ أسماءهم، وحلم أن يراهم.
لم يتوقع الفتى العماني يومًا أن يكون واحدًا من أرباب حلبات السرعة، غير أن شغفه بهذه الرياضة دفعه ليصبح أصغر متسابق عربي في مضمار بطولة الفورمولا 3 التي بدأت جولاتها أغسطس المنصرف.
8 أعوام، ويصحب الحبسي ابنه شهاب، يواصل دوره في تقديم الدعم المادي والمعنوي لصغيره، لم يكن للأب يومًا اهتمام بسباقات السيارات، فقط يلزم عمله في صناعة الحلوى العمانية وأهل بيته، لكن الحال تبدل بعدما وطئت قدما شهاب أرض نادي عمان للسيارات "كان عمره 8 سنين ونصف أول ما اتحط في الحلبة حطم الأرقام".
من سباقات الكارتينج (حلبة سباق صغيرة) في عمان، ثم الفوز ببطولة الخليج، ومنها إلى سباق العرب والشرق الأوسط، تقدم شهاب في المنافسات بسرعة لا تقل عن السيارة التي يقودها.
في البداية ومع أول فوز له ظن الأب أنه مجرد حظ المبتدئين، لكن مع السباق الرابع له استقر اليقين في نفس الحبسي "وثقت أن ابني موهوب بالفطرة". رأى الوالد بعينيه كيف تغلب ابنه الذي لم يتجاوز عشرة أعوام على المشاكل الفنية في سيارته، وتخطى الخسارة من المركز الأخير للعودة إلى الأول "كان ناس من أوروبا يشجعوني يقولوا لي عندك ابن عالمي".
أراد الحبسي لابنه شهاب أن يصبح طيارًا، لكن أمام إصرار الفتى على السير وراء قلبه صوب ما يحب، لزم الأب طريق ولده كما يقول لمصراوي "كان يثبت جدارته ورغم قلة الدعم المادي كان يثابر".
انطلق المتسابق الصغير إلى العالمية؛ حقق شهاب المركز الرابع في بطولة العالم عام 2017، أصبح أول عربي يصل لهذا المستوى في مضمار سباقات السيارات، تلقفته أيدي الرعاة "انتقلنا للاكاديمية الفرنسية للدراسة والتدريب"، كانت تلك الفرصة نقلة مهمة في مشوار شهاب، إذ لا توجد حلبات سباق في عمان، يلزم الأمر السفر إلى دول أوروبا التي تملك الإمكانيات اللازمة لأي متسابق في هذه الرياضة.
كلما تقدم شهاب خطوة، زاد حماسه نحو الحلم "أصنع التاريخ وأكون أول عربي عماني يصل لسباق الفورمولا1"، لا يلتفت صاحب السادسة عشر عامًا للخيبات المفروضة عليه "أحيانًا كنا نعود بعد خوض سباق او اثنين ولا نكمل البطولة لأن مافي دعم مادي يكفي". يقول الأب إن تكاليف المشاركة في إحدى السباقات قد تصل إلى 700 ألف يورو.
كان شهاب –رغم صغر عمره- على يقين أن مواصلة السعي هي السبيل الوحيد لبلوغ الهدف، لذا استمر في تحقيق الانتصارات، حتى التفتت إليه أنظار الداعمين من وزارة الشباب والرياضة في عمان، وشركات النفط والطيران، ساهم ذلك في توفير جانب كبير من النفقات، فيما تكفل الفتى مع أبيه في توفير ما بقدرتهم "اشتغلت مع والدي في صناعة الحلوى. منها مساعدة في المصاريف وتقوية لبدني".
لم يجد متسابق سيارات السرعة غضاضة من العمل "شهاب عارف أنه يقارع أبطال عالم وأصحاب ملايين ومقتنع أن والده صاحب حلوى عمانية بسيط لكنه عنده إصرار"، وأمام هذا يبذل الأب ما باستطاعته لدعم ابنه ولو كلفه هذا التضحية "اضطريت أوقف أخوان شهاب عن السباقات رغم أنهم حققوا فيها مراكز مثله بسبب أني اركز معاه في الانتقال من مكان لمكان وتلبية المصاريف"، يشعر الوالد بالأسى لكنه لا يندم، فقد بات الفتى قدوة لأشقائه الصبية الأصغر عمرًا منه.
اكسب المضمار شهاب الكثير "أني اتكلم مع ناس كبار واحتك مع أبطال أكبر مني في السن واسافر بروحي وأتحمل مسؤوليتي بنفسي.. شخصيتي كبرت وصرت أقوى"، طيلة الأعوام الماضية، تعلم ابن عمان كيف يتحكم في سيارة تصل سرعتها لـ250 كيلومتر في الساعة، أن يسخر إمكانياته البسيطة لصنع إنجاز كبير، لهذا حينما تفشي فيروس كورونا المستجد، لم تزد الأوضاع السيئة الفتى إلا إصرارًا.
أجهض "كورونا" كل الخطط، أُلغيت السباقات لحين إشعار آخر، بقى شهاب في المنزل بلا تدريب ولا حلبة، فقط لعبة إلكترونية يتسابق فيها داخل العالم الإفتراضي، انتظر الفتى فتح المجال للخروج إلى أوروبا للمشاركة في سباقات الفورمولا3 بعدما تأهل إليها، لكن حينما بدأت بشاير العودة، لم يكن له منها نصيب "فتحوا الحلبات للمتسابقين الأوروبين بدأوا يسوقوا"، فيما بالكاد استطاع شهاب ووالده الخروج من عمان يوليو المنصرف للمشاركة في البطولة.
"من الحجر الصحي إلى السباق" كما يصف والد شهاب، شارك المتسابق العماني في المنافسة العالمية المهمة لسباق سيارات السرعة الفورمولا3، ورغم هذا حقق درجات جيدة في الجولات الثلاثة الأولى من البطولة المستمرة حتى نوفمبر المقبل، وتستقبلها حلبات السيارات في أكثر من دولة أوروبية.
نحو 169 فوزًا بمراكز في مسابقات محلية وإقليمية وعالمية حققها شهاب على مدار ثمانية أعوام. مشوار كان فيه أبيه خير معين، فيما يتمنى المتسابق العماني أن يزيده بدرجات في الجولات القادمة تؤهله لسباق الفورمولا2، ومن ثم مسابقة الكبار، لعله ذات يوم يصبح اسم العربي العماني شهاب الحبسي بين قائمة أبطال العالم في مضمار سيارات السرعة.
فيديو قد يعجبك: