عمال المقاهي بين إغلاق كلي وجزئي.. رمضان كورونا «غير كريم»
كتب- عبدالله عويس:
في رمضان الماضي، كان كريم عوض يجلس داخل منزله بلا عمل، فالمقهى الذي يعمل به أغلق أبوابه تماما نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا، وحين كان الرجل يزين المقهى الذي يعمل به في رمضان الجاري، لم يكن يحسب أن نهايته ستكون صعبة، وجالبة لسوء الحظ وقلة الرزق، بما أعلنته الدولة من إغلاق مبكر للمقاهي، بداية من 6 مايو الحالي.
في مارس 2020، أغلقت المقاهي والمطاعم إغلاقا جزئيا في الليل، وكان لذلك تبعات على العاملين في تلك الأماكن، والمقدر عددهم بنحو 3 ملايين ونصف المليون عامل، وكان كريم أحدهم. خُفض راتبه، وصُرف بعض زملائه من العمل مؤقتا، حتى تحول الإغلاق الكلي إلى جزئي، وكان رمضان من العام الماضي، يدخل في تلك الفترة، ليجلس الشاب في المنزل بلا عمل: «كانت فترة صعبة جدا، رمضان تحديدا مكسبه في الشغل بيبقى حلو، الناس بتفطر وتنزل على القهوة لحد السحور» يحكي الشاب ذو الـ32 عاما، والذي يعمل في مقهى بمصر الجديدة، كانت قبل كورونا تفتح أبوابها على مدار الـ24 ساعة.
«مرتبي نزل للنص، لو كنت بقبض زمان 150 في اليوم، دلوقتي 75 على طول، بس الشغل بقى رتمه هادي، ومفيش حركة زي الأول» كانت تلك كلمات كريم وهو يجهز المقهى الذي يعمل فيه بزينة رمضان، لكن حديثه اختلف كثيرا نهاية الشهر، فرغم أن نسبة الإشغالات بالمقاهي كانت الربع، ثم زادت إلى النصف، إلا أن المدة الزمنية للفتح تقلصت، وصار الإغلاق في الـ9 مساء بداية من 6 مايو الجاري، وحتى الـ21 من الشهر نفسه: «طبعا ده ليه علاقة بزيادة المصابين بكورونا، بس ده مؤذي جدا لينا، مرتباتنا بتقل ومصاريفنا هي كمان». وكانت المقاهي تغلق بعد لحظات من منتصف الليل قبل ذلك.
كانت مسلسلات رمضان، والتي تعرض في أوقات متتابعة عقب الإفطار، تجمع البعض داخل المقاهي لمشاهدتها، لكن الإغلاق المبكر المفروض على المقاهي يحول دون ذلك، والفترة التي تلي صلاة المغرب وحتى الـ9 مساء لن تكون مشجعة للنزول إلى المقاهي، بحسب أحمد جمال الذي يملك مقهى في فيصل، ورغم التزام الرجل بالإغلاق في المواعيد المحددة إلا أن ذلك لا يحدث في بعض المقاهي الأخرى في نفس المنطقة: «مش كتير بيلتزموا بالإغلاق في الموعد، في قهاوي بتفضل فاتحة لـ12، وأهو كله بيحاول يعمل مكسب قبل العيد» يحكي الرجل الذي صرف اثنين من العاملين لديه في المقهى بعد تغيير موعد الإغلاق، فذلك يعني دخل أقل: «المغرب بيأذن 6 ونص، عبال ما الزبون يكون فطر ونزل فيها 8 أصلا، فلا هيلحق يقعد ولا يشرب حاجة».
زيادة أعداد المصابين بكورونا في مصر، دفعت الحكومة لاتخاذ القرار بالإغلاق المبكر للمقاهي والمطاعم وعدد من الأماكن الأخرى، وهو أمر يعرفه وائل مصطفى، غير أنه يرى في الشهور الماضية ما لا يمكن تحمله، بالنسبة للعاملين في المقاهي مثله: «مرينا بظروف صعبة جدا، ورضينا بنص العمى، بنقفل نص الليل، ومانعين شيشة، لكن دلوقتي شغالين بنص الطاقة، وبنقفل بدري تاني، ومفيش ششية برضه» قالها الشاب الذي يحصل في نهاية اليوم على 90 جنيها، لكن المبلغ كان أكثر من ذلك قبل ظهور كورونا في مصر: «طبعا موضوع إننا مانعين شيشية لوحده ده قادر يخسرنا بشكل متتخيلوش، أكتر شغلنا كان على الشيشة أصلا مش المشاريب، فعشان كده عمالين نخسر».
لوائل 15 عاما من العمل في المقاهي، خُفض راتبه أكثر من مرة، وقلت أيام عمله كذلك، وهو أمر لا يستطيع تحمله لفترة كبيرة: «فلو كنت بقبض 90 جنيه في اليوم، دلوقتي بقى يوم ويوم، وبدل ما شهر رمضان كان بيجيلنا فيه بقشيش حلو مبقاش في حاجة خالص» قالها الشاب وهو يشير إلى عدد من المقاهي تقوم بالمخالفة بتوزيع الشيشة على الحاضرين، ولا تلتزم بالإغلاق في التوقيت المحدد: «بس صاحب القهوة بتاعتي خايف من المخالفة فبيقفل، لكن في ناس تانية عاملة من بنها».
يسكن الشاب في شقة إيجار، ويدفع شهريا نحو 700 جنيه مصروفات لطفليه ولديه طفل آخر لم يتم الـ3 سنوات بعد، وفي تلك الفترة العصيبة التي يعيشها: «كان مفروض الوقت ده من الليل الدنيا تبقى حلوة والشغل يبقى كتير، ده وقت الذروة أصلا، وأدينا بنقفل فيه».
فيديو قد يعجبك: