الممنوعون من لقاح كورونا.. بين وباء قاتل ومرض مزمن وحلم الأمومة
كتب- محمود عبدالرحمن:
ضمن تحذيرات الدكتور المتابع لـ"حسن" وزوجته "شيماء"؛ كان التحذير من لقاح (كوفيد-19)، ممنوع أخذ أي نوع من لقاحات كورونا، قبل إجراء عملية الحقن المجهري التي يمهد لها ببرنامج علاجي؛ للتأكد من عدم وجود أي موانع تقلل من نسبة نجاح العملية، التي لجأ إليها الزوجان المقيمان بإحدى محافظات الوجه القبلي بعد ثلاث أعوام من زواجهما.
إجراء عملية الحقن المجهري، كانت الخيار الأخير لحسن وشيماء، بعد رحلة علاج استغرقت عام ونصف بين عيادات الأطباء؛ بسبب عدم الإنجاب، واستجابة لضغوط عائلية، وضعتهما في صراع نفسي وضغط عصبي: "العيب من مين؟، ما تروحوا لدكتور، اللي متجوزين بعدكم خلفوا"؛ هذه الأجواء التي يعيشها الزوجان دفعتهما للاختيار بين أمرين كلامها فيه مخاطرة.
العملية سيجريها الزوجان بالتزامن من الموجة الرابعة من وباء كورونا؛ التي تصنفها بيانات وزارة الصحة، بالأشرس والأخطر من الموجات السابقة، ويمنعهما الطبيب المعالج من تلقي اللقاح؛ لاحتمالية التأثير السلبي على عملية الإنجاب، ومن جهة أخرى يتفادى حسن وشيماء أسئلة أسرتيهما المتكررة عن أسباب تأخر الحمل، كما يروي الزوج: "الإلحاح وحش وأسئلتهم محرجة وصعبة".
"أنا ومراتي عندنا خوف من الإصابة بـكورونا، لكن دي تعليمات الدكتور"، يقول حسن الذي اختار المضي قدما في إجراء عملية الحقن المجهري، وتأجيل تلقي اللقاح، وتتفق معه زوجته شيماء التي جاءت برفقته من محافظة قنا من أجل إجراء عملية الحقن المجهري بمستشفى القصر العيني: "الضغط النفسي أكثر قسوة من ألم الإصابة بالوباء".
"شيماء" التي تخضع لإجراء العملية خلال الأيام القادمة، تعتبر واحدة من 600 حالة تجري هذه العملية سنويا بالقصر العيني وفقا لبيانات وحدة "تأخر الإنجاب" بالمستشفى الجامعي، ويقدر عدد عمليات الحقن المجهري في مصر سنويا بـ 60 ألف عملية، وفق الدكتور مدحت عامر أستاذ أمراض الذكورة بطب قصر العيني، خلال فعاليات المؤتمر الثاني لصعيد نصر للإخصاب 2017.
تحذيرات الطبيب المعالج لحسن وزوجته بعدم تلقي لقاحات كورونا، أكدته وزارة الصحة في منشور توعوي لها على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، تحذر فيه فئات محددة من تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وأرجعت هذا التحذير إلى احتمالية حدوث مضاعفات قد تعرض حياتهم للخطر.
سبب المنع يرجعه الدكتور أمجد الحداد رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، إلى عدم دخول هذه الفئات ضمن التجارب السريرية الأولية للقاحات التي صدرت تراخيص تداولها للاستخدام الطارئ؛ نتيجة إسراع الدول لتوفيرها لمواطنيها من أجل محاصرة الوباء.
وبالرغم من إجراء عدد من شركات الأدوية المصنعة للقاحات دراسات أولية، تشير إلى الاستخدام الآمن للقاحات لهذه الفئات؛ لكن منظمة الصحة العالمية لم تعتمدها حتى الأن، وفقا للحداد.
السيدات الحوامل أو الذين لديهم نية الإنجاب خلال الشهور الثلاثة المقبلة، كانوا ضمن الفئات التي حذرتها وزارة الصحة من تلقي اللقاح، ونصحت الوزارة الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المناعية والدم، وأصحاب أمراض الأعصاب والصرع والتشنجات، ومرضى الأورام والسرطانات والقلب باستشارة الطبيب قبل تلقي اللقاح.
متوسط عدد المواليد في مصر يصل إلى 2 مليون طفل سنويا، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للمحاسبات، ما يعني وجود 2 مليون أم ممنوعة مؤقتا من تلقي لقاح كورونا.
أيه شاهين، التي تنتظر مولودها في أكتوبر القادم، فضلت التشدد في الإجراءات الاحترازية، "أغلب الوقت قاعدة في البيت بعد ما أخذت إجازة بدون مرتب من الشغل"، ويقتصر خروجها على الضروريات، وتلتزم بالكمامة والكحول، وتحرص على تفادي التجمعات، خاصة بعد تحذير الطبيب من خطورة إصابتها: "في خطورة عليكي وعلى الجنين في حالة الإصابة أو تعاطي اللقاح".
في فبراير الماضي، سجلت إيه شاهين على الموقع الالكتروني الذي أطلقته وزارة الصحة، لتسجلين الراغبين في تلقي اللقاح، بعدها بأيام علمت بحملها، لتقرر تأجيل تلقي اللقاح حتى تضع مولودها؛ بعد استشارة الطبيب الذي تتابع معه حملها.
انتهت نتائج دراسات إلى عدم وجود خطورة في تلقي الحوامل للقاحات محددة؛ مثل فايز ومودرنا، بحسب الدكتور هيثم فريد، استشاري أمراض النساء والتوليد بعين شمس، لكن منظمة الصحة العالمية لم تعترف بهذه النتائج حتى الأن، متوقعًا حسم الأمر خلال الفترة المقبلة، خاصة أن مزيد من الدراسات تجري الآن.
اللقاح ممكن يسبب مضاعفات خطيرة، هكذا جاء رد الدكتور المعالج للسيدة الخمسينية وفاة عثمان، التي تعاني من قصور في عضلة القلب، مرجعًا السبب إلى حالتها الصحية المتأخرة.
وفاء عثمان، التي تعتبر واحدة من ضمن 2 مليون مصاب بأمراض القلب، وفق احصائيات جمعية القلب، تعاني منذ سنوات من مضاعفات في القلب، نتيجة عدد من المشاكل منها تمزقات متفرقة في ثلاث شرايين خضعت على إثرها للعديد من عمليات تركيب الدعامات وتحتاج حاليا لإجراء عملية قلب مفتوح "لو عملت أي مجهود بتعب جدًا"، تتذكر أخر المرات عندما تعرضت لذبحة قلبية احتجزت على إثرها بالعناية المركزة.
مرضى القلب الممنوعين من تعاطي لقاحات كورونا، هما الذين يعانون من أمراض شديدة في القلب مثل الذبحة القلبية والجلطات، بحسب الدكتور محمد أسامة، استشاري القلب ومدير معهد القلب السابق، الذي يؤكد إن اللقاح يقلل المناعة ويحدث ارتفاع في درجة الحرارة الجسم، مما يتسبب في زيادة ضربات القلب، موضحًا أن مريض القلب يعاني من قلة المناعة واللقاح يختبر ويؤثر على المناعة.
"لو عندي مريض يعاني من أمراض شديدة في القلب لازم امنعه من اللقاح"، يقول الدكتور محمد أسامة استشاري القلب، موضحًا أن الطب عمومًا يهتم بالأولويات، والأولوية هنا استقرار حالة المريض، لكن بالنسبة لحالات مرضي القلب البسيطة لا يؤثر تعاطي اللقاح على صحتهم.
فيديو قد يعجبك: