"يشاهدونه لأول مرة في السينما".. حكايات عشاق فيلم الكيت كات في مهرجان القاهرة
كتبت-رنا الجميعي:
صفّقت لقاء عليّ بحرارة حين ظهرت نهاية فيلم الكيت كات في سينما الهناجر، ومن بعدها انتشرت حُمّى التصفيق داخل القاعة الساكنة بدهشة الفيلم، كانت تلك المرة الأولى التي تشاهد الشابة فيها فيلم الكيت كات على الإطلاق، ولم تعلم أنها ستخرج مُحمّلة بكل تلك المشاعر نحو الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى عام 1991.
احتفى مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ42 بمرور 30 عامًا على عرض فيلم الكيت كات لأول مرة، من خلال حلقة نقاشية لصُنّاعه وعلى رأسهم مخرج الفيلم داوود عبد السيد، وبعرض الفيلم الذي يحتل المركز رقم 24 ضمن قائمة أهم مئة فيلم في السينما المصرية.
كانت لقاء على علم باسم الفيلم قبل ذلك؛ لكنها لم تشاهده مُطلقًا، حتى أنها كانت مُحمّلة بانطباع سابق أن الكيت كات "أوفر ريتد"، لكثرة ما كُتب عنه مقالات نقدية ومُبالغة العديدين في حُبه على حد وصفها، لكنّ ذلك الانطباع انمحى تمامًا بمشاهدتها الفيلم "ده فيلم استثنائي"، كما أنها شعرت بمدى الحظّ الذي وقعت فيه كونها تراه على شاشة السينما أيضًا، وليس عبر شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر المحمول.
لم تكن تعرف لقاء عن قصة الفيلم سوى أن بطله الرئيسي "الشيخ حسني"-الذي لعب دوره محمود عبد العزيز- كفيف، ولم تتخيل مُطلقًا أنها سوف تضحك من قلبها على الإفيهات الضاحكة التي أطلقها الشيخ حسني "محدش لمّح قبل كدا من قريب ولا بعيد إن الفيلم بيضحك"، ضحكت لقاء كثيرًا عبر مشاهد الفيلم "وهي أصلًا مش افيهات، هي جمل عادية بس محمود عبد العزيز لما بيقولها بتضحك".
تأثرت لقاء برؤيتها لواحد من ممثليها المُفضلين "كان واحشني أوي محمود عبد العزيز، أنا فاكرة إنه لمّا مات كنت بعيط عشان مش هشوف له حاجة تاني"، شعرت لقاء أثناء المشاهدة بمدى اشتياقها للممثل الراحل كأنها كانت تتفرج على فيديو لم تراه من قبل لجدّها على حد وصفها "دي أكتر حاجة كانت مسيطرة عليا في الفيلم، اللي هو ازاي انت بتمثل حلو كدا".
لا تعتقد لقاء أن جمال فيلم الكيت كات كان ليحدث بدون موسيقى راجح داود، وضعت مقطوعة "بسكاليا" السحرية الفيلم داخل بُعد جمالي آخر، هذا ما شعرت به الشابة خلال مشاهد الفيلم، تحديدًا حينما قرر الشيخ حُسني ركوب الدراجة البخارية "كنا كلنا بنضحك في المشهد ده واحنا شايفين الشيخ حسني بيسوق وفجأة في نفس المشهد بدأت المزيكا تتغير واتحوّل للحظة شاعرية، خلّت جسمي يقشعر". منذ سنوات كانت مقطوعة بسكاليا تُصاحب لقاء خلال سير أيامها العادية "أنا بحبها من وأنا في اعدادي، كنت بشغلها طول الوقت"، وكانت المقطوعة الموسيقية بمثابة احتفال بلحظات ترغب لقاء في تحويلها إلى لحظة سحرية "كانت دايمًا التراك المناسب، أنا فاكرة لما شغلتها لما اشتريت فستان جديد، ووقفت أدام المرايا وشغلتها، حسيت في اللحظة دي إني أميرة".
بجوار لقاء كان يجلس زوجها أحمد فارس، وعلى النقيض منها شاهد الشاب الفيلم أكثر من 15 مرة قبل ذلك، لكنه لم يُفوّت فرصة لن تتكرر كثيرًا "أول مرة شفته من سبع سنين"، حينما بدأ الفيلم أخذ فارس في تذّكر المُشاهدة الأولى، حينها كان الشاب يعيش خارج مصر، وجاء قراره بمشاهدة الفيلم كونه لم يتفرج على أفلام عربية في صغره "وفي يوم حسيت إني عايز أشوف الفيلم ده بالذات" وقد كان، والذي أصبح واحدًا من أفلامه المفضلة.
وقتها شعر فارس بمحبّة مُتدفقة للكيت كات، "كنت برة مصر وبتشعبط في أي حاجة فيها ريحة البلد"، حتى أن الشاب تعاطف كثيرًا مع ابن الشيخ حسني -الذي لعب دوره شريف منير- ورغب في نُصحه لأنه كان متشبث بحُلم السفر خارج مصر "كنت عايز أقوله أنا بكلمك من المستقبل بلاش تسافر". ظلّت تلك الرغبة موجودة داخل فارس أثناء مشاهدته للفيلم في قاعة السينما.
كذلك كان فارس مُتعاطفًا مع الشيخ حُسني الذي لم يهتم بابنه كثيرًا "بس لو كان أبويا مش هسامحه"، حيث يرى الشاب أن أزمته مع الشيخ حُسني لأنه يرى العالم من حوله ويُنصت إليه، لكنه لم يكن يُنصت لابنه بنفس الاهتمام.
على مبعدة من لقاء وفارس، كان خلف جابر يُشاهد الفيلم أيضًا، ممُتنًا في داخله لصديقه الذي آثر أن يترك له تذكرة الفيلم التي أحضرها لنفسه "هو كان عارف أنا بحب الفيلم أد ايه فاداني التذكرة"، وجاء جابر خصيصًا لحضور الفيلم مُضحيًا ببقية الأفلام المعروضة خلال المهرجان، فقد كان فيلم الكيت كات واحدًا من بضعة أفلام حلم الشاب في مشاهدتها عبر شاشة السينما "زي فيلم الحريف وزوجة رجل مهم كمان".
شاهد جابر القادم من الصعيد الفيلم لأول مرة صغيرًا في بلدته، ورغم أنه ليس من عادته مشاهدة أي فيلم مرتين "لكن ده بالذات من الأفلام اللي شفتها كتير"، وأثناء مشاهدة الفيلم وقع في حُب المونولوجات التي قدّمها الممثلون للمرة المليون "فيه مساحات كاملة مفرودة للممثلين زي عايدة رياض وهي أدام المقام، وشريف منير وهو بيتكلم عن حلمه إنه يعزف العود"، فالخلطة الموجودة داخل الفيلم من براعة الإخراج والتمثيل والديكور والموسيقى لا تتكرر كثيرًا "كل حاجة في الفيلم عبقرية".
ومنذ صغره أحبّ جابر شخصية الكفيف "الحلنجي" على حد وصفه، دومًا ما أدهشه ذكاء والحس الساخر للشيخ حسني "وبحس إن الفيلم ده صعب يتصنف، يعني منعرفش هو دراما ولا كوميدي"، وهو ما جعله يقع في حبه منذ الصغر "بشوف إنه فيلم ينفع لأعمار مختلفة حتى لو طفل هيعجبه عشان بيضحك".
وخلال مشاهدته للفيلم لم يتخلى جابر عن نظرته لأحد مشاهده المفضلة، حينما يقوم الشيخ حسني بركوب الدراجة البخارية "فكرة المشهد الراجل الكفيف اللي بيحاول يحقق حلمه"، حيث يشعر الشاب في كل مرة بمشاعر مُختلطة، بل ومتناقضة أيضَا "فرغم إنه مشهد مضحك بس مبكي جدًا في نفس الوقت".
في منتصف الفيلم وقعت لقاء في غرام الشخصية التي أدتها عايدة رياض، "عمرها ما كانت من ممثلين المفضلين ليا"، لكنها تفاجئت بأدائها خلال الفيلم، واحترمت الشخصية التي كتب السيناريو الخاص بها داوود عبد السيد، مُقتبسًا عن رواية "مالك الحزين" لإبراهيم أصلان، تأثرت عايدة بكون الشخصية لديها حُب حقيقي تجاه ابن الشيخ حسني ولم تخجل من الدفاع عن حبها ذلك، فقد كانت أغلب الشخصيات النسائية التي شاهدتها لقاء قبل ذلك في الأفلام "إما بيجيبوا الست إنها فتاة ليل أو إنها عبيطة ومبتفهمش حاجة خالص"، وذلك على عكس ما جاءت به الشخصية التي قامت بها عايدة رياض.
مع انتهاء الفيلم خرج الجميع بمشاعر متدفقة، حاملين معهم احترام واعزاز لكل صناعه، كذلك خرجت لقاء بعيون متلألئة، وشعور بأنها أكثر الناس حظًا كونها تشاهد فيلم الكيت كات في الاحتفالية الخاصة به على شاشة السينما.
فيديو قد يعجبك: