هانتر مور.. من هو أكثر رجل مكروه على الإنترنت؟
كتبت- شروق غنيم:
مسلسل وثائقي من ثلاثة أجزاء من إنتاج شبكة "نتفليكس"، يحمل اسم "أكثر رجل مكروه على الإنترنت" يعيد للأضواء قصة قد تكون منسيّة في تاريخ الإنترنت القصير، أو يسمعها البعض للمرة الأولى. قصة أكثر رجل مكروه على الإنترنت، هانتر مور، وكيف عصف بضحاياه، الذين كان أغلبهم من النساء، لكن السلسلة الوثائقية تُسلط أيضًا الضوء على قضية أعمق من مجرد سرد ما فعله هانتر مور.
عام 2010 بدأت الحكاية، حينما أطلق شاب يُدعى هانتر مور موقع إلكتروني يحمل اسم "IsAnyoneUp.com"، هدفه تداول صور خاصة وحميمية عبر الإنترنت لأشخاص مختلفين دون موافقتهم، مع ربطها بحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. فجأة وبدون مقدمات، استيقظ المئات من ضحايا هانتر مور، ليجدوا صورهم الخاصة على موقعه بدون أي إذن لنشرها، مع تعليقات مُسيئة، فضلًا عن بياناتهم وأماكن دراستهم أو عملهم، وفي مقابل ذلك ربح ألاف الدولارات من نشر الصور وتضاعف الزيارات على موقعه.
بنى المسلسل الوثائقي سردية لما جرى عبر لقاءات متعددة مع الضحايا، حبيبة هانتر مور السابقة، محققين مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين تولوا القضية، صحفيين عملوا على تغطية القصة، فضلًا عمن ساهموا في ردع هانتر مور عما فعله، كُتب في نهاية المسلسل أن صناع العمل قد تواصلوا مع هانتر مور للظهور في السلسلة، أبدى موافقته في النهاية، لكن عاد ورفض المشاركة.
في أكثر من حديث صحفي وإعلامي حينها، كان يحكي هانتر مور بشكل متفاخر عن الموقع الذي أسسه، وأنه مجرد وفَّر منصّة وليس مسئولًا عن جلب تلك الصور، ورغم تواصل العديد من الضحايا معه لحذف صورهم أو إيقاف ما يحدث، إلا أنه استهان بطلباتهم ورفض، ولم يُبدٍ أي ندم بما فعله، بل أطلق على نفسه لقب "مُدمِر الحياة المهنية".
آثار نفسية بالغة لحقت بضحايا هانتر مور، خلال المسلسل يحكون كيف تضررت حياتهم، مدرسة فُصلِت من عملها، وفتاة حاولت إنهاء حياتها، لكن ثمّة أم قررت أن تقف في وجه الشرّ المُطلق الذي بدأه هذا الشاب، إنها شارلوت لوز.
سيدة أمريكية، نُشر لابنتها كايلا صورًا خاصة على الموقع في يناير عام 2012، أخبرتها الابنة بأن تلك الصور كانت فقط على بريدها الإلكتروني ولم تتداولها مع أحد، كان هذا طرف الخيط الذي وضع هانتر مور خلف القضبان في نهاية المطاف.
كان شيئًا مثيرًا للتساؤل والاستنكار، كيف نجى هانتر مور من عواقب فِعلته؟ في أكثر من حديث إعلامي تطرق مور إلى قانون آداب الاتصالات لعام 1996، والذي لا يُدين أصحاب المواقع عن المحتوى المُقدم، ودائمًا كان يدعي بأنه مجرد موفر للمنصة أما الصور فتابعيه هم من ينشروها أو يكتبون التعليقات.
لم تفهم شارلوت لوز حينها، كيف يمكن أن يفلت هذا الشاب بما يفعله، بل يجني أموالًا طائلة مقابل معاناة المزيد من النساء، أيقنت بأنه لن يُحاسب بسبب استناده لهذا القانون، لذا سعت إلى طريق آخر لكي يأخذ عقابه. آمنت شارلوت بحق السيدات في عدم نشر تلك الصور دون رغبتهن، تواصلت مع قرابة 40 ضحيّة، إذ اكتشفت حينها أن 40% منهن لم يشاركن صورهن الخاصة مع أحد، وأنها تم قرصنتها من بريدهن الإلكتروني، تمامًا مثلما حدث مع ابنتها، هنا تلقفت شارلوت الخيط الذي أنهى أسطورة هانتر مور.
إذا كان هانتر مور محميَ بقانون الاتصالات، فإن شارلوت "كنت أعلم جيدًا أن القرصنة غير قانونية"، عاشت السيدة أيامًا عصيبة، تأثرت بحكايات الضحايا، اخذت على عاتقها قرار مساعدتهن، تحولت الأم إلى مُحققة وصحفية، ذهبت بملف كامل عنهم إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي تحقق فقط في مسألة القرصنة.
تصاعدت الأحداث حينها، تلقّت شارلوت لوز التي واجهت هانتر مور بكل جرأة وشجاعة، في مقابلة تلفزيونية إلى تهديدات وصلت إلى القتل والاغتصاب من تابعي هانتر مور، ورغم ما انتابها من خوف إلا أنها لم تتراجع عن خطواتها.
في عام 2012 تنفس الضحايا الصعداء، بعدما نجح جيمس ماغبني، جندي مشاة لبحرية لولايات المتحدة، والذي أسس موقعًا لمكافحة التنمر باسم BullyVille، في شراء الموقع من هانتر مور ومحو كل البيانات التي يحملها بالكامل. "كانت لحظة انتصار بالنسبة لنا، لكن ماذا عن ردع هانتر مور ومعاقبته عما فعله؟" كان هذا ما شعرت به شارلوت لوز.
كافحت شارلوت لوز على مدار عامين حتى نجح مكتب التحقيقات الفيدرالي في العثور على دليل دامغ بتورّط هانتر مور في قرصنة البريد الإلكتروني لمئات من الضحايا لإضافة صورهم على الموقع الخاص به، في يناير 2014 تم القبض عليه وعلى تشارلز إيفينز المُقرصن الذي تعاون مع مور.
اعترف هانتر مور بالذنب، وفي عام 2015 حُكم عليه بالسجن 30 شهرًا، وُحكم على المتعاون معه إيفينز بالسجن لمدة 25 شهرًا فيدراليًا.
ربما نال الضحايا حقهم بعدما سُجن هانتر مور، وتعدى دور شارلوت لوز إلى أنها ساهمت في سّن قانونًا يحمي من تداول الصور الحميمية والخاصة في 48 ولاية أمريكية، تشعر ابنتها بالفخر لقوة أمها ووقوفها أمام هذا الشر المُطلق، لكن تُختم السلسلة الوثائقية بأنه حتى الآن لا يوجد قانون لحماية ضحايا نشر الصور الحميمية على المستوى الفيدرالي.
فيديو قد يعجبك: