من داخل حجر كورونا.. كيف يتواصل الأهالي مع العائدين من الصين؟
كتب - محمود عبدالرحمن:
على مدى ساعات طويلة، ظل إبراهيم خليفة، مدرس مساعد بكلية الزراعة جامعة بنها، ليلة أمس، يحاول التواصل مع زوجته وطفلته العائدين ضمن أول فوج مصري تم إجلاؤه من مدينة ووهان الصينية، إلا أنه لم ينجح في ذلك إلا اليوم.
يقول الرجل: الاتصال كان انقطع معهم لحظة صعودهم الطائرة التي تنقلهم إلى مصر، وخروج الخطوط الصينية التي يحملونها عن الخدمة "مش معهم خطوط مصرية والاتصال بيهم غير متاح". قبل أن يستدرك: "اليوم اتصلوا بي، من خط مصري، وتحدثت معهم".
منتصف يناير الماضي، عاد إبراهيم خليفة إلى مصر، من أجل تسجيل الدرجة العملية التي حصل عليها، بعد 4 سنوات قضها برفقة أسرته -زوجته وابنته- بمدنية ووهان الصينية، من أجل الحصول على الدكتوراه، بينما ظلت ابنته مع زوجته هناك لعدم انتهاء الأم من دراستها، على أمل أن يعود إليهما الأب بمجرد انتهاء إجراءات التسجيل والحصول على إجازة سنوية من جامعة بنها.
فوجئ الأب عقب عودته بأيام، بانتشار فيروس "كورونا" الذي هدد أرواح قاطني المدينة التي تقيم فيها أسرته، وإعلان الحكومة الصينية وقف حركة التنقل خارج حدود ووهان.
"إحساس صعب لما تكون أسرتك في بلد كل يوم فيها وفيات"، يقولها إبراهيم، مشيرا إلى أنه ظل يبحث على مدار أسبوعين عن وسيلة تمكنه من السفر إلى مدينة ووهان للعودة بزوجته وطفلته خوفًا عليهما من الإصابة، إلا أن كل محاولاته فشلت بعدما فرضت السلطات الصينية الحظر على جميع وسائل المواصلات. وظلت أسرته داخل مسكنها "كل ما أكلم حد صاحبي صيني يقول للأسف مش عارف يخرج من منزله".
في يوم الإجلاء، حرص إبراهيم على الاتصال بزوجته وطفلته على مدار الساعة، ليؤكد عليها الالتزام بتعليمات الواقية من الفيروس، التي أوصت السلطات الصينية باتباعها. أمرها بوضع مشمع بلاستك على ملابس الطفلة لعدم إصابتها يقول "كان إحساس بالذنب/ أني اتخليت عنهم ونزلت من غيرهم، بس أعمل أيه كنت مجبر على العودة لاستلام العمل خوفا من الفصل والعودة إليهم بعد الحصول على إجازة".
ظل إبراهيم يتابع زوجته عبر الهاتف، منذ خروجها من منزلهما في ووهان والتجمع في أفواج صغيرة، من أجل ركوب الباصات للتحرك إلى المطار. "طمنيني بعد عبور الحجر الصحي في المطار ووهان"، لتكتمل فرحته بعد تلقيه مكالمة من زوجته تخبره بتجاوزها وطفلته الفحص الطبي، وأنهما ستركبان الطائرة بعد قليل.
"بعد قرار الدولة إجلاء المصريين الخوف كله راح".. يقول إبراهيم، واصفا حاله لحظة معرفته الخبر، "هما هنا في أمان، رغم إنهم في الحجر، ولسة ما شفتهمش.. واستمرارهم في الحجر الصحي لابد منه للاطمئنان".
تكليف مجلس الوزراء لوزارة الطيران المدني -الخميس الماضي- بتجهيز طائرة خاصة لإجلاء المصريين من ووهان وحجزهم لمدة 14 يوما، يراه خميس عبد القادر، باحث بمعهد بحوث الهندسة الزراعية، ووالد أحد العائدين مساندة من الدولة لأبنائها "فرحنا جدا بالقرار".
يقول الأب إن ابنه سافر ضمن منحة مقدمة من الحكومة الصينية، ومنذ ظهور وانتشار الفيروس يتابع الأخبار والتطورات التي تحدث بالمدينة التي يقطن فيها ابنه باهتمام، وكانت ترعبهم ارتفاع مؤشرات حالات الوفيات يوما بعد يوم "كنت بتصل بيه كتير جدًا، ورغم كده بيكون في قلق عليه".
زادت طمأنينة الأب، بعد تلقيه اتصالا من ابنه بمجرد وصوله مطار العلمين، يخبره بأنه بخير والأمور تسير على ما يرام، وقال: اتصل من رقمه الخاص به قبل سفره إلى الخارج، وأخبرني أنهم تحركوا إلى المستشفى التي سيقيم بها خلال فترة الحجر الصحي، "إحنا اطمنا عليهم في مصر، ويعتبر موجودين معانا حاليا".
"الحجر الصحي حاجة كويسة للتأكد من سلامة أولادنا اللي جاية من برة وحماية اللي موجودين" يعلق "خميس" على قرار إقامة العائدين 14 يوما بالحجر الصحي لفحصهم: "أنا كنت هكون قلقان من عودة ابني بدون كشف وخصوصا أن الفيروس سريع الانتشار".
"جوزي لسه مسافر من 4 شهور"، تقول أماني ضاحي، مهندسة زراعية بإدارة رومانة بشمال سيناء، وزوجة محمد أحمد، باحث بمركز بحوث الصحراء، الذي غادر مصر أواخر أغسطس الماضي إلى مدينة ووهان لاستكمال دراسته، مضيفة: "شوفت وسائل الإعلام تتداول أخبار عن الفيروس وحالات الوفاة، قلقت واتصلت بزوجي وأكد لي ما يحدث، فقلت ليه سيب كل حاجة وأرجع مصر".
تتابع أماني: زوجي كان يتصل بي ما بين لحظة وأخرى للاطمئنان علينا، وأشاد بالإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة لحظة وصولهم إلى المطار من تعقيم وفحص طبي، "قال في اهتمام كبير جدا بينا لدرجة أن الشنط تم تعقيمها".
فيديو قد يعجبك: