سر مكتبة يحيى حقي.. على ماذا احتوت وأين تستقر الآن؟
-
عرض 1 صورة
كتبت-رنا الجميعي:
في عمر الـ 79 أهدى يحيى حقي مكتبته إلى جامعة المنيا، تحديدًا في 8 يناير 1983، حيث نال الدكتوراه الفخرية من جامعة المنيا، وحينها قرر حقي إهداء مكتبته الضخمة إليها، وذلك بحسب ما نشرته جريدة الأخبار، بتاريخ 19 يناير 1983.
لم تحتوِ مكتبة حقي على أي من مؤلفاته، كما ذكر في حواره مع نادية صالح في البرنامج الإذاعي "زيارة لمكتبة فلان"، وكان حقي يعتزّ كثيرًا بالرفّ المخصص لتاريخ مصر الحديث، ومن أهم الكتب التي وضعها في ذلك الجانب كتب أحمد تيمور، الأديب المصري البارز ، وفي ذلك الرفّ أيضًا جمّع كل الكتب الخاصة بذلك الباب؛ بدءًا من الحملة الفرنسية، حيث يرى حقي أن تاريخ مصر الحديث يبدأ منذ الحملة الفرنسية، وقتها انقسمت مصر إلى "عمة" و"طربوش"، كما قال في الحوار الإذاعي.
ومن أبرز الكتب التي احتوت عليها المكتبة كتب المؤرخ المصري، عبد الرحمن الجبرتي، الذي يراه من أهم المؤرخين المصريين، وكذلك مذكرات أحمد شفيق باشا، الذي يضع مذكراته بعد الجبرتي مباشرة، لأنه حضر فصول النزاع بين القصر والإنجليز والحزب الوطني، ويرى أنه قدم صورة بديعة عن ذلك العصر.
اهتم حقي بالكتب التاريخية التي تحوي صورًا، لذا احتوت مكتبته على الكثير منها، وذلك بسبب أن الكاتب الكبير كان يرى أن تلك الصور يتعرف من خلالها على الأشخاص صانعي الأحداث في التاريخ، مثل كتاب أحمد شفيق باشا وكتاب "وصف مصر"، كما احتوت مكتبته على كتب المؤرخ شفيق باشا غربال.
ولم يقتصر اهتمام حقي على الكُتّاب البارزين فقط، بل إنه اهتمّ بأي كتاب يجد فيها الفائدة حتى وإن كان لصبي صغير، فمثلًا امتلك كتابًا ألّفه صبي بقالي يوناني، وقد عثر على ذلك الكتاب في سور الأزبكية، وكان الكتاب يحكي عن اليونانيين في مصر، وهو أحد صور التاريخ الذي يهمّ حقي، حيث يعتقد صاحب "البوسطجي" و"أنشودة للبساطة" أن التاريخ ليس تاريخ الشخصيات الرسمية أو المشاهير فقط، بل إنه تاريخ البسطاء أيضًا.
غير معلوم عدد الكتب التي احتوتها مكتبة حقي، ففي حواره الإذاعي مع نادية صالح ذكر أن عددها ثلاثة آلاف كتاب، في حين ذكرت ابنته نهى في إحدى الحوارات الصحفية أن عددها 8 آلاف، وذكرت تقارير صحفية أخرى أن عددها 10 آلاف كتاب، وليس معروف تمامًا هل تبرّع حقي بمكتبته كلها أم بجزء منها، لكن تقرير صحفي منشور على موقع الوطن بتاريخ 25 سبتمبر 2021، تحدث عن أقسام كلية الآداب بجامعة المنيا، وذكر أن مكتبة الكلية تضم 80 ألف كتاب من بينها جزء من مكتبة يحيى حقي.
وبحسب حوار منشور في مجلة "المجلة" لابنة الكاتب "نهى يحيى حقي"، قالت فيه إنها تعيش مع 8 آلاف كتاب لوالدها، وأنها تحتفظ بهم في البيت مع كل مقتنياته وأدواته وأوراقه الخاصة ولوحاته المرسومة بريشته وتسجيلاته النادرة، وصرّحت أيضَا أن والدها تبرع بجزء من مكتبته لجامعة المنيا تقديرًا لهم على تكريمه ومنحه الدكتوراه الفخرية، وبحسب الحوار فإن نهى أهدت مكتبة الإسكندرية مجموعة من الكتب الفاخرة التي يزن الواحد منها 5 كيلوجرام، كما أنها توجهت بنداء لمن قاموا باستعارة كتب نادرة من مكتبة والدها ولم يردها بعد، ومنها كتب من أمهات الكتب في المكتبات العربية، وكذلك كتاب قديم يضم كل أعمال توفيق الحكيم، ولا يوجد نظير له.
كما خشيت نهى من ضياع مقتنيات والدها بما فيها المكتبة، التي احتفظت بها في غرفة علوية لأن المنزل لا يستوعب كل هذه المحتويات، وكانت تحلم أن تخصص وزارة الثقافة المصرية حديقة للعظماء في مختلف المجالات تضم مثل هذه الكنوز، وتضمن الحفاظ عليها.
ولد يحيى حقي في 8 يناير 1905، وهو قاص وروائي وباحث وكاتب وناقد ومترجم ودبلوماسي، وقد وُلد حقي في درب الميضة خلف مسجد السيدة زينب، وله أصول تركية.
وفي بداية حياته عمل كمعاون بوليس في منفلوط وكتب عن شخصية المحقق في "خليها على الله"، وعمل كدبلوماسي الذي التحق بالخارجية المصرية كقنصل لمصر في جدة عام 1927، ثم في اسطنبول وروما وباريس وطرابلس، هو أحد رواد القصة القصيرة في الأدب العربي الحديث، تخرج في كلية الحقوق في أعقاب ثورة 1919، وآمن بالهوية المصرية الممتدة منذ الفراعنة.
ومن أعماله "قنديل أم هاشم"، "البوسطجي"، "سارق الكحل"، "دمعة فابتسامة"، و"تعال معي إلى الكونسير"، و"كناسة الدكان"، و"أم العواجز".
وقد حصل صاحب "قنديل أم هاشم" على جائزة الدولة التقديرية سنة 1967، ومنحته الحكومة الفرنسية وسام الفارس من الدرجة الأولى عام 1983، وحصل على جائزة فيصل سنة 1989.
وفي 9 ديسمبر 1992 توفي يحيى حقي عن عمر الثامنة والثمانين، ونشرت جريدة الأهرام نعيه في العاشر من ديسمبر، وقد جاءت وصيته ساخرة كما اتسمت شخصيته "يُدفن فور موته، وألا تقام له جنازة أو يُنصب له سرادق عزاء، ولا يُنشر نعيه إلا بعد دفنه".
فيديو قد يعجبك: