كشف أثري وأسرار "الماء المقدس" في رسالة لمدير "آثار أسوان" (حوار)
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
حوار- محمد مهدي:
عبر مركب صغير يشق النيل كان الدكتور عبدالمنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة يتجه إلى جبل السلسلة القريب من مدينة إدفو، يتعجل الوصول إليها للانضمام إلى البعثة السويدية المنخرطة في أعمال الحفائر بالمكان، من أجل البحث عن كشف أثري جديد وإعادة صياغة تأريخ الموقع الفريد.
في عام 2015 بدأت تجربة الباحث الأثري الكبير مع المنطقة التي أُطلق عليها اسم "الماء المقدس" وتحديدا في معبد "سوبك" أو معبد رمسيس الثاني ومع المعلومات الجديدة التي حصل عليها قرر التقدم برسالة لنيل درجة الدكتوراه بكلية الآداب تخصص الآثار المصرية بجامعة أسيوط.
خلال حواره مع مصراوي تحدث مدير عام آثار أسوان والنوبة عن الرسالة وفحواها وما تضمه من معلومات قيمة وأسرار عن منطقة جبل السلسلة "الماء المقدس" وعن حكايات المكان في العصور القديمة وتفاصيل البعثات التي حضرت إلى مصر خصيصا للتنقيب عن معبد "سوبك" والكشف عن النقوش، فضلا عن الصعوبات التي واجهته قبل الخروج بتلك النتائج الجيدة.
في البداية.. لماذا قررت العمل بمنطقة جبل السلسلة تحديدا؟
كان لدي شغف خاص بمنطقة جبل السلسلة حيث أسهمت محاجرها في بناء أشهر المعابد المصرية القديمة مثل الكرنك وادفو والأقصر وغيرها، لاحتوائها على معبد مكرس لعبادة الإله سوبك الذي يعود إلى أربع مراحل زمنية منها عهد تحتمس وحتشبسوت أمنحتب الثالث ورمسيس الثاني والعصر الروماني.
كما أن الحفائر هي الشاهد الأساسي على العصور القديمة ودراستها تساعدنا في التعرف على حضارة وتاريخ من عاشوا في الماضي وكتابة التاريخ بصورة صحيحة.
كيف كانت مشاركتك في البعثة السويدية بتلك المنطقة الآثرية؟
عملت مع البعثة السويدية منذ عام 2015 كباحث عضو أساسي في فريق العمل الذي استطاع كشف الغبار عن المعبد القديم المبني من الحجر الجيري، الأمر الذي يعد فريد الحدوث داخل منطقة تعج بالحجر الرملي،
وما هي أبرز الاكتشافات التي توصلت إليها خلال التجربة؟
نجحنا رفقة البعثة السويدية التابعة لجامعة لوند في الكشف عن أساسات وبقايا معبد سوبك وتسجيل كافة الرسوم والنقوش الموجودة بالمنطقة ودراسة نقوش ما قبل التاريخ وعمل خريطة طبوغرافية للمنطقة.
ورغم تدمير الجزء العلوي من المعبد في عصور قديمة واختفاء أحجار هذا الجزء ولكننا جمعنا البقايا التي تم العثور عليها في المحيط المجاور للمعبد فضلا عن ترقيمها ونقلها إلى مخازن تفتيش الآثار مصحوبة بشرح أولى لتفاصيل كل قطعة.
من وجهة نظرك.. ما هي الجدوى الرئيسية من وراء هذا الكشف؟
ما جرى من اكتشافات في معبد "سوبك" يُعيد صياغة التاريخ من جديد لاعتقاد الجميع في السابق أن منطقة جبل السلسلة كانت مجرد محجر فقط لكننا بالبحث والتنقيب تأكدنا أنها منطقة مقدسة ذات أهمية دينية كبيرة في عصور مختلفة.
ومن خلال الرسالة التي تقدمت بها في جامعة أسيوط أظهرت أن المنطقة تعود إلى أقدم العصور، بدليل وجود نقوش صخرية تنتمي إلى فترة ما قبل العصر الحجري أي منذ 9 آلاف سنة، فضلا عن إثبات حقيقة أن المكان جرى استخدامه كورشة لتصنيع التماثيل العملاقة مثل تمثال أبو الهول غير المكتمل.
حدثنا عن الصعوبات التي واجهتك خلال إتمام رسالة الدكتوراة؟
عند الشروع في تنفيذ الرسالة بعد التسجيل في فبراير 2019 حاولت اجتياز بعض الصعوبات؛ من أبرزها عدم وجود مراجع علمية تناولت الموضوع كونه كشف أثري حديث بجانب طبيعة المنطقة الجبلية الوعرة والدمار الذي لحق بالمعبد وتسبب في عدم اكتمال النقوش المكتشفة وصعوبة دراستها لكن وفقني الله في النهاية وتمكنت من إتمام الخطوة.
ما السر خلف تسمية "جبل السلسلة" بمنطقة الماء المقدس؟
جاءت التسمية في عصر الأسرة الخامسة بالدولة القديمة كتفاخر بصفاء المياه ونقائها داخل تلك المنطقة من النيل، وأيضا كانت جزء من الإبداع الأدبي للمصريين القدماء الخاص بنهرنا الخالد الذي ظهر في إطلاق أسماء مميزة للمكان وظهور أساطير وقصص وأشعار عن الفيضان واحتفاء بوفاء النيل يُقام سنويا.
كيف ترى إسهامات البعثات الأثرية الأخرى في "جبل السلسلة"؟
بالطبع قاموا بالعديد من الخطوات الجيدة، أتذكر مثلا بعثة روسيليني في عام 1829 القادمة مع حملة نابليون، حيث بدأوا تأريخ الأبحاث عن المنطقة وقضوا عدة أيام في الضفة الغربية لجبل السلسلة وقاموا ببحث مختصر عن آثار عصر الرعامسة بالمنطقة.
أيضا بعثة ليبسوس التي عملت في عام 1883 ونقبوا خلف النقوش الصخرية التي تعود إلى عصر الأسرة الـ 18 وبعثة ليجران في 1897 التي عكفت على إجراء حفائر على نطاق ضيق في جبانة عصر ما قبل الأسرات على البر الشرقي.
كما ساهم عالم الآثار الأرجنتيني ريكاردو كامينوس في أكبر تسجيل لآثار منطقة جبل السلسلة منذ عام 1955 وحتى عام 1982، وتوافد على المكان بعثات أخرى لا تقل أهمية من مختلف دول العالم لا يمكن إغفال دورهم.
ما هي أبرز ردود الفعل التي وصلتك حول رسالة الدكتوراة؟
حصلت على مرتبة الشرف الأولى من لجنة المناقشة المكونة من أساتذة كبار في الآثار المصرية القديمة مثل الدكتور أحمد عبدالمنعم فرمان والدكتورة حنان عباس والدكتورة السويدية ماريا نيلسون كما نالت إعجاب العديد من المتخصصين في مجال الآثار.
ماذا عن الخطوات القادمة للمعبد والرسالة أيضا؟
فيما يخص الرسالة فقد تم التوصية بطباعتها في كتاب على نفقة جامعة أسيوط وتداوله بين الجامعات المصرية لأهمية ما جاء فيها، وعن المعبد ماتزال أعمال البعثة السويدية مستمرة لمزيد من التنقيب عن الحفائر واستكشاف تفاصيل جديدة عن المكان.
فيديو قد يعجبك: