رمضانك في خيمة| الحرب تدفع بآلاف اليمنيين نحو خيام الصحراء.. "ماعاد في اللمة زي الأول"
كتبت- سارة أبو شادي
عاشت جميلة الشعري حياة هادئة بسيطة رفقة زوجها وأبنائها في مدينة صنعاء باليمن، حتى اندلاع حرب 2011 ، استشهد حينها زوجها الذي كان عسكريّا بالجيش اليمني، ومع شدة القتال في المدينة نزحت إلى منزل آخر ملكًا لأحد أفراد عائلة زوجة نجلها في مدينة مأرب ، إلا أنّها لم تمكث به سوى شهرين فقط فغادرت بعدما استشهد ابنها الشاب كأبيه فهو أيضًا كان جنديّا بالجيش، مكثت "جميلة" وما تبقى من أبنائها الـ5 داخل شقة بالإيجار بالمدينة نفسها، لكن الأمر لم يسر كما كانت تأمل فلم يكن أمامها سوى الحل الأخير "النزوح للمخيم".
"كنت بالشقة لكن صاحبها ضايقنا وقطع علينا الكهرباء والمياه فاضطررنا للنزوح" تعمل "جميلة" مُعلمة بإحدى مدارس مخيم مأرب للنازحين، أم لخمسة من الأبناء توفى ابنها الأكبر عام 2017، ولم يتبقى معها سوى ثلاث بنات وولد لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، للمرة الأولى هذا العام تقضي السيدة رمضان داخل خيمة صغيرة بإحدى خيام النزوح في مدينة مأرب، رغم نزوحها للمرة الأولى عام 2017 لكنّ الأمر لم يكمن صعبًا عليها كهذا العام، في السابق خرجت من مدينة لأخرى لكن اليوم خرجت من المدينة إلى المخيمات.
هذا العام لن تكون طقوس رمضان على جميلة كعادة الأعوام السابقة، فرغم الحرب والخروج من منزلها لكنّها عاشت سنوات بمدينة أخرى توافرت بها كافة الخدمات ومواد المعيشة، لكن المخيم الذي تقطن به حاليا لا يوجد به سوى الضروريات فقط من مواد المعيشة حتى أنّ بعضها نادرًا ما يتواجد. "كانت الأسواق قريبة منا وأحيانا كنت لا أمتلك المال فأحصل من بعض المحلات بالدين ثم استلم راتبي وأسدد لكن هنا بالمخيم لا يوجد هذا الأمر".
لم تعتاد بعد جميلة الحياة بعد داخل الخيمة، في ظل صعوبة الأجواء نتيجة تواجده بمنطقة صحراوية، إضافة إلى عدم توافر المقومات الأساسية للحياة من مياه وكهرباء، لكن السيدة وأبنائها لا يمتلكون الأموال للعيش داخل المدينة من جديد، ولا خيار آخر أمامهم سوى التأقلم على الوضع الحالي، في السابق وفي أيام رمضان الأولى كان المنزل يتزين بالفراش الجديد رائحة الطعام الطيب كانت تفوح منه، بينما تجتمع العائلة حول المائدة.
اليوم وفي ليالي رمضان الأولى هطلت أمطار غزيرة على المخيم رياح شديدة كانت تدفع بالخيمة يمينًا ويسارًا، ظلت السيدة ساعات تحاول إنقاذ أغراضها التي غرقت بمياه الأمطار وأتلفت أثاثها وملابسها وأبنائها " قبل أيام سقطت الخيام وما استطعنا النوم لأن كل شئ تضرر"، حتى عائلتها باتت تقطن بمدينة تبعد مسافة طويلة عنها، فلم يعد متاحًا الذهاب إليهم أو زيارتهم نتيجة صعوبة وسائل المواصلات.
"ماعاد في اللمة زي الأول ما عاد تحسي في طعم الأكل" بالسابق كانت "جميلة" كغيرها من نساء اليمن اعتادت طبخ الشفوت و العصيدة والمرق في رمضان، لكنها اليوم، اكتفيت بالقليل من الطعام الذي تحصل عليها ولـ 6 أشهر لم تطبخ سوى اليسير منها فقط، حتى صلاة التراويح منذ وصولها للمخيم لم تؤديها نظرًا لعدم وجود مسجد أو حتى مكانًا مخصصا للنساء فالرجال يسيرون لمسافات طويلة لأداء الصلاة برمضان، لن تقوى النساء على سيرها.
تعيش السيدة حاليا على أمل الخروج من المخيم، تنتظر أن تجمع أموالًا تكفي للحصول على شقة ولو صغيرة، لكن الأموال التي تحصل عليها من عملها داخل مدرسة المخيم، تكفيها لقضاء احتياجات معيشتها فقط، خاصة وأنّها وغيرها العشرات ممن يقيمون بالمخيم لا يحصلون على دعم مادي أو حتى إعانات لفترات طويلة" المساعدات اللي بتوصلنا شحيحة ما تكفي الجميع وعلى فترات طويلة".
فيديو قد يعجبك: