الاحتلال ينزع الحياة عن غزة.. كيف حال أطفال القطاع الفلسطيني في عيد الفطر؟
كتبت- شروق غنيم:
لم تفهم سارة، صاحبة العشر ربيعًا، ما مصدر الأصوات العنيفة التي تهز منزلها، انهارت باكية مُرددة "وين ماما؟"، كان شقيقها محمد أبو ركبة، حينها مُمسِكًا بهاتفه الجوال، يوثق قصف الاحتلال الإسرائيلي على أهالي شمال غزة، احتضنها وأخذ في تهدئتها "أُخبرها أن هذا طبيعي وأننا معتادون على هذا من العدو في حروبنا السابقة معه، وأن عليها ألا تخاف.. لكنني في الحقيقة أكذب عليها، ليس من الطبيعي أن نمر بكل هذا"، يقول الشاب في حديثه لموقع مصراوي.
View this post on Instagram
على مدار الأيام الماضية، توالى قصف قوات الاحتلال على أحياء متفرقة من غزة، مُستهدفًا البنايات السكنية والمدنيين، متسببًا في سقوط 126 شهيدًا، من بينهم 31 طفلًا، و20 امرأة، فيما وصل عدد الجرحى إلى 950 شخصًا، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.
كانت ليلة أمس الأسوأ على أهالي قطاع غزة، قصف عنيف وكثيف لم يشهدوه من قبل في جولات تصعيدية سابقة من قوات الاحتلال "شهدنا من قبل عدة أشكال من الغارات الجوية، لكن ما حدث بالأمس تم شّن أكثر من 400 غارة في غضون نصف ساعة على مناطق صغيرة نسبيًا، فضلًا عن أن القصف كان جوي ومدفعي وبحري في نفس الوقت".
يُضيف أبو ركبة أنه "القصف الجوي نوعًا ما يمكننا الاحتماء منهن لأنه في العادة يستهدف المطلوبين أو المناطق العسكرية أو أراضي فارغة وأحيانًا المدنيين، لكن احتمالية التضرر منخفضة نسبيًا، لكن القصف المدفعي أعمى، يستهدف كل مكان".
انتظرت الصغيرة الأمس بفارغ الصبر، إذ مع حلول عيد الفطر تتوزّع البهجة في المنزل والشوارع، إلا أن شقيقها أبى أن تنزل. في منطقة خان يونس، جنوب قطاع غزة، لم يكن الوضع مُختلفًا عن الشمال، فكانت الليلة باردة وطويلة، ومنزوعة من أي فرحة أو عيد.
لساعات حاولت الصغيرة، صاحبة الثمانية أعوام، إقناع شقيقها باسل النجار بالنزول إلى الشارع للهو احتفالًا بقدوم العيد "كانت تحكي لي ليش تحرمونا من العيد، هوا يوم بالسنة، لكن أنا كنت خايف عليها لأن القصف ما بيتوقف"، يقول الكاتب الشاب لمصراوي.
في السابق لم يكن تُخبر العائلة الصغار عما يجري "لما كان يحدث قصف، نحكي لهم أنه ألعاب نارية، أو حفلة"، لكن سماء غزة أمس لم تكن تُضيئ احتفالًا، بل إيذانًا بالدمار وحصد الأرواح البريئة "خوفًا على أختي وبسبب رغبتها في النزول للشارع للاحتفال، حكيت لها لازم تضلي بالبيت، في قصف وبيضربوا أطفال بعُمرك وأصغر منك".
على مدار أمس، تفاقم الوضع داخل غزة، أصوات القصف يُدمي الأذان، والقلوب تعتصر حُزنًا على ارتقاء الشهداء "وأكثر من يتضرر بهذا الوضع الأطفال، أختي من الناس اللي بتنام عالساعة ١٢ بالأيام العادية، هاي الأيام بتنام من المغرب عشان ما تسمع شي بالليل، أو عشان تلحق تنام شوي قبل ما يبدأ قصف".
تبدلّت أجواء العيد في منازل غزة، في خان يونس جنوب القطاع استعدت أسرة النجار بإعداد الحلوى والكعك وشراء المكسرات "لكن بعد ما حدث، شيلناهم خجلًا أنه في شهداء"، نفس الحال في الشمال حيث يقطن أبو ركبة "لم تتم أي مراسم من الأجواء.. حتى صلاة العيد لم نستطع إقامتها".
قبل ستة أعوام غادر الشاب العشريني إلى الخارج للدراسة "كانت في العيد أيضًا، وكانت أجواء مثل ما نشهدها حاليًا"، لم يحضر طوال 12 عيدًا مضوا في مدينته وبين أهله، بلهفة عاد هذا العام مُتمنيًا قضاء عيد سعيد وسالم مع أسرته "لكن الأحداث تكررت بشكل أكثر قسوة".
صباح اليوم، حاول الشاب إقناع شقيقته الصغرى ارتداء ملابس العيد حتى يُخفف عنها ما جرى بالأمس "لكنها رفضت لأننا لن نخرج"، حاول إلهائها عن ليلة الأمس الدموية من خلال مشاهدة أفلام كارتون سويًا، لكن سُرعان ما يعود القصف مُزلزلًا البيوت والنفوس.
قبل دقائق عاود القصف بعنفوان، يُشارك محمد أبو ركبة ما يحدث عبر انستجرام، لا تعلم الأسر كيف تحمي أنفسها شر بطش الاحتلال "لا يوجد ملاجئ أو أماكن إيواء في غزة تحمينا من القصف، عكس المناطق الحدودية، نحاول حين سماع القصف الجلوس في الطابق الأرضي، أو الغرف القريبة خلف الدرج.. لكننا نعلم، أن لا مكان آمن حاليًا في غزة".
يُدرك باسل النجار الأمر ذاته، تحاول الأسرة تخفيف الأحداث عن الصِغار، يشهد ذلك وسط أقران شقيقته وجيرانه "الكل يعيش نفس المعاناة، توتر وقلق للكبار.. خوف وصراخ الأطفال"، يمنع أمنيات شقيقته من الخروج للاحتفال بالعيد "الأطفال من صغرهم يكرهون الاحتلال، لأنه يحرمهم من الفرح".
فيديو قد يعجبك: