بعد أحداث الشيخ جراح.. إلى أين وصل الراب الفلسطيني؟ (تقرير)
كتبت-رنا الجميعي:
بنهاية شهر إبريل الماضي ظهرت أغنية "إن أنّ" لشب جديد وضبور، وهما مُغنيان راب فلسطيني، قفزت الأغنية حتى الآن لمرات مشاهدة وصلت لأكثر من 12 مليون شخص، لمست الأغنية قلوب كثيرين من متابعي الأحداث الأخيرة في فلسطين، المعروفة بأحداث الشيخ جراح، وقد فتحت المجال لانتشار أكبر لفناني الراب الفلسطينيين، ومعرفة المشهد الحالي.
ضبور
لم تكن أغنية "إن أنّ" -والمأخوذة على وزن بيت شعر شهير للمتنبي: "ألمٌ ألَمّ ألَمْ أُلمّ بدائه.. إِنْ أّنَّ آنٌ آنَ آنُ أوانه"- الوحيدة داخل مشهد الراب الفلسطيني، ولكنها نقطة مُتقدّمة في تاريخ بدأ منذ عام 1999 في فلسطين، كما تقول نور الدين عبد السلام، محررة قسم الأخبار في مجلة معازف المختصة بالموسيقى، فقد بدأت فلسطين في دخول مشهد الراب منذ ذلك العام، مع تأسيس فرقة دام القادمة من مدينة اللد الفلسطينية "ودي كانت تجربة لذيذة لأنها افتتحت مجال الهيب هوب الفلسطيني".
تامر نفار
وقد بدأت الفرقة في الانتشار، في العام 2000، بأغنية "مين إرهابي" التي كانت تعبيرًا عن غضب الشباب خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وفي رأي نور أن الراب الفلسطيني لم يمرّ بمراحل ثابتة من التطور "هو صحيح بدأ مع فرقة دام"، لكن الفرقة كانت تقدم راب "أولد سكول"، أي إنه كان تقليدًا للراب الأمريكي، لكن بلا هوية مُحددة بخلاف ما تراه الآن على الساحة الفنية.
لا توجد مراحل ثابتة في تطور الراب الفلسطيني كما تقول نور، حيث قفزت عدّة نقاط في مسيرتها، كانت الأبرز في الأحداث الأخيرة بحي الشيخ جراح في القدس، ولكنها بدأت منذ خمس سنوات مع ظهور الموجة الجديدة من الراب، وهو الـ"تراب"، الذي يتميز بجمل قصيرة وإيقاع سريع جدًا، وقد ظهر النوع الجديد بقدوم أسماء مثل: هيكل ومقاطعة وشب جديد وبيج سام، وآخرهم كان ضبور، وقد ساعد في ظهور الـ"تراب" وجود وعي أكبر بالموسيقى، وظهور عدد من المنتجين الموسيقيين مثل شركة "بلاتنم وسالب خمسة"، والاهتمام بتسجيل حقوق الملكية الخاصة بالأغاني، كذلك تطوّر معدات التصوير والتسجيل، تُوضّح نور أن ذلك كله جاء بمرور الوقت وفهم مغنيي الراب الفلسطينيين أنهم جزء من العالم الكبير، عكس ما حاول الإسرائيليون نفيهم، وأنهم مُحاصرون.
شب جديد
ما تتميز به أغاني الـ"تراب" هو اقتباسهم للكلمات من الحياة اليومية المليئة بالمواجهات، يُوضحون ما يمرّ به الشباب داخل فلسطين، تُعطي نور مثال بالألبوم الذي أصدره شب جديد، العام الماضي، ويسمى "سندباد الورد": "عنده اشتباك بالكلمة وطريقة الإلقاء، كلها من الحياة اليومية"، وذلك كان ملحوظ أيضًا في أغنية "إن أنّ"، فقد تم ذكر اسم لأحد السجون الإسرائيلية هو "الجلمة"، كما تم ذكر كلمة عبرية هي "بلجان"، والتي تعني فوضى، وذلك لصيق جدًا من الحياة اليومية لشباب القدس الذين يتعاملون مع الإسرائيليين، وعليهم استخدام اللغة العبرية، كما يستلهمون أيضًا من التراث الفلسطيني.
كما تلحظ نور أن هناك حالة من الدعم بين مغنيي الراب لبعضهم البعض "حفلات كتير بتصير في الداخل الفلسطيني، وبيكون فيها فقرات متعددة للمغنيين مع بعضهم".
ما يُميز أيضًا مشهد الراب الفلسطيني هو وجود نساء مثل "مكي ماكوك"، التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، وكذلك هناك "بنت حلال" التي استخدمت "المالولاله الفلسطينية"-وهو أحد أنواع الغناء الشعبي الفلسطيني وفيه تتم إضافة أحرف اللام في كل كلمة-، في أغنيتها الأخيرة التي تضامنت فيها مع أحداث الشيخ جراح.
المُلفت للنظر أيضًا أن تطوّر مشهد الراب قادم من الداخل الفلسطيني، مثل القدس التي يظهر منها ضبور وشب جديد، هيكل من رام الله، تامر نفار من اللد، لكن لا يظهر من غزة تطوّر كبير في عالم الراب، كما تقول نور، ورغم أنها لا تُحبّ المقارنة بين المدن الفلسطينية، لكنها ترى أن مدن الداخل أكثر تنوعًا بحكم انفتحاهم على ثقافات مُختلفة وإمكانية سفرهم للخارج "بعكس أهل غزة اللي محاصرين"، فأهل غزة يميلون أكثر-كما تذكر- إلى الأغنية البدوية "لأن فيها كتير قبائل بدو".
تعود نور للتحدث ثانية عن الانتشار الذي حققته أغنية "إن أنّ"، وتقول إنها أكبر دليل ليرى العالم امكانيات مغنيي الراب الفلسطينيين، وكيف تمكنوا التعبير عن وضعهم الاجتماعي وليس السياسي فقط "لأن كلماتهم حقيقية وبيعرفونا قصص مش بنعرفها، ولو قرينا ميت رواية أو شفنا ميت فيلم".
تابع موضوعات الملف:
من فلسطين إلى العالم.. كيف صار نفار "أيقونة" في عالم الراب؟
رحلة غنيم مع الراب الفلسطيني.. صعود نجم بعمر حصار غزة
صفاء حتحوت أول مغنية راب فلسطينية.. حين تقدم الموسيقى تحية للنساء (حوار)
"الراب".. سلاح آخر يستخدمه الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال
فيديو قد يعجبك: