طلبة السنة النهائية لفنون جميلة.. 10 ساعات امتحان وخوف من "الكورونا"
كتبت-رنا الجميعي:
انتاب هبة مشاعر خوف واستياء ما إن رأت جدول امتحانات كليتها، حيث تدرس بكلية فنون جميلة حلوان، فعلى مدار 16 يومًا على الفتاة أن تذهب أكثر من نصفهم، لتقضي بكليتها مدة تصل أحيانًا لإحدى عشر ساعة، ثم تعود مُجددًا إلى مسكنها بمدينة الفيوم، في وقت يصل فيه عدد المصابين بالكورونا لأكثر من خمسة وسبعين ألف.
قامت كلية فنون جميلة في 26 يونيو الماضي بتنزيل جداول امتحان طلبة السنة النهائية، فيما أثار اعتراضات كثيرة بين الطلبة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت العديد من الهاشتاجات من بينها "مش هنموت لو ممتحناش هنموت لو نزلنا امتحانات"، و"مقاطعة امتحانات فنون جميلة حلوان"، وقامت الكلية بتعديله مرة أخرى بعد علمها بالاحتجاجات عليه.
وكان قد أقر المجلس الأعلى للجامعات أن تبدأ أعمال امتحانات السنوات النهائية بكافة الجامعات والمعاهد اعتبارًا من الأول من يوليو، ويُترك لمجالس الجامعات اعتماد مواعيد وجداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني بالكليات المختلفة بالجامعة وفقا لظروف كل جامعة على حدة.
لا تعلم هبة كيف ستذهب إلى الامتحانات في ظل المخاوف من الكورونا "والدتي ست كبيرة في السن وخايفة عليها"، فهي مضطرة للسفر يوميًا إلى كليتها بعدما تم إخلاء المدينة الجامعية بسبب الحجر الصحي، فيما تتخصص الفتاة بقسم الديكور، وعليها أن تذهب إلى الكلية لمدة ثلاثة أيام متتالية من التاسعة صباحًا إلى السابعة مساء "يعني هصحى من الفجر عشان أعرف أجي".
لم تكن تلك مشكلة هبة وحدها بل عدد آخر من الطلبة القادمين من أماكن بعيدة بالقاهرة، حيث تركب لميس ثلاث مواصلات للوصول إلى كليتها حيث تسكن بمدينة الرحاب، وتحمل همّ التعرض لمخاطر الاحتكاك بالناس خلال وسائل المواصلات، كما أنها ستحمل أدواتها الشخصية الخاصة بالامتحانات العملية "وفوق ده كله هكون لابسة كمامة ومعايا المية والأكل بتاعي"، حيث ألزمت الكلية طلابها على حمل أدواتهم الشخصية وزجاجة مياه ووجبة خفيفة، كجزء من الإجراءات الاحترازية.
تُعاني لميس أيضًا من مشكلة طبية خاصة بها مع التوتر والضغط "ضغطي بيوطى مرة واحدة فلازم أشرب طول الوقت سوايل وأكل حاجة مالحة والا يغمى عليا كل دقيقة"، تعاني الفتاة من تلك المشكلة منذ سنوات، وهي حيلة يستخدمها جسمها لأنها تكون عُرضة لنزيف بالمخ، ليس ذلك فحسب؛ تعاني أيضًا من حساسية جيوب أنفية وعليها أن تلتزم بارتداء كمامة طول الوقت، مع التزامها بالامتحان داخل أماكن ضعيفة التهوية "ولما قولنا الكلام ده للدكاترة قالولنا اتمرنوا على الكمامة 10 أيام عشان تقدروا تقعدوا في الامتحان".
قبل تعديل الجدول الأخير حاول الطلبة على مواقع التواصل إيصال صوتهم، كما تحدثوا مع أساتذتهم بالكلية، كذلك نشر اتحاد الطلبة بيان يعترض فيها على جدول الامتحانات، وتوصلوا لبعض الاقتراحات التي أرسلوها إلى عميد الكلية دكتور أحمد فؤاد هنو، وقد اقترح الاتحاد على أن تعتمد الكلية درجات أعمال السنة ومشروع التخرج، فيما يقوموا بامتحان المواد النظري عن بعد، والاقتراح الثاني كان هو أداء امتحانات العملي والنظري عن بعد.
وقد اجتمعت الكلية في 29 يونيو الماضي لبحث تلك الاقتراحات، وتوصلت لإفساح المجال بين المواد وبعضها البعض فحسب.
ضمن الطلبة المحتجين كانت نورا، التي شعرت بخيبة الأمل مع التغييرات الأخيرة "هما مختارين أسوأ الحلول"، فكل ما تغير أنها لن تنزل لثلاثة أيام متتالية للامتحانات العملي، بل يومين فقط "طب هيلحقوا يعقموا الأماكن امتى"، ثم يوم راحة فاصل، وبعدها الامتحان التالي الذي يمتد من التاسعة صباحًا إلى الثالثة عصرًا، تعترض نورا كُليةً على شكل الجدول فيما تذكر أن ذلك لم يكن مفروضًا على طلبة الدفعات السابقة "كان الامتحان بيبقى مدته شهر ونص".
وتُجرى امتحانات فنون جميلة العملي في أتيليهات كبيرة المساحة، لكنّ ما يقلق الطلبة أيضًا هل ستراعى المسافات بينهم بالفعل أم لا، فقسم ديكور به حوالي 180 طالب، ينقسم عددهم بين شعبتي فنون تعبيرية وعمارة داخلية، أما قسم العمارة فيتكون من 200 طالب، من بينهم محمود الذي لا يرضى عن شكل الامتحانات أيضًا فيقول "عندي مادتين، كل مادة مدتها 11 ساعة"، بينما يرى أنه كان من الأفضل أداء الامتحان داخل المنزل "ممكن امتحن في البيت على الكومبيوتر بدل البهدلة دي زي ما عملنا مشروع التخرج في البيت".
وفي اتصال مصراوي مع العميد دكتور هنو، قال إن الكلية قد قدّمت للمجلس الأعلى للجامعات مقترح أن يقدم الطالب ملف فيه أعماله السابقة، وأن يتم احتساب درجاته على هذا الأساس، لكن تم رفضه.
وأكمل حديثه أن هناك قرارات سيادية لا يتمكن من تغييرها "دا قرار دولة"، وما يمكن فعله هو تخفيف شكل الامتحانات تسهيلًا على الطلبة، وهو ما قامت بفعله إدارة الكلية، بحسب كلامه، "ادينا تنويه للأساتذة إنهم يخففوا المخرج النهائي اللي على الطلبة عمله، ويكون أقل من السنوات اللي فاتت، عشان يقدروا يخلصوه بدري"، كذلك تبديل المواد الكيماوية التي يستعملها طلبة قسم جرافيك، والتي يمكن أن تؤثر عليهم بسبب ارتداء الكمامة "كمان ادينا لأساتذة جرافيك تنويه إن يتم استخدام مواد مفيهاش تفاعل كيماوي وتكون التقنيات المستخدمة بسيطة".
أما بالنسبة لجدول الامتحانات المضغوط فكان لابد من ذلك، كما يذكر دكتور هنو، بسبب استقبال الكلية فيما بعد لامتحانات القدرات الخاصة بطلبة الثانوية العامة "احنا هنستقبلهم من 5 أغسطس الجاي، عشان ميبقاش فيه زحمة كتير"، فيما سيجري الطلبة امتحاناتهم منذ يوم 11 يوليو، وتستمر امتحانات بعض الأقسام حتى 11 أغسطس القادم.
أعلنت الكلية على صفحتها بالفيسبوك عن عدد من الإجراءات الاحترازية التي ستلتزم بها، كما سيلتزم الطلبة ببعض التعليمات، وهو ما أكده دكتور هنو، من بين ذلك إجراءات التعقيم المتبعة "فيه فريق تعقيم مُدرب، أول لما امتحان يخلص حتى الامتحانات اللي هتخلص متأخر، بعدها هيتم تعقيم المكان وغلقه حتى موعد الامتحان التالي".
فيما يُقدّر العميد الطلبة القادمين من محافظات أخرى، حيث قال في حديثه إن على الطالب تقديم طلب لوكيل الكلية لاستثنائه من الامتحانات، واجراء الامتحان مرة أخرى في سبتمبر القادم "الأمور فيها مرونة شديدة للطلبة، وأنا عايز أقدم لهم بيئة صالحة وهما مطمنين".
بعد تغيير شكل الجدول لا زالت الطلبة مُستاءة من النزول والتعرض لاحتمالات عديدة للإصابة بالكورونا، فيما تفهّم البعض موقف الكلية "الكلية عملت اللي تقدر عليه بس احنا خايفين على نفسنا".
*كل أسماء الطلبة مُستعارة بحسب طلب أصحابها
فيديو قد يعجبك: